قال الدكتور زاهى حواس عالم الآثار الشهير والوزير الأسبق إن الاتهامات التى أطلقها بعض العاملين بالقطاع بفشل ترميم هرم زوسر عارية من الحقيقة، مؤكدًا أن منتقدى الشركة التى تقوم بعملية الترميم يفتقدون العلم والخبرة التى تؤهلهم للحكم على العمل. وأشار حواس إلى أن الشركة منفذة الترميم تنفذ عملها بشكل علمى وأشادت به منظمة اليونيسكو، مشيرًا إلى محاولات بعض الأجانب العبث فى الآثار المصرية للتشكيك فى تاريخ الفراعنة وحضارتهم. وعن تغليظ العقوبات على سرقة الآثار ومحاولات استردادها وقضايا أخرى تحدث حواس فى حوار ل «أكتوبر» فى السطور التالية.. * أنت متهم بتدمير آثار مصر من خلال إسناد عمليات ترميمها لشركات غير متخصصة؟ ** هذا كلام مغرض فهناك قوانين تخضع لها مناقصات الدولة وتنص على أن من يتولى مثل هذه المشروعات لابد أن يكون مؤهلا فنيا وهو ما توافر فى الشركة التى تقوم بأعمال ترميم هرم زوسر الذى أثير بشأنه ضجة مؤخرًا وهو عمل عظيم وكل من يقول غير هذا له مصالح خاصة، فهرم زوسر كان مهددًا بالانهيار حيث سقط من حجرة الدفن 30 طنًا من الحجارة فوق التابوت كما أن الرديم المغطى للواجهة عندما كنا نرفعه كنا نرى أسفله فجوات وللأسف الشديد منذ سبعينيات القرن الماضى وحتى عام 2002م لم يجرؤ أى رئيس للآثار على عمل مشروع لإنقاذ الهرم فالجميع كان خائفا نظرا لخطورة الموقف ولأهمية هذا الأثر، وعندما توليت الآثار عام 2002م اجتمعت مع د. حسن فهمى الأستاذ بهندسة القاهرة وطلبت منه إعداد مشروع لترميم هرم زوسر والسرابيوم والمقبرة الجنوبية نظرا لحالتهما الخطيرة حيث ظهرت بهما الشروخ بعد زلزال 1992، وتم عمل مشاريع لهذه الأماكن الثلاثة وقد رست المناقصة بالنسبة للسرابيوم على شركة المقاولون العرب أما بالنسبة لهرم زوسر فقد رست على شركة الشوربجى والسبب أن هذه الشركة من الناحية المالية كانت أقل من المقاولون بخمسة ملايين جنيه وبدأت أعمال الترميم عام 2006 م وقد أشاد بها كل علماء الآثار الأجانب الموجودين فى مصر ومنهم د.شتادلمان. * وماذا عن طلب منظمة اليونسكو من مصر رسميا تقريرًا مفصلًا عن أعمال ترميم الهرم تتم حاليًا فى الهرم المدرج ضمن قائمة التراث العالمي؟ ** بالفعل أرسل د. ممدوح الدماطى وزير الآثار تقريرًا مفصلًا على أعلى مستوى لليونسكو التى أرسلت خطاب شكر للوزير وأشادت بأعمال الترميم، وللعلم فإن هرم زوسر ليس مُدرجًا فى قائمة التراث العالمى ولكن جبانة منف التى تضم منطقة سقارة هى المدرجة فيها وقد أعلن سفيرنا فى اليونسكو هذه الحقيقة. * بماذا تفسر كل هذا اللغط حول هرم الملك زوسر؟ ** للأسف نحن نعيش حربًا للشائعات فإذا دافعت عن أعمال الترميم يتهمونك بأنك من أصحاب المصالح مع الشركة التى تقوم بها، بينما هؤلاء الذين يهاجمون أعمال الترميم غير متخصصين وبعضهم لم يقم بأى مشروع ترميم فى حياته هم متخصصون فى الهجوم * ألا ترى أن أعمال ترميم هرم زوسر استغرقت مدة طويلة؟ ** أعمال الترميم استغرقت حتى الآن خمس سنوات ومن الممكن أن تستمر 100 عام فنحن لا نبنى عمارة ولكننا نرمم أقدم هرم فى التاريخ بناه الملك زوسر والعبقرى أمحوتب الذى عُبد فى العصر المتأخر وأن الخطأ الذى حدث بالفعل أنه منذ عام 2011 وحتى الآن هو توقف أعمال الترميم تماما وهذا هو الخطر فعلا فلابد من استئنافها وإلا سيكون الهرم فى خطر. * لماذا لا يعقد مؤتمر علمى بين المتخصصين فى الترميم والآثار لمناقشة ما وصل إليه الأمر وإعلانه للرأى العام؟ ** هذا الكلام مرفوض فنحن لا ينبغى أن ننظم مؤتمرًا لكى نناقش بعض الأشخاص الذين ليس لديهم خبرة سواء فى الآثار أو فى الترميم فهذا سيكون إهدارًا للمال العام. * ما قصة سرقة خرطوش هرم خوفو؟ ** عندما كنت مسئولا فى الآثار كنت لا أسمح بأى عبث للأجانب فى آثارنا ولكن هذا حدث بعد خروجى من الآثار فهناك شخص أجنبى يحاول أن يثبت أن الهرم عمره 15 ألف عام وبهذا يكون غير مصرى وحاول إثبات ذلك من خلال أخذ عينات من خرطوش الملك خوفو الموجود فى الحجرة الخامسة التى تعلو حجرة الدفن العلوية والتى تحتاج للوصول إليها سلم بارتفاع 7 أمتار ويستغرق وقت الوصول إليها ثلاث ساعات تقريبا حيث لابد من المرور أولا بالحجرات الأربع السابقة لها، وقد أرسل هذا الرجل مجموعة الألمان الذين استطاعوا فى غفلة من الزمن أن يأخذوا عينه من الخرطوش ويسافروا إلى ألمانيا ويعلنوا أن تحليلهم للعينات أثبت أن عمرها 15 ألف عام، وردى على هذا الرجل أن المادة التى كان يكتب بها الخرطوش اسمها بالهيروغليفية «مافت» كان يجلبها الفراعنة من محجر مسجل عليها اسم خوفو من الصحراء الغربية، هذا المحجر قد يكون عمره نصف مليون عام وهذا ليس له علاقة بعمر الهرم بمعنى أنك عندما تبنى شقة مستخدما جرانيت عمره 10 سنوات فإن ذلك ليس له علاقة بعمر الشقة وبالرغم من أن سفيرنا فى ألمانيا استطاع أن يعيد العينات إلى مصر مرة أخرى إلا أن رجوعها ليس له فائدة فالتدمير وقع فى الهرم. * لكن هناك اتهامًا موجهًا لك بأن سرقة الخرطوش تمت عام 2006 أثناء توليك الأمانة العامة للآثار؟ ** هذا كلام يدل على تعمد الإساءة فقد اعترف الألمان على شبكة الإنترنت بموعد مجيئهم لمصر وموعد أخذ العينات فكيف يكون لزاهى حواس علاقة بهذا الأمر. * كيف نحمى آثارنا من تكرار هذا الأمر مرة أخرى؟ ** لابد من أن يكون الحساب عسيرًا لكل من يخطئ وللأسف فإن من تولى قيادة الآثار بعد الثورة ليسوا على المستوى المرجو أكاديميًَّا وعلميًا وأثريًا، وأرجو من د. ممدوح الدماطى الوزير الحالى أن يضع قوانين صارمة كالتى كنت أتعامل بها مع المخطئين. * سرقة خرطوش خوفو واحدة من محاولات عديدة لنسب الهرم لغير المصريين، فما رأيك؟ ** هذا صحيح وقد حاول اليهود من قبل نسب بناء هرم خوفو إليهم ولكن جاء اكتشاف مقابر العمال بناة الأهرام ليؤكد للعالم أن المصريين هم بناة الأهرام فأسماء أصحاب المقابر مصرية ولم يكن بها أسماء يهودية إطلاقا فقد جاء اليهود فى نهاية الدولة الوسطى وليس لهم صلة بعبقرية المكان وقد ذهبت إلى أمريكا وأوروبا وجنوب إفريقيا وشاركت فى ندوات ومؤتمرات وأثبتنا للعالم أن الهرم صناعة فرعونية مصرية حتى أن صحيفة معاريف الإسرائيلية قالت إننا لا نستطيع أن نقول الآن إن اليهود هم بناة الأهرام لأن زاهى حواس كشف مقابر العمال بناة الأهرام. * كيف نعمل على وقف تهريب الآثار من مصر؟ ** عندما كنت مسئولا فى الوزارة استطعت أن أسترد خمسة آلاف قطعة أثرية وما يتم حاليًا استكمال لما بدأته، ولكى نمنع سرقة الآثار لابد من تسجيل آثار مصر الموجودة فى المخازن وقد بدأ هذا بالفعل، وتم تسجيل ثلث الآثار كما لابد من تسليح الحراس وبناء المخازن فقد قامت القوات المسلحة ببناء 60 مخزنًا فى أماكن مختلفة على مستوى الجمهورية ولولاها لكانت آثار مصر سرقت كلها بعد الثورة فلابد من استكمال بناء المخازن وتسجيل الآثار وتسليح الحراس وتدريبهم فى الأمن القومى حتى يكونوا مؤهلين للدفاع عن الآثار. * التعديلات الأخيرة لقانون الآثار فى عام 2010 لم تُغلظ عقوبة سرقة الآثار فلماذا؟ ** لقد كانت تتم محاربتى فى هذا الموضوع وحاول أحدهم أن يضربنى فى مجلس الشعب والحزب الوطنى كان يريد القانون بهذا الشكل ولكنى كنت على قناعة بأن القانون يجب تعديله فى يوم من الأيام فسرقة الآثار لابد أن تكون جناية فهى سرقة وطن الحكم فيها مش معقول يكون 15 عامًا ويمكن تخفيفها لسنتين كما لابد من تشديد عقوبة الاعتداء على أراضى الآثار ولابد من تضافر الشرطة والأثريين فى إزالة تلك التعديات. * قبل الثورة طالبت بعودة ست قطع أثرية فلماذا توقفت هذه المطالبات؟ ** للأسف الشديد د. محمد إبراهيم وزير الآثار الأسبق عندما تولى الوزارة أرسل للألمان يخبرهم بأننا لا نريد رأس نفرتيتى وهذا كلام خطير، نحن لم نطالب بكل الآثار المصرية الموجودة فى المتاحف بالخارج لكننا طالبنا بعودة ست قطع فقط لأن مكانها الطبيعى هو مصر وهى رأس نفرتيتى فى متحف برلينبألمانيا وحجر رشيد فى المتحف البريطانى بإنجلترا والزودياك «القبة السماوية» فى متحف اللوفر بفرنسا وتمثال «حم ايونو» فى متحف هيلدسهايم بألمانيا وتمثال «عنخ حا اف « فى متحف بوسطن بالولايات المتحدة وتمثال رمسيس الثانى بمتحف تورينو بإيطاليا ولابد من أن نحارب من أجل عودة تلك القطع إلى مصر، لقد استطعنا أن نهز العالم ونقول إن آثار مصر مقدسة حتى لو لم تكن على أرضها فعندما قام مدير متحف برلين بعمل جسم تمثال وحاول أن يضع عليه رأس نفرتيتى منعناه. * ما رأيك فى نقل مومياء توت عنخ أمون للقاهرة؟ ** أنا من أشد المعارضين لنقل المومياء إلى المتحف المصرى بالقاهرة أو نقلها من التابوت الزجاجى الذى تم صنعه فى ألمانيا إلى التابوت الأصلى لأن ذلك سيعرضها للضرر بسبب الأتربة وأنفاس الزائرين، ولكن للأسف تعطلت الأجهزة الموجودة فى الفاترينة الزجاجية وهذا ليس سببًا فى اتخاذ قرار بنقل المومياء فلابد من إصلاح الأجهزة التى داخل الفاترينة ووضع كاميرات مراقبة. * نُشر بحث أجنبى عن توت عنخ أمون يؤكد أنه كان يعانى من خلل فى الهرمونات نتيجة زواج الأقارب وكان ذلك سبب وفاته وليس سقوطه من على العجلة الحربية، فما رأيك؟ ** هذا الكلام عارٍ تماما من الصحة فكاتب هذا البحث يبحث عن الشهرة فقد استخدم المعلومات التى توصلنا إليها من خلال دراستنا للمومياء وترجمها بشكل خاطئ فتوت عنخ أمون كان يعانى من بعض الأمراض الطبيعية مثل الفلات فوت وعدم وصول الدم بشكل كافٍ للقدم لكنه لم يكن بالصورة التى صورها له البحث فهو لم يكن أعرج أو يمتلك أردافًا فقد صوروا الكتان على أنه جزء من الأرداف حتى يقولوا أن توت عنخ أمون يمتلك مظاهر أنثوية مثل إخناتون، أن تماثيل إخناتون التى بها مظاهر أنثوية عبارة عن فن لأن تعاليم آتون تقول إنك الرجل وإنك المرأة فقام الفنان بوضع تعاليم آتون فى التماثيل وقد قمت بنشر مقاله باللغة الإنجليزية ردَّا على هذا الكلام فى إحدى الصحف. * كيف ترى حال الآثار بعد الثورة؟ ** تعانى الآثار منذ عام 2011 من التعديات ففى منطقة تل العمارنة تمت زراعة ما يقرب من 10 فدادين على أرض الآثار وفى أبو صير قام الأهالى ببناء مقابر أما الحفر خلسة فقد كان فى كل مكان ففى أسوان اكتشف الأهالى مقبرتين وأغلقوها فخلال السنوات الثلاث الماضية سرق الكثير من آثارنا تم تهريبه للخارج فيجب عمل حصر شامل بكل التعديات ويشترك الأثريون مع مباحث الآثار فى إزالتها وملاحقة كافة صالات المزادات فى الخارج لاسترداد آثارنا. * ما هو دورك فى هذه المرحلة؟ ** أساعد هشام زعزوع وزير السياحة فى الحملات الترويجية التى يقوم بها من أجل تنشيط السياحة فقد سافرت إلى المكسيكوألمانيا وكندا لتشجيع السياحة وأخصص 15 دقيقة من بداية محاضراتى فى الخارج أشرح فيها ما حدث فى مصر وأنها بلد الأمن والأمان وأطلب من الجميع زيارتها.