كشفت صحف أمريكية تفاصيل خطة مخابراتية أمريكية أوكرانية لإنهاء الحرب «الأوكرانية – الروسية»، بشروط مقبولة لروسيا والشعب الأوكراني، وتم الاتفاق على تفاصيلها خلال زيارة سرية لرئيس المخابرات الأمريكية إلى كييف لعقد مناقشات مكثفة مع الرئيس الأوكرانى زيلينسكى ومساعديه للبحث عن مخرج من الحرب بنهاية العام الجارى فى ضوء المستجدات التى تفرضها النتائج غير المرضية للغرب للهجوم الأوكرانى المضاد، المصحوبة بانتقادات جنرالات الجيش الأمريكى وتوقعات بفشل الهجوم المضاد، وذلك بالتزامن مع إجهاض السلطات الروسية لتمرد فاجنر. وعلى صعيد متصل، أكدت التقارير التى أوردتها الصحف الأمريكية أن قوة خطوط الدفاع الروسية وإحكام سيطرة روسيا على الأقاليم التى تم الاستيلاء عليها، فى مقابل انقسامات دول حلف الناتو حول دعم أوكرانيا خلال المرحلة المقبلة، تمثل اعتبارات شديدة الأهمية فى الدفع نحو البحث عن مخرج من الحرب. صفاء مصطفى وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، خلال تقرير استقصائى تداولته الصحف الأمريكية تفاصيل زيارة «وليام بيرنز»، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فى رحلة سرية إلى أوكرانيا لمناقشة خطة نهاية الحرب مع المخابرات الأوكرانية، مشيرة إلى أن رحلة «بيرنز» التى لم يتم الإبلاغ عنها من قبل، شملت اجتماعات مع الرئيس فولوديمير زيلينسكى وكبار مسئولى المخابرات الأوكرانية، وجاء ذلك فى لحظة حرجة من الصراع حيث تكافح القوات الأوكرانية لاكتساب ميزة مبكرة فى هجومها المضاد الذى طال انتظاره، لكنها لم تنشر بعد معظم ألوية الهجوم التى دربها وجهزها الغرب. وأضافت أنه خلال اجتماعات فى كييف، تم إخبار وليام بيرنز بالهدف الطموح لأوكرانيا لاستعادة الأراضى ودفع موسكو إلى المحادثات بحلول نهاية العام، ووفقا للصحيفة، قال مسئول أمريكى اشترط عدم الكشف عن هويته تعقيبا على الزيارة غير المعلنة: «سافر المخرج بيرنز مؤخرًا إلى أوكرانيا، كما فعل بانتظام منذ بداية العدوان الروسى الأخير منذ حوالى عام ونصف. وأضاف المسئول أن الغرض من الزيارة السرية هو إعادة تأكيد التزام إدارة بايدن بتبادل المعلومات الاستخباراتية لمساعدة أوكرانيا فى الدفاع عن نفسها. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز أعرب المسئولون الأوكرانيون عن إحباطهم من منتقدى وتيرة الهجوم المضاد حتى الآن، وخاصة جنرالات الجيش الأمريكي، إلا أنه فى المقابل على المستوى الخاص، نقل المخططون العسكريون فى كييف إلى «بيرنز» وآخرين ثقتهم المتفائلة فى هدفهم لاستعادة مناطق كبيرة بحلول الخريف، عبر الخطة التى تعتمد على تحريك أنظمة المدفعية والصواريخ بالقرب من خط حدود شبه جزيرة القرم التى تسيطر عليها روسيا؛ والاندفاع أكثر نحو شرق أوكرانيا؛ ثم فتح مفاوضات مع موسكو للمرة الأولى منذ انهيار محادثات السلام فى مارس من العام الماضى، وفقًا لثلاثة أشخاص مطلعين على التخطيط. وبحسب الصحيفة قال مسئول أوكرانى رفيع: «لن تتفاوض روسيا إلا إذا شعرت بالتهديد». وطرحت الصحيفة الأمريكية العديد من التساؤلات حول ما إذا كان بإمكان