إن ال50% عمال فلاحين فقدت معناها؛ لأن ظرفها الموضوعي تغير، ولأن النظام أصبح يستخدمها فقط لكي يستمر احتكاره للمجالس التشريعية حتي لو كان هذا بانتحال صفة سكان مصر الأصليين من العمال والفلاحين الذين انقرضوا منذ منتصف القرن الماضي!!. العامل والفلاح،.. الهلال والجمل، لغز الانتخابات المصرية منذ نصف قرن، .. منذ أن قررت ثورة يوليو أن البرلمان لن يكون برلمانًا إلا إذا كان نصفه من العمال والفلاحين، .. القضية عادلة والنية نبيلة ولكن.. بعد سنوات من التجربة، لا أصبح العامل عاملاً، ولا الفلاح فلاحًا، ثم ضاعت الأرض - فيما بعد - وأغلقت المصانع، ارتدي الفلاحون البدل والكرافتات وعاشوا في العاصمة، وتحول العمال القدامي إلي موظفين كبار وهتيفة في اتحاد حسين مجاور، وسافر شتات الفلاحين من العراق إلي ليبيا إلي العمل بالأجرة علي أرصفة الخليج، ومن نجا من أبنائهم مات في قوارب الهجرة غير الشرعية أمام سواحل اليونان وإيطاليا!، أما بقايا عمال المصانع التي باعوها بعد أن خربوها فقد أصبح مأواهم رصيف مجلس الشعب في انتظار من ينقذهم من الملاك الجدد لمصانع القطاع العام القديم!. ولم يعد هناك (هلال) أصلي، كله مضروب في خلاط الحزب الوطني،.. وراح (الجمل) بما حمل، وبقيت في الدستور المادة التي تتحدث عن شرط ال50% عمال وفلاحين بلا شكل ولا ملامح، بعد أن دخل الفلاح والعامل المصري متحف التاريخ ولم يبق منه إلا الاسم الذي يطلقه الحزب الحاكم في كل انتخابات علي من يشاء، رجل الأعمال يأخذ صفة عامل، والأستاذ الجامعي يصير فلاحًا،.. وأي مرشح يمكن أن يكون عاملاً، أو فلاحًا حسب ظروف الدوائر ومقتضيات المنافسة!،.. وأخيرًا قررت المحكمة الإدارية العليا التصدي لهذه الخرافة التاريخية بحكمها الذي قررت فيه مؤخرا حرمان المرشح الحاصل علي مؤهل عالي من صفة العامل والفلاح،.. ومع أن المحكمة حاولت بهذا الحكم -غير المسبوق- عدل الميزان المائل وإصلاح الخلل في تعريف العامل والفلاح، إلا أنها أقرت من حيث لا تدري أن العامل والفلاح لابد أن يكونا من المحرومين من التعليم الجامعي أو المنتمين فقط لصفوف محو الأمية.، وهو مفهوم غريب لا يتفق مع جهود الدولة عبر نصف قرن في مد مظلة التعليم إلي كل مكان في مصر، وحتي إذا كان التعليم قاصرًا أو فاشلاً، فليس معني هذا أن كل فلاح وعامل في مصر يجب أن يعيش طول حياته تحت خط الفقر التعليمي.. يا دوب يفك الخط!.