روبرت جيتس (وزير الدفاع الأمريكى الحالى) هو أحد الصقور التى تخلقت بين أروقة البيت الأبيض وتربى على أن ينظر للكون فيرى الحمائم قابلة للافتراس على أساس مبدأ الاجتراء و شريعة العدوان وحق العقاب بلا جريرة خاصة للشعوب المسالمة ذات الاقتصاد الواعد القابل للاستحلاب من القوى الكبرى ولأنه من الصقور فقد تبنى سياسة الضرب من حديد لحسم أى قضية محور خلاف. فصقور الإدارة الأمريكية الذين أداروا دفة الحكم طوال ال 13 عاماً متواصلة هى فترة فوز الجمهوريين بالمواقع القيادية وسيطروا على أكبر قوة عسكرية عرفها التاريخ حتى الآن لهم اختصاصات متنوعة فمنهم العسكريون والسياسيون والدبلوماسيون والاقتصاديون وهم يعملون فى مجال البحث عن مصادر الطاقة والسلاح ويشغلون مناصب حساسة وقد ذاع صيت هذه العصبة عقب أفول نجم الاتحاد السوفيتى وانفراد الولاياتالمتحدة بقيادة العالم ومن هذه الأسماء ريتشارد بيرل وديك تشينى وكونداليزا رايس أخطر امرأة فى العالم وهى عضو بارز فى شركة شيفرون للطاقة التى تهيمن على مصادر النفط فى آسيا الوسطى ثم روبرت مايكل جيتس وزير الدفاع رقم 22 فى التاريخ الأمريكى وصاحب أحد الأسماء البارزة على الساحة الأمريكية لأنه شغل العديد من المناصب السياسية والأمنية الهامة وخدم فى الاستخبارات لمدة 26 عاماً وعاصر 6 إدارات أمريكية. الصقر العجوز/U/ ولد جيتس فى عام 1943 بولاية تكساس الأمريكية وشغل والده منصب وزير للدفاع فترة إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق «أيزنهاور» عام 1959. تلقى تعليمه فى مدارس الولاية وحصل على الماجستير من جامعة إنديانا عام 1966 ونال درجة الدكتوراه فى التاريخ الروسى من جامعة تاون واشنطن عام 1974 وقد أهلته دراسته للعمل فى الاستخبارات المركزية الأمريكية كمحلل متخصص فى الشئون السوفيتية ثم عمل مع سلاح الطيران وأصبح عضواً فى هيئة الأركان بمجلس الأمن القومى لمدة 6 سنوات ثم تولى قسم الاتحاد السوفيتى بالاستخبارات القومية ثم نائباً لمدير الاستخبارات لمدة 3 سنوات ثم نائباً لمستشار الأمن القومى عام 1989 وقد رشحته خبرته العريضة ليتولى رئاسة الاستخبارات المركزية عام 1991 بعد أن رشحه الرئيس بوش الأب لهذا المنصب على الرغم من الاحتجاجات التى أثارها عدد من أعضاء مجلس الشيوخ نظراً لاتهامه بالتورط فى فضيحة «إيران - كونترا» ورغم ذلك فقد تمكن من أن يحصل على موافقة أغلبية الأعضاء ليصبح جيتس رئيساً للاستخبارات الأمريكية ..وعن الأسباب التى أهلته لنيل هذا المنصب الحساس خبرته الواسعة فى مجال العمليات السرية والاستخبارات وان الفترة التى تولى فيها هذا المنصب شهدت العديد من الأحداث والمتغيرات فى العالم مثل توحيد ألمانيا وسقوط الاتحاد السوفيتى وحرب الخليج الثانية ثم تولى عمادة كلية «الحكم والخدمة العامة» بجامعة تكساس ليصبح رئيساً للجامعة 2002، ثم يعود مرة أخرى لقمة الأحداث ويرفض ترشيحه لمنصب مدير الاستخبارات القومية ليتم اختياره ضمن فريق يتولى تقييم الأوضاع فى العراق والذى ترتب عليه تغيير الاستراتيجية الأمريكية فى العراق، ثم تولى جيتس منصب وزير للدفاع خلفاً لدونالد رامسفيلد (الذى تنحى عن منصبه بسبب تصاعد المقاومه فى بغداد) وقام الرئيس بوش الابن بترشيحه لشغل هذا المنصب وقال مبرراً «إن جيتس قائد صلب يستطيع إدخال التعديلات المطلوبة فى أى مكان. ترحيب وإدانة/U/ ويرى