ولكن علاقة كرة القدم مع عالم الحيوانات لا تقتصر علي الألقاب فقط، بل شهدت بعضُ مباريات اللعبة الأكثر شعبية في العالم علي مر تاريخها العريق عدداً من الطرائف والمواقف الساخرة التي لعبت فيها الدواب والكواسر والجوارح دور البطولة أمام حشود الجماهير التي تضيق بها جنبات الملاعب. وفي عالم الساحرة المستديرة ذكريات مع عالم البرية. كلاب مغوارة نبدأ هذه الرحلة من إنجلترا، مهد كرة القدم، حيث تم عرض لقب جول ريميه في ويستمينستر بمناسبة استضافة نهائيات كأس العالم 1966، لكنه سرعان ما اختفي عن الأنظار علي بعد أسابيع قليلة من انطلاق البطولة. إلا أن كلباً يدعي بيكلز عثر علي الكأس الغالية بعد أسبوع في إحدي الحدائق بلندن، ليصبح واحداً من مشاهير تلك النهائيات، مثل لاعبي المنتخب المضيف، الذي قاده جيف هورست إلي اعتلاء منصة التتويج للمرة الأولي والأخيرة في تاريخ كرة القدم الإنجليزية. وبفضل فطنته الخارقة وبصيرته العالية، توج بيكلز قصة الحب القائمة بين الإنجليز والكلاب منذ سنوات، حيث سرق كلب كل الأضواء خلال موقعة ربع النهائي في تشيلي 1962، والتي جمعت بين منتخب الأسود الثلاثة وعمالقة السيليساو، إذ تسلل بنجاح إلي أرضية المستطيل الأخضر وراح يطوف بين اللاعبين، علماً أن النجم البرازيلي جارينتشا _ الملقب باطائر الصغير _ حاول التصدي له مراراً وتكراراً لكن دون جدوي، قبل أن يتمكن الإنجليزي جيمي جريفز من الإنقضاض عليه مثل جارح مفترس. وقد علق الهداف المرعب علي تلك اللقطة قائلاً: "لقد أحسست بمرارة كبيرة بعد ذلك، إذ لم يعد أي برازيلي يريد الإقتراب مني من شدة الهلع، وقد كان بإمكاني أن أستغل ذلك من أجل خلق العديد من فرص التسجيل." ولم تتوقف حكايات الإنجليز مع الكلاب عند هذا الحد، حيث كسب برين شهرة واسعة في أوساط ساكنة بلدة تركاي الواقعة في أقصي الجنوب، بعدما ساهم في إنقاذ ناديها المحلي من الهبوط إلي الدرجة السفلي. فخلال مباراة مصيرية أمام كرو أليكزاندرا، ارتمي الكلب البوليسي علي جون ماكنيهول، لاعب تركاي يونايتد، وغرس أنيابه في جسده بقوة فطرحه أرضاً لتتوقف المباراة للحظات طويلة من أجل إسعاف الضحية. وقد مكن ذلك الوقت الميت فريق النوارس من ترميم صفوفه وإعادة ترتيب أوراقه قبل أن يدرك التعادل في الوقت بدل الضائع، وهي نتيجة كانت كافية لطرد شبح الهبوط. حضور قوي لأصحاب الأجنحة مازالت سجلات أقوال نجوم كرة القدم تحتفظ بتصريح إيريك كانتونا الذي حير كل المتتبعين والمراقبين سنة 1995، حيث قال الأسطورة الفرنسي أن "طيور النورس عندما تطارد الصيادين فإنها تعتقد أنها ستنال قسطاً من أسماك السردين." ومن سبق له أن زار مرسي مدينة فيجو الأسبانية، لا بد وأنه عاين هذا المشهد عن كثب. لكن أجواء الميناء انتقلت إلي ملعب بالايدوس بمناسبة مباراة في كرة القدم بين سيلتا فيجو وريال مدريد، حيث اقتحمت طيور النورس أرضية الملعب، مما أرغم الحكم علي إيقاف المواجهة في انتظار طردها من الملعب، لكن أحدها امتنع عن الرحيل فأخذ يهاجم هداف النادي الملكي فيرناندو موريانتيس دون هوادة. وفي إنجترا، حط طائر غريب فوق أرضية ملعب سان جيمس بارك سنة 2006 بمناسبة إجراء مباراة بين نيوكاسل وريدينج (3-2)، لكن خطوته لم تكن مدروسة بشكل جيد علي ما يبدو. فقد وجد في انتظاره عشرات الآلاف من الغربان (لقب نادي المدينة