وزير العدل قال المستشار نير عثمان وزير العدل إن أولى المبادىء المستقر والمتفق عليها عالميا في شأن استقلال القضاء عن بقية سلطات الدولة، هي عدم التعليق والتعقيب على أحكام القضاء أيا كانت.. مؤكدا أن كافة الانتقادات وأعمال التعقيب التي طالت الحكم الصادر من محكمة جنايات المنيا مؤخرا بحق مرتكبي أعمال العنف والإرهاب والقتل، صدرت دون الاطلاع على أسباب الحكم والوقوف على طبيعة الاتهامات المنسوب إلى المتهمين ارتكابها. وأشار المستشار عثمان – في مؤتمر صحفي عقده اليوم لتوضيح الغموض واللبس لدى وسائل الإعلام بشأن آليات وإجراءات المحاكمات وإصدار الأحكام القضائية – إلى أن القضاء المصري هو قضاء مستقل ومشهود له بالكفاءة والعدالة والنزاهة قبل أن تعرف العديد من الدول معنى القضاء.. مشددا على أن وزارة العدل من جانبها لا تسمح بأن يتم النيل بأي قدر من هذا الاستقلال، الذي تكون أولى مبادئه عدم التعقيب على الأحكام القضائية. وأضاف وزير العدل أن القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم سوى القانون وضمائرهم، وأنه لا يملك أي مسئول في الدولة المصرية، بما في ذلك وزير العدل نفسه، أي سلطة على القاضي.. مؤكدا أن مصر لا تقبل من أي دولة من دول العالم أن تبدي رأيا أو تعترض على حكم قضائي. وقال إن الدول التي تناولت الأحكام التي صدرت عن المحاكم المصرية، هي ذاتها لا يمكن أن تقبل بأن يتم التعليق أو التعقيب أو أن يخوض أي طرف في أحكام تصدر من محاكم تلك الدول، باعتبار أن الأحكام هي "عنوان الحقيقة وتصدر من المحكمة صاحبة الشأن والاختصاص". وتساءل وزير العدل: "الجهات التي أبدت انزعاجا من الأحكام التي صدرت من محكمة جنايات المنيا، هل اطلعت على أوراق القضية والاتهامات المسندة إلى المتهمين فيها والأدلة المقدمة ضدهم ؟" وأوضح أن القانون المصري نظم طرق الطعن على الأحكام القضائية من جانب المحكوم عليهم، وأن "محاكمة الأحكام" تكون بالطعن عليها بالصور التي رسمها القانون وحده، مشددا على أن القانون كفل كافة حقوق المتهم في الدفاع عن نفسه أثناء محاكمته حضوريا. وفيما يتعلق بالحكم الصادر من محكمة جنايات المنيا قبل عدة أيام.. قال المستشار نير عثمان وزير العدل إن الأحكام التي صدرت سواء بالإعدام أو العقوبة السالبة للحرية، جاءت في معظمها بحق متهمين هاربين، وأن عقوبة الإعدام لم تصدر سوى بحق 37 متهما فقط منهم، وأن بقية المتهمين وعددهم 491 متهما صدرت ضدهم عقوبات بالسجن المؤبد. وأكد وزير العدل أن قرار الإحالة لمتهمين آخرين ( 683 متهما) في قضية ثانية إلى مفتي الديار المصرية، هو ليس "حكما قضائي" وإنما هو "قرار" إجرائي أوجبه القانوني في شان استطلاع الرأي الشرعي قبل إصدار حكم بالإعدام.. مشيرا إلى أن السواد الأعظم من هؤلاء المتهمين هاربون وجرت محاكمتهم غيابيا. وأضاف أن القانون وضع العديد من الضمانات التي تكفل المحاكمة القانونية العادلة والمنصفة للمتهم الصادر ضده حكم غيابي بالإعدام حينما يتم ضبطه أو حين يقوم بتسليم نفسه، حيث تتم إعادة إجراءات محاكمته من جديد منذ البداية في محاكمة حضورية يكفل له فيها حق الدفاع وإبداء ما يعن له من دفوع وطلبات ومرافعات وأوجه دفاع.. مؤكدا أن القانون أحاط عقوبة الإعدام على وجه التحديد بضمانات مكثفة حرصا على حق المحكوم عليه. وأوضح أن وزير العدل أن طرق الطعن على الأحكام حددها القانون باعتبار أن القاضي بشر وليس منزها عن الهوى والخطأ، ومن ثم وجدت درجات التقاضي الأعلى لتصحيح وتصويب الأخطاء التي قد تعتري الأحكام القضائية. وأكد المستشار نير عثمان أن عقوبة الإعدام على وجه التحديد والخصوص، أحاطها المشرع بضمانات مشددة، من بينها أنه سواء أقام المحكوم عليه (المدان حضوريا) طعنا أمام محكمة النقض على الحكم، أو لم يتقدم بطعن عليه، فإن النيابة العامة، وعلى الرغم من كونها تمثل الادعاء العام قبل المتهمين، تكون ملزمة بأن تعرض أوراق القضية التي تتضمن المحكوم عليه بالإعدام، على محكمة النقض بصورة تلقائية، ومرفق بها مذكرة رسمية بطلب نظر القضية لإصدار حكم بات فيها، سواء بنقض "إلغاء" الحكم وإعادة محاكمة المتهمين من جديد أمام محكمة جنايات غير التي أصدرت حكمها بالإدانة، أو تأييد الحكم. وأشار إلى أن حيثيات الحكم وحدها عقب إيداعها، هي الكفيلة بتوضيح الصورة كاملة في شأن الأسانيد التي ارتكنت إليها المحكمة في إصدار أحكامها، وأنه لا يمكن لأي شخص أن يقول "كيف ولماذا صدر هذا الحكم" إلا بعد إيداع أسبابه من المحكمة التي أصدرت الحكم. وذكر المستشار نير عثمان أن وزارة العدل لا تتوانى عن تقديم أي معلومات مطلوبة إلى وزارة الخارجية، لتوضيح الصورة الكاملة ليس من قبيل الدفاع وإنما لإزالة اللبس والغموض الذي قد يتعلق بفهم طبيعة عمل السلطة القضائية، تأكيدا لاستقلال القضاء المصري وشرح الصورة الحقيقية أمام المحافل الخارجية، وأن القضاء المصري يرفض أي تدخل أجنبي سواء من الدول أو المنظمات في أحكامه. وقال المستشار عثمان أن المحاكمات يذاع جانب كبير منها على الهواء في شاشات التلفزيونات، وجلساتها علنية، ونرى جميعا كيف يتم إتاحة كافة الحقوق للمتهمين في إبداء دفاعهم ودفوعهم وطلباتهم واستجابة المحاكم إليهم باعتبار أن هذا الأمر مقرر قانونا، وما قد تشهده أيضا بعض جلسات المحاكمات من تطاول بعض المتهمين على القضاة وقيام القضاة بالترفع عن تلك الإهانات وعدم الدخول في خصومات مع المتهمين. وأكد وزير العدل أن مصر من أكثر الدول التي تحترم حقوق الإنسان والتي تسمح للمنظمات المحلية والأجنبية بتفقد أوضاع السجناء وحضور المحاكمات، بحرية تامة.