تبنّى الدستور المصرى الجديد ما سبق أن دعونا إليه فى مجلة أكتوبر من ضرورة هيمنة الهيئة الوطنية للانتخابات ولجنة الانتخابات الرئاسية على جميع شئون الانتخابات فى مصر، ونظرًا لصعوبة النصوص الدستورية والقانونية فقد حاولنا تبسيطها وإبداء رأينا فيها لتصل إلى مستوى القارئ العادى حتى يتمكّن من فهمها، والمشاركة الفاعلة فى الحياة السياسية. ويلعب الرأى العام دورًا كبيرًا إلى جانب الصحافة فى نشر الثقافة القانونية ومراقبة التطبيق الصحيح لنصوص الدستور والقانون بشأن الدعاية الانتخابية، وسوف نتناول فى هذا المقال القواعد الدستورية والقانونية للدعاية الانتخابية، وهى قواعد منصوصٌ عليها فى الدستور المصرى الجديد لسنة 2013 والمعمول به اعتبارًا من 18/1/2014 وقانون الانتخابات الرئاسية رقم 22 لسنة 2014 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس اللجنة العليا للانتخابات رقم 1 لسنة 2014، وقرارات لجنة الانتخابات الرئاسية المتعلقة بتنظيم الدعاية الانتخابية وآخرها القرار رقم 24 لسنة 2014 الصادر بتاريخ 28/4/2014 وذلك فى البنود التالية: أولا : الواجب الدستورى بالمشاركة فى الحياة العامة، وحق الانتخاب والترشح وقواعد الدعاية الانتخابية : تضمن الدستور المصرى الجديد لسنة 2013 تحديد الواجب الدستورى بالمشاركة فى الحياة العامة، وحق الانتخاب والترشح وقواعد الدعاية الانتخابية، وذلك فى المادة السابعة والثمانون من الدستور، حيث تضمنت أن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنيى ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب فى حالات محددة يبينها القانون. وتلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب، كما تلتزم بتنقية هذه القاعدة بصورة دورية وفقا للقانون. وتضمن الدولة سلامة إجراءات الاستفتاءات والانتخابات وحيدتها ونزاهتها، ويحظر استخدام المال العام والمصالح الحكومية والمرافق العامة ودور العبادة ومؤسسات قطاع الأعمال والجمعيات والمؤسسات الأهلية فى الأغراض السياسية أو «الدعاية الانتخابية». ونحن نرى : أن المشرّع الدستورى كان موفقًا فى وضعه للضوابط العامة فى وضع الواجبات الدستورية الجوهرية المتعلقة بالمشاركة فى الحياة العامة، وحق الانتخاب والترشح وقواعد الدعاية الانتخابية، والتى فصلّها القانون رقم 22 لسنة 2014، كما وضحتها توضيحًا جليا اللائحة التنفيذية لقانون الانتخابات الرئاسية وهى قرار لجنة الانتخابات الرئاسية رقم 1 لسنة 2014. ثانيًا : تحديد الدستور الجديد لواجب الهيئة الوطنية للانتخابات فى تنظيم وإدارة الانتخابات والدعاية الانتخابية: أنشأت المادة مائتان وثمانية من الدستور المصرى الجديد لسنة 2013 الهيئة الوطنية للانتخابات كهيئة مستقلة، تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، والنيابية، والمحلية، بدءا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والإنفاق الانتخابي، والإعلان عنه، والرقابة عليها، وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين فى الخارج، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة. وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون. ثالثا: صلاحيات لجنة الانتخابات الرئاسية فى تنظيم وإدارة الدعاية الانتخابية: أبانت المادة السادسة من قانون الانتخابات الرئاسية سلطات لجنة الانتخابات الرئاسية، وذلك بأن تتولى اللجنة تحديد تاريخ بدء الحملة الانتخابية ونهايتها، كما تختص بوضع القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية المنصوص عليها فى هذا القانون