أوكرانيا تنفيذ هذه الخطط، فى مثل هذا الجدول الزمنى المقتطع، وامتنعت وكالة المخابرات المركزية عن التعليق عندما سئلت عن تقييم بيرنز لاحتمالات الهجوم. وفى سياق متصل، أشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إلى أن رحلة مدير المخابرات الأمريكية السرية إلى أوكرانيا جاءت قبيل التمرد المجهض لزعيم المرتزقة الروسى «يفغينى بريغوجين»، ضد مؤسسة الدفاع الروسية، وقال المسئول الأمريكى إنه على الرغم من أن أجهزة المخابرات الأمريكية اكتشفت فى منتصف يونيو أن «بريغوزين» كان يخطط لهجوم مسلح من نوع ما، إلا أنه لم يتم مناقشة هذه النتائج خلال الاجتماعات مع زيلينسكى وآخرين. وبحسب الصحيفة أكد مسئولو إدارة بايدن مرارًا أن واشنطن وكييف لا علاقة لهما بالمسيرة الفاشلة إلى موسكو، وهو تحد نادر للرئيس الروسى فلاديمير بوتين وصفته الولاياتالمتحدة بأنه شأن داخلى، لافتة الى أنه فى محاولة لتعزيز هذا الخط، أجرى «بيرنز» مكالمة هاتفية مع نظيره الروسى، «سيرجى ناريشكين»، بعد الحدث مباشرة وأكد أن الولاياتالمتحدة ليست متورطة بأى شكل من الأشكال. ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية يواجه الرئيس الأوكرانى «زيلينسكي» وقادته العسكريون، فى مواجهة القوات الروسية الراسخة فى الأجزاء التى يسيطر عليها الروس فى شرق وجنوب أوكرانيا، ضغوطًا غير عادية من الدول الغربية التى زودت كييف بمليارات الدولارات من الأسلحة المتقدمة والتدريب قبل الهجوم المضاد. وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا تكبدت خسائر فادحة حيث تبحر قواتها وعرباتها المدرعة فى حقول ألغام كثيفة وخنادق محصنة عبر منطقة مفتوحة على مصرعيها. تركت التضاريس الصعبة القوات عرضة للغارات الجوية والهجمات الصاروخية الروسية، لافتة إلى أن الرئيس الأوكرانى «زيلينسكى» أقر بأن الهجوم المضاد يسير «أبطأ مما هو مرغوب فيه» ، وأكد المسئولون تدمير بعض دبابات ليوبارد 2 ومركبات برادلى القتالية المقدمة من الغرب. وفى مقابل هذه التصريحات، قال وزير الدفاع الأوكرانى «أوليكسى ريزنيكوف» ردا على المتشككين والانتقادات الموجهة إلى الهجوم المضاد إن «الحدث الرئيسى» لم يأت بعد، فى حين أن القائد العسكرى الأعلى فى البلاد، الجنرال. «فاليرى زالوجنى» دعا إلى التحلى بالصبر، قائلاً إن الهجوم «يتم تنفيذه» بجدية قدر الإمكان. وقال زالوجنى، رداً على شكاوى من أن الهجوم المضاد لم يتقدم بسرعة: «هذا يزعجني»، وصرح لصحيفة واشنطن بوست،: «نعم، ربما ليس بالسرعة التى يريدها المراقبون، لكن هذه هى مشكلتهم». وتعقيبا على هذه التصريحات والخطة الأوكرانية لإنهاء الحرب قال محللون عسكريون إن هدف أوكرانيا المتمثل فى فرض مفاوضات طموحة بالنظر إلى الدفاعات الروسية المحصنة، غير وارد. وفى هذا الصدد قال روب لى، المحلل العسكرى فى فورين بوليسى: «من المحتمل أن يتمكنوا من قطع الجسر البرى إلى شبه جزيرة القرم ، إما عن طريق الاستيلاء على التضاريس أو وضعها فى نطاق صواريخ «HIMARS» والمدفعية الأخرى، لكن الكثير يعتمد على مستوى الاستنزاف». ولفت «روب لى» إلى التحديات