أخطر ما يمكن ان يدمر الروح الانفتاحية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، الوزيرة هيلاري كلينتون التي تعتبر الوجه الآخر لعملة المحافظين الجدد، فهي وإن لم تكن منهم بصورة صريحة ومباشرة إلا أنها تؤمن بالأهداف والمبادئ ذاتها التي تميز تلك المجموعة الراديكالية المنحازة أصلا الي اللوبي الإسرائيلي في مؤسسات الحكم الأمريكية فكلينتون زبونة دائمة علي مؤتمرات لجنة الشئون العامة الامريكية الإسرائيلية "الايباك" السنوية - وهي أكبر منظمات لوبي إسرائيل - حيث سعت في خطاباتها هناك الي التأكيد ان علاقة امريكا بإسرائيل تقوم علي ايمانهما بقيم مشتركة كالديمقراطية وحقوق الإنسان. ومع قراءة "البروفايل" الخاص بهذه المرأة الطموح إلي درجة عدم مشروعية طموحاتها تكشف عن احباط غريب يكتسبه القارئ لما يمكن ان تكون عليه الأمور في المستقبل، فهي أعلنت تأييدها لاعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، كما طالبت بنقل السفارة الامريكية إلي هناك، وركزت علي نقد مناهج التعليم الفلسطينية باعتبارها تنشر الكراهية وتعلم الاطفال الفلسطينيين كراهية الإسرائيليين، مطالبة بمراقبة ومكافحة خطاب العداء للسامية في أوساط الفلسطينيين. وإضافة لكل ذلك فهي أيدت جدار الفصل الذي تبنيه إسرائيل وانتقدت قرارات محكمة العدل الدولية الرافضة له. وهي بذلك متطرفة علي طريقتها ولا يرجي منها خير للسلام الذي يقوم علي مفارقات معقدة وغير منطقية لا يمكن أن تجعل ذلك السلام ممكنا علي الإطلاق وبالطبع فهذا الوضع من الممكن ان يفرز مراكز قوي داخل الإدارة الأمريكية وأجنحة صقور وحمائم علي نسق ما كان في إدارة بوش وستكون هيلاري خميرة عكننة للسياسة الأمريكية ومتوقع ان نسمع افكارا غبية وغريبة عن الأزمات وإمكانيات حلها، لانه مادامت السيدة كلينتون تعتنق أفكارا من وحي المحافظين الجدد فإنها ستكون أداتهم وثغرتهم المهمة والكبيرة في البيت الابيض، فتدجين الرئيس مسألة وقت وحالما يتحرر من الزخم الانتخابي الذي أوصله إلي البيت الأبيض سيكون الوقت مناسبا للانقضاض عليه وافتراسه. ومن المتوقع ان نشهد معارك داخلية بسبب عدم تلاقي الخطوط الفكرية للرئيس ووزيرة خارجيته فهما في الواقع خصمان منذ حملاتهما الانتخابية للرئاسة الامريكية عن حزبهما.. لقد كان خطأ استراتيجيا ترشيح هذه المرأة لوزارة الخارجية سيدفع ثمنه أوباما في المستقبل.