الواقعة في أقصي الشمال الشرقي) يتقدمهم نسر نيجيري كاسر يدعي أوبافيمي مارتينس، والذي كان له بالمرصاد. ومن منا لا يتذكر ارتماءة الحارس الأسطورة سيب ماير الذي انقض علي بطة أرادت التسلل إلي المرمي بينما كان أحد لاعبي بايرن ميونيخ يستعد لتنفيذ ركلة جزاء خلال المباراة التي جمعت العملاق البافاري بنادي بوخوم ضمن منافسات البوندسليجا في سبعينات القرن الماضي. وبينما شهدت الملاعب البرازيلية ظاهرة "كيروش كيروش" الغريبة، والتي تمثلت في هجوم مجموعة من الطيور علي لاعبي الأندية المتنافسة، فإن جماهير بنفيكا البرتغالي لا يمكن أن تستغني عن كاسرها الشهير، حيث يعتبر النسر رمزاً للنادي منذ تأسيسه سنة 1904 وقبل انطلاق كل مباراة علي أرضية ملعب دا لوش (الأنوار)، يطوف نسر علي كل جنبات الملعب في محاولة لجلب الحظ لأبناء القلعة الحمراء. قطط بكل ألوان الطيف قام بعض من مشجعي إندبيندينتي بدفن سبع قطط سوداء في ملعب راسينج كلوب، معتقدين أن ذلك سيجلب الشؤم للغريم الأزلي، حيث استغلوا غياب راسينج بمناسبة رحلته إلي أوروجواي لخوض نهائي كأس القارات للأندية سنة 1967 أمام سلتيك الأسكتلندي والذي انتهت نتيجته لصالح النادي الأرجنتيني. ويبدو أن فعلة المتطيرين من أنصار إندبيندينتي حققت نجاحاً باهراً، إذ لم يعد راسينج لتذوق طعم الألقاب طيلة 34 سنة، إلي أن خضع ملعبه سنة 2001 لأعمال صيانة اكتُشفت خلالها جثث القطط المسكينة قبل أن يتم انتشالها من بين الأنقاض، ليستعيد النادي بعدها حلاوة التتويج بأشهر معدودة، حيث حقق لقب البطولة الافتتاحية. ومن حكايات الأموات إلي مغامرات الأحياء، حيث دخل قط رمادي اللون إلي أرضية الملعب أثناء مباراة نهائي كأس الاتحاد الأوروبي 2009 التي جمعت بين فيردر بريمن وشختار دونيتسك، بينما تسلل آخر أشقر اللون إلي المستطيل الأخضر خلال مباراة الإمارات-هندوراس ضمن نهائيات كأس العالم تحت 20 سنة مصر 2009، في حين شق سنجاب طريقه بثبات إلي رقعة الملعب خلال مباراة أرسنال وفياريال في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2006، أما موقعة تصفيات كأس أمم أوروبا 2008 بين فنلندا وبلجيكا، فقد تميزت بمشهد لا يقل غرابة عن سابقيه عندما حطت بومة فوق مرمي أحد الفريقين. وبينما كان المنتخب المغربي ينازل مضيفه الكيني ضمن تصفيات كأس العالم ألمانيا 2006، حط فجأة طائر أبو ساق فوق العشب متجولاً لبعض اللحظات، قبل أن يكمل رحلته الجوية محلقاً فوق مدرجات الملعب، في حين ظهر النمر الصغير، الذي يمثل رمز نادي أوبيليتش بلغراد، فوق ساحة الملعب علي بعد لحظات من انطلاق الموقعة الأوروبية التي جمعت أبناء العاصمة الصربية ونجوم بايرن ميونيخ سنة 1999. وبعيداً عن عالم الطيور والثدييات، شهدت أرضية ملعب أزتيكا الشهير حالة غير مسبوقة في أكتوبر من العام الماضي، حيث توقفت مباراة المنتخب المكسيكي أمام السلفادور ضمن تصفيات كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 بسبب تجمع سرب من النحل حول مرمي الزوار. وقد توقف اللعب بمدة عشر دقائق في بداية الشوط الأول، قبل أن يعود الطرفان إلي التباري وتنتهي الموقعة بفوز نجوم المكسيك 4-1 ومعه بطاقة التأهل إلي أول عرس عالمي يقام علي أرض أفريقية. ألم نقل لكم أن عجائب منافسات كرة القدم بلغت بها حد التشبيه بحياة البراري وعالم الأدغال؟