التى تواجه خطط أوكرانيا للسيطرة على شبه جزيرة القرم قائلا: «المشكلة هى أن روسيا قد زرعت عددًا كبيرًا من الألغام، أمام وخلف خط الدفاع الرئيسي، وحتى لو تمكنت أوكرانيا من تحقيق اختراق، فسوف يستغرق الأمر وقتًا لاستغلاله. قد يستغرق الأمر أسابيع ، وقد يستغرق شهورًا». أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية وفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر أن المسئولين الأوكرانيين يهدفون إلى نشر أسلحة بعيدة المدى بالقرب من شبه جزيرة القرم بهدف الحصول على اليد العليا فى مفاوضات السلام المستقبلية مع روسيا. ووفقًا للصحيفة، أطلعت القيادة الأوكرانية رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «ويليام بيرنز»، على الخطط خلال رحلته السرية إلى كييف، التى ناقش فيها هذه القضايا مع الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى. وبحسب تقارير أوردتها الصحيفة أن الرئيس الأوكرانى زيلينسكى ومساعديه يخططون لإنهاء القتال «بشروط مقبولة لروسيا والشعب الأوكراني»، وأنه لتحقيق ذلك ، يأملون فى اكتساب نفوذ على موسكو من خلال استعادة «أراضى كبيرة بحلول الخريف»، و«فى سيناريو مثالى»، يتم تثبيت أنظمة مدفعية وصواريخ على الحدود مع شبه جزيرة القرم ، حيث يقع المقر الرئيسى لأسطول البحر الأسود الروسى. وأكدت الصحيفة أن خطط المخابرات الأوكرانية التى ناقشتها مع رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «ويليام بيرنز» تشير إلى أن كييف، تخطط ل «احتجاز شبه جزيرة القرم كرهينة»، بهدف «فتح مفاوضات» مع روسيا ومن ثم يطالب «روسيا بقبول أى ضمانات أمنية تمكن أوكرانيا من تأمين حدودها مع روسيا وأشارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إلى أن الحصول على تلك الضمانات من روسيا كانت مهمة شاقة خاصة فى ظل الانقسامات داخل حلف الناتو حول دعم أوكرانيا، لافتة الى أن حكومة «زيلينسكى» ضغطت بشدة على الولاياتالمتحدة وأوروبا لتقديم التزامات صارمة بشأن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسى والاتحاد الأوروبى – إلا أن الإدارة الأمريكية وحكومات أوروبا الغربية لا تزال متشبثة بفكرة، تقديم تعهدات بالمساعدة الأمنية طويلة الأجل. بدلاً من توسع الناتو، الأمر الذى يخاطر بصراع مباشر مع روسيا. وأضافت الصحيفة أن التردد أحبط بولندا ودول البلطيق، والدول الأعضاء فى الناتو التى تتطلع إلى قمة الناتو الشهر المقبل فى ليتوانيا، حيث قال وزير الخارجية أنطونى بلينكين وقادة غربيون آخرون إنهم يعتزمون تقديم «حزمة قوية للغاية» لأوكرانيا، إلا أن الخلافات القوية حول محتويات الحزمة تهدد بإظهار صورة الشقاق خلال اجتماع الحلف المقبلة. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أنه وسط انقسامات الناتو، تدعم الولاياتالمتحدة خطوة تدريجية لدخول أوكرانيا إلى حلف الناتو، مؤكدة أنه بينما يختلف المسئولون الأمريكيون و الأوكرانيون بشأن موضوع عضوية الناتو، فإنهم يقولون إن هناك اتفاقًا واسعًا على أهداف كييف للهجوم وطبيعة التحركات خلال الفترة المقبلة.