والتحقق من تطبيقها على نحو يكفل المساواة بين المرشحين فى استخدام وسائل الإعلام المملوكة للدولة سواء المسموعة أو المرئية أو الصحف والمطبوعات الصادرة عن المؤسسات الصحفية لأغراض الدعاية الانتخابية واتخاذ ما تراه من تدابير عند مخالفتها. ونحن نرى: أن هذا التحديد الجامع المانع يجعل من لجنة الانتخابات الرئاسية هى المهيمنة هيمنة كاملة على الدعاية الانتخابية أثناء الانتخابات الرئاسية. رابعا: سلطات لجنة الانتخابات الرئاسية بخصوص الدعاية الانتخابية: حددت المادة الثامنة عشر من قانون الانتخابات الرئاسية سلطات لجنة الانتخابات الرئاسية بشأن الدعاية الانتخابية على أن تبدأ الحملة الانتخابية اعتبارا من تاريخ إعلان القائمة النهائية للمرشحين حتى قبل يومين من التاريخ المحدد للاقتراع, وفى حالة انتخابات الإعادة تبدأ من اليوم التالى لإعلان نتيجة الاقتراع وحتى الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم السابق على التاريخ المحدد للاقتراع فى انتخابات الإعادة، وتحظر الدعاية الانتخابية فى غير هذه المواعيد بأية وسيلة من الوسائل. وتتضمن الدعاية الانتخابية الأنشطة التى يقوم بها المرشح ومؤيدوه، وتستهدف إقناع الناخبين باختياره, وذلك عن طريق الاجتماعات المحدودة والعامة والحوارات، ونشر وتوزيع مواد الدعاية الانتخابية، ووضع الملصقات واللافتات واستخدام وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة والالكترونية، وغيرها من الأنشطة التى يجيزها القانون أو القرارات التى تصدرها لجنة الانتخابات الرئاسية. وقد أوضحت المادة التاسعة والعشرون من اللائحة التنفيذية لقانون الانتخابات الرئاسية أن تتضمن الدعاية الانتخابية الأنشطة التى يقوم بها المرشح ومؤيدوه، وتستهدف إقناع الناخبين باختياره، وذلك عن طريق الاجتماعات المحدودة والعامة، والحوارات، ونشر وتوزيع مواد الدعاية الانتخابية، ووضع الملصقات واللافتات واستخدام وسائل الإعلام المسموعة، والمرئية، والمطبوعة، والإلكترونية، وغيرها من الأنشطة التى يجيزها القانون، أو القرارات التى تصدرها لجنة الانتخابات الرئاسية. خامسا: محظورات الدعاية الانتخابية: أوضحت المادة التاسعة عشر من القانون رقم 22 لسنة 2014 بشأن الانتخابات الرئاسية سلطات لجنة الانتخابات الرئاسية بشأن محظورات الدعاية الانتخابية وهى ضرورة الالتزام فى الدعاية الانتخابية بأحكام الدستور والقانون وبقرارات اللجنة. ويحظر بوجه خاص ما يأتى: 1 - التعرض لحرمة الحياة الخاصة لأى من المرشحين. 2 - تهديد الوحدة الوطنية أو استخدام الشعارات الدينية أو التى تدعو للتمييز بين المواطنين. 3 - استخدام العنف أو التهديد باستخدامه. 4 - تقديم هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية أو غير ذلك من المنافع أو الوعد بتقديمها، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة. 5 - استخدام المبانى والمنشآت ووسائل النقل والانتقال المملوكة للدولة أو لشركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام فى الدعاية الانتخابية بأى شكل من الأشكال. 6 - استخدام المصالح الحكومية والمرافق العامة ودور العبادة والمدارس والجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العامة والخاصة ومقار الجمعيات والمؤسسات الأهلية فى الدعاية الانتخابية. 7 - إنفاق المال العام وأموال شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والجمعيات والمؤسسات الأهلية فى أغراض الدعاية الانتخابية. 