الخبراء أن السبب الحقيقى لهذا الاختيار هو الدور الذى لعبه فى إنهاء حرب تحرير الكويت عام 1991 وكان يشغل حينها منصب مدير الاستخبارات المركزية. ويحسب لجيتس أنه الوزير الوحيد الذى يحظى بقبول لدى الحزبين الجمهورى والديمقراطى وقد وصفه السياسيون بأنه «إنسان برجماتى وحاسم ويتميز بالصدق» وهذه الصفات جعلته رجل استخبارات محنكاً وذا خبرة واسعة فى المجال السياسى والأمنى معاً لدرجة أهلته للاستمرار فى منصبه حتى الآن، وبالإضافة لما سبق فقد كان مستشاراً مقرباً للرئيسين ريجان وبوش الأب كما أنه حصل على عدة أوسمه منها وسام التميز فى مجال الاستخبارات وجائزة آرثر فيلمنج وهى جائزه تقدم سنوياً لأفضل عشرة متميزين فى مجال الخدمات الفيدرالية كما أنه حصل على وسام الأمن القومى واختارته مجلة التايم الأمريكية كأحد أكثر الشخصيات شعبية فى عام 2007 واختارته أيضاً مجلة «أخبار أمريكا» كأفضل قائد أمريكى. كما استحوذ على اهتمام جماهيرى غير مسبوق فيقول (ستون بريملى) وهو يعمل فى مركز نيو أمريكان سكيورتى عن جيتس أنه أكثر من ينصت إليه الناس فى العالم ووصفه عدد من المحللين بأنه مفكر ذو خبرة ومطلع ومستقل، ورغم هذا الإجماع الرسمى والشعبى على كفاءة روبرت جيتس فقد تعرض للهجوم والنقد من البعض كما جاء فى مقاله للكاتبة (جينفر جلود يمانز) المحللة السياسية بوكالة الاستخبارات الأمريكية التى اعتبرته مسئولاً عن تسييس عمل المخابرات واستخدامها فى الدعاية السياسية كما أنها اعتبرته مسئولاً عن إلحاق الضرر بالسياسة الخارجية الأمريكية وفضيحة إيران - كونتراً وحرب العراق، وتأتى اعترافات الجنديين الأمريكيين (إيثان ماكورد وجون سيتبر) مؤخراً على الملأ بقتلهما للمدنيين العراقيين بدم بارد استجابة للأوامر الصادرة إليهما واتهامهما للإدارة العسكرية الأمريكية بإجبارهم على ارتكاب هذه الممارسات وأكدوا صحة ما جاء على موقع (ويكيليكس) الذى نشر آلاف الوثائق التى تكشف تفاصيل العمليات العسكرية والممارسات الوحشية التى ارتكبتها القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولية فى العراق وأفغانستان. وقد نفى وزير الدفاع الأمريكى هذه التصريحات ووصفها بالأكاذيب وقد أسرع الجنديان بتكذيبه مؤكدين شعورهما بالندم الشديد وطالبوا جيتس بالتخلى عن الأساليب القتالية المتبعة فى العراق وأفغانستان بدلاً من اتهامهما بالكذب وأكدا على عزمهما جمع توقيعات معظم الجنود الذين شاركوا فى هذه المذابح للاعتراف بما فعلوه ومناهضة السياسة العسكرية للولايات المتحدة وقد جاء تعليق الصقر العجوز على هذه الاتهامات «بأن جنود الولاياتالمتحدة لم يرتكبوا أى ذنب فى قتل المدنيين العراقيين وأن هذه زوبعة وستنتهى وجدير بالذكر أن موقع «ويكيليكس» قد نشر ما يقرب من 92 ألف وثيقة عسكرية تحتوى على أسرار تتعلق بالممارسات الأمريكية فى العراق وأفغانستان. ولذا يرى العديد من المحللين أن تسريب هذه الوثائق قد أحرج إدارة أوباما وأسهم فى تردى شعبية جيتس وكانت سبباً غير مباشر لإعلانه عن عزمه تقديم استقالته من منصبه بحلول العام القادم وقد أشارت صحيفة «الجارديان» البريطانية على لسان جيتس بأنه لا يود الإثقال على إدارة أوباما إذا ما ترشح لفترة رئاسية ثانية عام 2012 وأضافت الصحيفة إن الرئيس أوباما لم يعلق على هذه التصريحات وان البيت الأبيض توقع هذه الاستقاله فى المرحلة القادمة.