عادة ما يطلق لقب "فريق الأحلام" علي الفريق المرصع بأشهر وألمع نجوم لعبة ما، بغض النظر عن المردود الذي يقدمه هؤلاء النجوم أو مدي عطائهم، لكن فريق برشلونة الإسباني قدم معني آخر لهذا اللقب، بعد نتائجه القياسية محلياً وأوروبياً منذ بداية الموسم. البداية من المدرب لم يكن بيد خوان لابورتا رئيس نادي برشلونة إلا البحث عن تغيير جذري؛ لإيقاف حالة التدهور التي شهدها فريقه الكروي بعد فوزه بلقب الليجا لعام 2006؛ إذ حل ثانياً موسم 2007 وثالثاً في الموسم الماضي. هذا التغير كان بدايةً من المدرب الهولندي فرانك رايكارد الذي قاد الفريق منذ عام 2003، محققاً معه لقب دوري أبطال أوروبا لعام 2006 ولقب الدوري مرتين متتاليتين عامي 2005 و2006، ولقب السوبر الإسباني عامي 2005 و2006 . وبعد طرح عدة أسماء بارزة رسا النادي الكاتالوني علي نجم الفريق السابق بيب جوارديولا الذي انطلق من فريق الشاب للبرشا ليدافع عن ألوان الفريق الكاتالوني أكثر من 11 عاماً بدءاً من عام 1990، وبعد أن درب الفريق الرديف لبرشلونة الموسم الماضي؛ أصبح جوارديولا تحت الأضواء مدرباً للفريق الأول بإقليم كاتالونيا. قوة التغيير أراد المدرب الجديد أن يفرض رأيه وشخصيته علي الفريق المتراجع وأن يعيد بناء الثقة لدي لاعبيه، فكان أول قرار له هو التخلي عن البرازيلي رونالدينيو الذي كان أحد العناصر الأساسية بفوز النادي بالدوري ودوري الأبطال، لكنه بالوقت ذاته كان أحد العوامل الأساسية بتراجع أداء الفريق نظراً لسهراته الليلية وعدم جديته بالتمارين. وإلي جانب رونالدينيو طالب جواردويلا بالتخلي عن ديكو وإيتو، ولكن من حسن حظه؛ أن مفاوضات بيع الأخير باءت بالفشل، ليصبح أحد أهم أعمدة التغيير في برشلونة المتجدد. في المقابل، عمل جوارديولا في استقدامه للاعبين الجدد علي صنع فريق متناسق ومتجانس، فكانت معظم تعاقداته لتصحيح مراكز الخلل ومنح الفريق نقاط قوة إضافية، فعزز خط الدفاع بالأورجوياني مارتن كاسيريس والإسباني جيرارد بيكي والظهير البرازيلي المتألق دانيل ألفيس. ولتعزيز خط الوسط استقدم المالي سيدو كيتا والبيلاروسي ألكسندر هليب، بالإضافة إلي الواعد سيرخيو بوسكتيس الذي دربه في الفريق الردف، فيما اكتفي بالثلاثي ميسي وإيتو وهنري بخط المقدمة. القوة الضاربة منذ اللقاء الأول الذي خاضه برشلونة تحت قيادة جوارديولا في المباريات التحضيرية للموسم، بدا أن الفريق يمتلك قوة هجومية ضاربة سوف تشكل قلقاً كبيراً لأعتي الدفاعات، حيث سحق هيبرنيان الاسكتلندي بسداسية قبل أن يضرب مواطنه دندي يونايتد بخماسية. ولم تكن المباراتان الأولتان اللتان خاضهما برشلونة في الدوري - خسر في الأولي أمام نومانسيا 1-0 وتعادل في الثانية علي أرضه مع رايسنج 1-1، إلا كبوة جواد استعاد بعدها الفريق قوته الضاربة ليسحق خيخون بسداسية، كررها مع أتليتيكو مدريد وبلد الوليد، وليمضي قدماً بصدارة الدوري إذ يبتعد الآن بفارق عشر نقاط كاملةٍ عن إشبيلية أقرب مطارديه. وتتمثل القوة الضاربة في البارشا بثلاثي خط المقدمة إيتو وميسي وهنري، إذ يتصدر الأول قائمة هدافي الدوري برصيد 15 هدفا فيما سجل الثاني 10 أهداف والثالث 8، ويبلغ مجموع أهدافهم 33 هدفاً من أصل 48 أحرزها الفريق في الدوري، أي أن هذا الثلاثي أحرز ما نسبته 68.7 % من أهداف النادي الكاتالوني في الليجا. وتتجاوز الأرقام هذه حدود بلاد الفلامينجو؛ ليعد البارشا صاحب أقوي خط هجوم في الدوريات الأوروبية الكبيرة، إذ إنه يبتعد بفارق 6 أهداف عن هوفنهايم متصدر الدوري الألماني مع أن الأخير لعب مباراة أكثر، وهذه الأفضلية تتجلي في دوري الأبطال؛ إذ يعتبر برشلونة الأقوي هجوماً في المسابقة بعدما أحرز 18 هدفاً في مبارياته الست بدور المجموعات. الدفاع الحديدي ولم يتميز برشلونة بهجومه الضارب فحسب، بل يعتبر خط دفاعه هو الأقوي في الليجا أيضاً، إذ لم يدخل مرماه في المباريات ال16 سوي عشرة أهداف فقط، الأمر الذي ينبيء بأن جائزة " زامورا" لهذا الموسم ستكون من نصيب حارسه فيكتور فالديز. ويزيد من ضخامة هذه الأرقام، أن فريق ريال بيتيس هو الوحيد الذي تمكن من تسجيل هدفين في مرمي فالديز!!، فيما تلقي هدفاً واحداً في ثمان مباريات، وخرجت شباكه نظيفة في سبع مباريات منها ثلاث علي التوالي. والملفت للانتباه أن برشلونة لم يتلق خلال مواجهته مع الخمسة الكبار في الليجا ( ريال مدريد، إشبيلية، فالنسيا، فياريال، أتلتيكو مدريد) سوي هدفين فقط، مقابل 17 هدفاً أحرزها في مرمي خصومه هؤلاء. أرقام قياسية هذه العوامل جميعها ساهمت بابتعاد برشلونة في صدارة الليجا وبتزعم مجموعته بدوري الأبطال، وتعدي ذلك ليحقق أرقام قياسياً تدعم من حظوظه لحصد الألقاب في هذا الموسم، ولعل أبرز الأرقام التي يفتخر بها البارشا أنه توج بلقب "بطل الشتاء" بهزيمة واحدة فقط، وبمعدله التهديفي الذي يصل إلي 3 في المباراة الواحدة، بالإضافة إلي معدل تلقي النادي للأهداف والذي يقل عن هدف واحد في المباراة. ويضاف إلي جمالية أداء البارشا وقوته لعبه النظيف، إذ لم يتلقَّ لاعبوه سوي بطاقة حمراء واحدة، كانت من نصيب جيرارد بيكي قبل ربع ساعة من نهاية مواجهة فياريال. كل هذه المعطيات والأرقام أهّلت برشلونة لنيل لقب "فريق الأحلام" عن جدارة واستحقاق، كما تقدم مؤشرا واضحا علي أن النادي -إذا ما استمر علي هذا النهج- لن يقف أحد في طريقه نحو حصد الألقاب.