تثير العلاقة بين المثقفين وكرة القدم العديد من التساؤلات ولا تخلو من طرائف فيما فرضت المسألة نفسها علي اهتمام صحف ومجلات غربية رصينة في سياق البطولة الحالية لكأس العالم التي تستضيفها ألمانيا حالياً. أما في مصر والعالم العربي فإن الظاهرة تعيد للأذهان أسماء لامعة لمثقفين في حجم وقامة نجيب محفوظ الذي لا يخفي شغفه بالساحرة المستديرة خلافاً لبعض الكتاب والأدباء الذين تحولت علاقتهم بالكرة إلي "قصة حب طي الكتمان أحياناً"!. وفي عديد من المقابلات الصحفية فضلاً عن مقالاته يتحدث هرم الرواية المصرية والعربية نجيب محفوظ بود وحنين عن كرة القدم مستعيداً أيام الصبا التي عرفته لاعباً مجيداً وصاحب مهارات كروية فيما يبدو موقفه نموذجاً لعلاقة الود التي تربط بين المثقف الكبير والساحرة المستديرة. ويعد الروائي البرازيلي باولو كويلو الذي يوصف بأنه "صاحب الروايات الأكثر مبيعاً في العالم حالياً" من عشاق الساحرة المستديرة شأنه في ذلك شأن مواطنيه فيما كان الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" قد وجه له دعوة خاصة لحضور بطولة كأس العالم الحالية في ألمانيا وشهد بالفعل كل مباريات البرازيل في الدور الأول للمونديال. أما مات ويلاند الذي اشترك مع شين ويلسي في تأليف كتاب شيق عنوانه: ليس لأفكار المشجعين في المونديال "فيلاحظ أن هناك ظاهرة مثيرة في عالمنا المعاصر تتمثل فيما يسميه "بالمثقفين الكرويين" أو "الانتلجنسيا الكروية" ومن ثم فقد رصد في كتابه الذي يوصف بأنه "مصنف جديد" تفاصيل هذه الظاهرة وأسماء مشاهير المثقفين الذين وقعوا في هوي "الساحرة المستديرة". ويعد الكاتب والمحقق اللغوي الراحل محمد محمود شاكر والملقب "بشيخ العربية" أحد المثقفين الكبار الذين وقعوا في هوي "الساحرة المستديرة" ولم يكن هذا الكاتب الشامخ -الذي دخل في معارك عاتية مع الدكتورين طه حسين ولويس عوض- يخفي ولعه بكرة القدم. وإذا كان المفكر السياسي الأمريكي الذائع الصيت هنري كيسنجر الحائز علي جائزة نوبل للسلام والذي شغل من قبل منصب وزير الخارجية قد وقع في هوي الساحرة المستديرة فإن الأمر لم يصل بعد في أمريكا إلي حد أن يقرض الشعراء قصائد في حب الكرة مثلما هو الحال في لعبة البيسبول التي حظيت بقصائد من شعراء مثل جون شيفر وستيفن جاي جولد فيما عبر هؤلاء الشعراء عن ارتباط لعبة البيسبول بالهوية الأمريكية. وإذا كانت الهوية الحقيقية كامنة في الجوانب الإبداعية من الثقافة كما يقول الشاعر السوري الكبير علي أحمد سعيد المعروف باسم "أدونيس" فإن كرة القدم باتت في نظر العديد من الكتاب إحدي تجليات الإبداع لأي شعب من الشعوب. ويلاحظ الكاتب الأمريكي بريان كورتز أن إبداعات الشعراء والكتاب الأمريكيين حول البيسبول يحدث بصورة أخري في بقية أنحاء العالم حيث تحولت كرة القدم إلي "محفز إبداعي" لعديد من الشعراء والكتاب فيما تستدعي الساحرة المستديرة عند بعض الأدباء ذكريات الطفولة وأيام الصبا والأصدقاء في أحلي مراحل العمر كما هو الحال عند "أديب نوبل" نجيب محفوظ