8 - الكتابة بأى وسيلة على جدران المبانى الحكومية أو الخاصة لأغراض الدعاية الانتخابية. ونحن نرى: أن القانون قد شمل محظورات الدعاية الانتخابية، ومع ذلك فإنه إذا ظهرت أى شكاوى متعلقة بهذا الموضوع فإنه يكون للجنة إصدار قرارات تكميلية تكون واجبة النفاذ. سادسا: قواعد استخدام المرشحين لوسائل الإعلام المملوكة للدولة: أبانت المادة العشرون من القانون رقم 22 لسنة 2014 سلطات لجنة الانتخابات الرئاسية بشأن استخدام المرشحين لوسائل الإعلام المملوكة للدولة بأن تلتزم وسائل الإعلام المملوكة للدولة, المرئية والمسموعة والمؤسسات الصحفية, بتحقيق المساواة بين المرشحين فى استخدامها لأغراض الدعاية الانتخابية. وتختص لجنة الانتخابات الرئاسية بتقرير ما تراه من تدابير عند مخالفة حكم هذه المادة, ولها على الأخص إصدار قرار بالوقف الفورى لهذه المخالفة وذلك دون إخلال بأحكام المسئولية التأديبية للمخالف. سابعا: سلطات لجنة الانتخابات الرئاسية بشأن استطلاعات الرأى حول الانتخابات الرئاسية: أوجبت المادة الحادية والعشرون من القانون رقم 22 لسنة 2014 أن يتضمن ما تذيعه أو تنشره وسائل الإعلام من استطلاعات للرأى حول الانتخابات الرئاسية، المعلومات الكاملة عن الجهة التى قامت بالاستطلاع، والجهة التى تولت تمويله، والأسئلة التى اشتمل عليها، وحجم العينة ومكانها، وأسلوب إجرائه، وطريقة جمع بياناته، وتاريخ القيام به، ونسبة الخطأ المحتملة فى نتائجه. ويحظر نشر أو إذاعة أى من هذه الاستطلاعات خلال الخمسة أيام السابقة على اليوم المحدد للاقتراع وحتى انتهاؤه. ثامنا : حدود الإنفاق على الدعاية الانتخابية: حددت المادة الثانية والعشرون من القانون رقم 22 لسنة 2014 أن يكون الحد الأقصى لما ينفقه كل مرشح على الحملة الانتخابية عشرين مليون جنيه، ويكون الحد الأقصى للإنفاق فى حالة انتخابات الإعادة خمسة ملايين جنيه. تاسعا: محظورات دعم المرشحين فى حملاتهم الانتخابية: أبانت المادة الرابعة والعشرون من القانون رقم 22 لسنة 2014 أنه يُحظر تلقى أية مساهمات أو دعم نقدى أو عينى للحملة الانتخابية من أى شخص اعتبارى مصرى أو أجنبى، أو من أى دولة أو جهة أجنبية أو منظمة دولية أو أى جهة يُسهم فى رأس مالها شخص أجنبى أو من شخص طبيعى أجنبى. عاشرا: واجبات المرشحين فى بيان مقدار المبالغ التى حصلوا عليها: أوجب المادة الخامسة والعشرون من القانون رقم 22 لسنة 2014 أنه على المرشح أن يقدم إلى لجنة الانتخابات الرئاسية، خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلان نتيجة الانتخابات، بيانا يتضمن مجموع المبالغ التى حصل عليها، ومصدرها، وطبيعتها، وما أنفقه منها على الحملة الانتخابية، وأوجه هذا الإنفاق. ولكل مرشح أن يوكل من يقوم نيابة عنه بالأعمال والإجراءات التى يتطلبها تنفيذ أحكام هذا القانون، بما فيها جميع المسائل المالية، وذلك بموجب توكيل موثق بمعرفة أحد مكاتب التوثيق بمصلحة الشهر العقارى والتوثيق، مع تزويد لجنة الانتخابات الرئاسية بصورة رسمية من التوكيل. حادى عشر: كيفية مراجعة حسابات الحملة الانتخابية للمرشحين: حددت المادة السادسة والعشرون من القانون رقم 22 لسنة 2014 أن يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات مراجعة حسابات الحملة الانتخابية للمرشحين، على أن يقدم تقريرا بنتيجة مراجعته إلى لجنة الانتخابات الرئاسية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إحالة هذه الحسابات إليه من قبل اللجنة. ونحن نرى: أن المشرّع المصرى فى قانون الانتخابات الرئاسية كان موفقًا فى تغطية جميع جوانب العملية الانتخابية حفاظًا على صحة العملية الديمقراطية وسلامتها.