لم يكن تتويج برشلونة بطلا للدوري الإسباني لكرة القدم قبل أسبوعين من خط النهاية مجرد حلقة جديدة في سلسلة الصراع الأبدي مع غريمه ريال مدريد ، وإنما هو علامة فارقة في تاريخ الكرة في أوروبا والعالم ، ولحظة تم الإعلان فيها رسميا عن تتويج ملوكا جدد على عرش اللعبة وإحالة من سبقوهم إلى متحف التاريخ. وتشاء المصادفة أن يأتي فوز برشلونة الأول بالدوري في الألفية الجديدة ، متزامنا مع سقوط مروع للنادي المدريدي بما يضمه من لاعبين تخطوا مرحلة النجومية إلى انتزاع مكان ثابت في عالم "أساطير" كرة القدم. فعلى رغم أن صفوف برشلونة تضم صانع الألعاب البرازيلي رونالدينيو ، أفضل لاعب في العالم ، والمهاجم الكاميروني صامويل إيتو ، أفضل لاعب في أفريقيا لعامين متتاليين ، والبرتغالي ديكو ، ثاني أفضل لاعب في أوروبا إضافة إلى الفرنسي الموهوب لودفيج جولي وغيرهم ، إلا أن العالم كله كان في حاجة إلى وثيقة الفوز بالدوري ليؤمن أن زمن زين الدين زيدان ، ورونالدو و لويس فيجو يدخل مرحلة الخريف. وانتزاع جوائز الأفضل عالميا وقاريا لم يكن البرهان الوحيد لهؤلاء الأبطال على أنهم الأفضل ، ولكن تفوقهم على أقرانهم "الملكيين" في جميع الأرقام والإحصاءات أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن العصر المقبل هو لأبطال إقليم كاتالونيا الجدد. برشلونة ، عند إعلانه بطلا ، كان الأفضل في كل شئ. أكثر الفرق فوزا وأقلهم هزيمة ، يملك أخطر هجوم وفي المقابل يعد خط دفاعه هو الأفضل في البطولة. فريق الأحلام اعتمد المدير الفني الشاب فرانك ريكارد على الحارس فيكتور فالديس منذ بداية المسابقة وكان الشاب الموهوب يثبت من مباراة لأخرى كفاءته وقدرته على تحمل مسئولية الدفاع عن مرمى برشلونة في رحلته الشاقة نحو اللقب ، ولم يدخل مرماه حتى المرحلة ال36 من البطولة سوى 26 هدف في مقابل 31 في مرمى إيكر كاسياس حارس ريال مدريد والمنتخب الإسباني. خط الدفاع يعتمد بشكل أساسي على الدولي المخضرم كارلوس بيول ، قائد الفريق ، الذي يمثل عنصر الثقل والأمان لباقي أفراده وعلى رأسهم البرازيلي جوليانو بيليتي والمكسيكي رفائيل ماركيز. وتكمن عبقرية الفريق في خط الوسط الذي يقوده الساحر رونالدينيو ، والذي وصفه بعض الخبراء بأنه "أفضل دعاية للعبة كرة القدم" فهو لاعب سريع كالبرق يبرع في توزيع الكرات بشكل لا يمكن توقعه ، حتى بالنسبة لزملائه في بعض الأحيان ، كما أنه يجيد تسديد الركلات الثابتة القريبة من المنطقة بشكل يجعلها أقرب في خطورتها إلى ركلات الجزاء.
وعلى الجانب الدفاعي ، تألق كثيرا الإسباني الدولي شابي هيرنانديز وتحمل ، وحده في بعض الأحيان ، مغبة اللعب لفريق يعشق الكرة الهجومية ويندفع جميع أفراده في محاولات متتالية لإصابة مرمى المنافسين. أما في الهجوم ، فكان إيتو هو النجم الأول بلا منازع ، ليس في الفريق الكاتالوني فقط ولكنه كان نجم "الليجا" كلها ، وساهم بأهدافه ال24 ، حتى قبل مبارتين من النهاية ، في تربع فريقه على القمة وتربعه هو في صدارة الهدافين. ومع هؤلاء النجوم ، تألق على فترات لاعبين آخرين مثل الإسباني الصاعد أندريه انيستا ، والهولندي الدولي جيوفاني فان برونكهورست ، والأرجنتيني ماكسميليانو "ماكسي" لوبيز. ولكن الفوز ببطولة الدوري وإعجاب وتقدير الملايين في العالم كله ، لم تبدأ رحلته من داخل الملعب وإنما كان الملعب هو خط النهاية إذ عملت إدارة برشلونة بقيادة الرئيس الشاب خوان لابورتا على توفير العوامل كافة التي تضع الفريق على طريق اللقب ، مستغلة في الوقت نفسه تخلي المنافس التقليدي عنها وانشغاله بحساب الأرباح والفوائد. استثمار المتعة .. ومتعة الاستثمار! وضعت إدارة "البارسا" المستقبل نصب أعينها ، ونجحت مع ريكارد في ضم نجوم المستقبل من دون النظر إلى "أساطير الحاضر". فعندما حضر رونالدينيو إلى برشلونة العام الماضي ، وساهم مع رفاقه في تحسين صورة الفريق من دون تحقيق أي ألقاب ، لم يتخل لابورتا عن المدير الفني ، ولم يفتش في أوراقه القديمة ولم يتهم التجربة بالفشل ويتنحى عن إكمال ما بدأه النادي. وانضم إلى البرازيلي الموهوب هذا العام كل من إيتو وديكو وجولي والسويدي المخضرم هنريك لارسون ، الذي منعته إصابة في الركبة من المشاركة في انتصارات الفريق منذ نوفبر الماضي ، وشكلوا توليفة سحرية متفاهمة ، وممتعة قدمت الكرة الجميلة جنبا إلى جنب مع الانتصارات المتتالية. واستثمارا لهذه المتعة الكروية التي يقدمها نجوم الفريق ، نجح النادي في مفاوضاته لتأمين عقد رعاية مع مؤسسة صينية رائدة ، لم يتم الإفصاح عن اسمها ، تضمن دخول ما يقرب من 24.6 ملي