«الجواب يبان من عنوانه».. والأفلام أيضا، وعناوين الأفلام هَمٌّ صناعها، وفى العام الجديد تلفت أنظارنا بعض الأفلام التى تشهد عودة مخرجين كبار، أو نجوم لم يجتمعوا منذ سنوات، أو يقدمها مخرجون واعدون، لابد أن هذه الأعمال تستحق المشاهدة، لأن جوابها باين من أسماء المشاركين فى صنعها، وإن كان حكمنا النهائى سيكون مؤجلا عندما نشاهدها، ونتناولها بالنقد والتحليل، فى كل الأحوال، لم يكن الموسم الماضى سيئا، بل على العكس، ربما كان مثيرا للتفاؤل، أظن أن شواهد العام السينمائى الجديد تنبئ بتفاؤل مماثل، ولكن دون إفراط فى ذلك، لأن التجربة علمتنا أن السينما المصرية مثل طفل يركب مرجيحة: «حبة فوق.. وحبة تحت»، كل ما نطمع فيه فقط هو أن تزيد «الحبة اللى فوق» قليلا عما شاهدناه فى موسم 2014 السينمائى. ??? من الأفلام التى تستحق المشاهدة فى موسم 2015 فيلم «قدرات غير عادية» من تأليف وإخراج داوود عبد السيد، يعود المخرج الكبير بعد سنوات غياب إثر عرض فيلمه السابق «رسائل البحر» من بطولة بسمة وآسر ياسين، تعثّر تصوير فيلم «رسائل الحب» الذى كانت ستقوم ببطولته منّة شلبى، فأنجز داوود فيلمه الجديد الذى قام ببطولته خالد أبو النجا ومحمود الجندى وعباس أبو الحسن ونجلاء بدر وحسن كامى وأحمد كمال وإيهاب أيوب، وعرضه فى مهرجان دبى، تدور الأحداث فى بنسيون صغير يلجأ إليه عالم مشغول بقدرات البشر غير العادية، وهناك يلتقى أفرادا وشخصيات متنوعة، وكذلك طفلة ذات مواهب خارقة، سينما داوود من النماذج الرفيعة لسينما المؤلف فى السينما المصرية، شخصياته تتميز بالعمق، تبدو وكأنها مأخوذة عن أصل روائى، تتميز هذه الشخوص أيضا بالبحث الدائم وراء أفكار تحيّرها، أعماله قليلة، ولكنها تثير الجدل، وتحصد الجوائز، ويتيح داوود دائما أدوارا مميزة لممثليه كما فعل مع محمود عبد العزيز فى «الكيت كات»، ومع فاتن حمامة فى «أرض الأحلام»، ومع أحمد زكى فى «أرض الخوف»، ومع نور الشريف فى فيلم «البحث عن سيد مرزوق». ويعود محمد خان بفيلم جديد للعام الثانى على التوالى، حيث يقدم فى 2015 فيلما بعنوان «قبل زحمة الصيف» من كتابة غادة الشهبندر، وبطولة ماجد الكدوانى وهنا شيحة وأحمد داوود ولانا مشتاق، الفيلم هو الأول لخان منذ سنوات بعيدا عن سيناريوهات وسام سليمان التى تعاون معها فى أعمال متتالية ناجحة مثل «بنات وسط البلد»، و«فى شقة مصر الجديدة»، و«فتاة المصنع» الذى اخترته كأفضل فيلم فى موسم 2014 السينمائى، استمرار خان أمر إيجابى للغاية، خاصة أنه من جيل داوود عبد السيد، والاثنان من أبرز مخرجى تيارالواقعية الجديدة، كما أن فيلم خان الجديد يتناول موضوعا شائكا ولكن بطريقة مختلفة، الرغبة الجنسية ستعبر عنها فى فيلم «قبل زحمة الصيف» النظرات والإيماءات أكثر من أى شىء آخر، والصورة لابد أن تكون متميزة مثلما هو الحال فى كل أعمال خان. وفى قائمة أفلام 2015 الجديرة بالمشاهدة فيلم «أوضتين وصالة» أول أفلام المخرج الشاب شريف بندارى الروائية الطويلة، الذى شاهدنا له أفلاما قصيرة متميزة، اختار شريف أن يقدم عمله الأول عن قصة شهيرة للراحل إبراهيم أصلان، كتب لها السيناريو والحوار محمد صلاح العزب، وقد فاز هذا السيناريو بجائزة مسابقة ساويرس، الفيلم يشهد عودة محمود عبد العزيز بعد سنوات من الغياب عن السينما منذ دوره فى فيلم «إبراهيم الأبيض»، حيث يلعب النجم الكبير شخصية رجل يشعر بالوحدة إثر وفاة زوجته، مما يجعله يجد فى حكايات جيرانه العزاء والسلوى، أعجبنى كثيرا فيلم شريف بندارى القصير «صباح الفل» الذى قامت ببطولته هند صبرى، وهو مونو دراما رائعة تعبر عن هموم أم وزوجة ببراعة وذكاء، الفيلم لقطة واحدة متصلة بدون قطع، أخرج شريف ايضا فيلما قصيرا آخر لافتا بعنوان «ساعة عصارى». ??? الفيلم الرابع الذى يستحق المشاهدة هو «بتوقيت القاهرة» الذى كتبه وأخرجه أمير رمسيس، بعد أن ترك السينما الروائية لينجز فيلمين وثائقيين هامين وجيدين عن يهود مصر، تجارب أمير السابقة فى مجال الأفلام الروائية الطويلة لم تكن جيدة، وكان أنجحها على المستوى الجماهيرى فيلم «ورقة شفرة» الذى كتبه وقام ببطولته الثلاثى أحمد فهمى وشيكو وهشام ماجد، وهو أول أفلامهم، لكن تجربة أمير الجديدة، التى عرضت أيضا فى مهرجان دبى، شهدت حماسا من فنانين مثل نور الشريف وسمير صبرى وميرفت أمين الذين وافقوا فورا على بطولة «بتوقيت القاهرة» بمشاركة شريف رمزى ودرة، أحداث الفيلم تدور فى يوم واحد، ومن خلال ثلاث قصص تجرى فى العاصمة منها حكاية عن ممثلة معتزلة تعانى من مشاكل مع زوجها، وعلاقة حب بين شاب وفتاة، وقصة رجل مصاب بالزهايمر يلتقى رجلا مريبا فى سيارة، يبدو أن أمير يريد أن يعثر على صوته الخاص بعد أن أصبح أكثر نضجا، الحكم النهائى مؤجل بالتأكيد حتى نشاهد الفيلم. ??? الأخبار مبشرة بوجود تجارب مختلفة لمخرجين كبار عائدين، أو بمساهمة دماء جديدة من المخرجين الشباب الواعدين، نرجو فقط ألا تتكرر الأفلام العشوائية الفقيرة التى ظهرت فى الموسم الماضى من عيّنة «بنت من دار السلام» و«ناشط فى حركة عيال» و«الدساس»، وأن يجد الجمهور تنوعا فى الأفلام وموضوعاتها ونوعياتها، أثبت الجمهور فى العام الماضى أنه يحب السينما، وحريص على مشاهدتها، الآن جاء الدور على صنّاع الأفلام ليثبتوا للمتفرج أنه كان على صواب فى عودته الى دور العرض.