تسببت الفضيحة التي يواجهها إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي وتهدد بقاءه في منصبه في تعثر المبادرة المصرية لإحلال "التهدئة" في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ يونيو 2007 علي نحو يزيد من احتمالات إقدام أولمرت علي مزيد من التصعيد في غزة للتغطية علي فضائحه في الداخل. وفيما يبدو أنها محاولة للحصول علي ضوء أمريكي لتنفيذ مخططه في غزة، وصل أولمرت أمس إلي واشنطن لإجراء محادثات مع الرئيس الأمريكي جورج بوش يتصدرها الوضع في غزة، وسبل وقف إطلاق الصواريخ الإسرائيلية. وأكدت مصادر إسرائيلية رسمية أن إيهود أولمرت، أجل الاجتماع المقرر للمجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر، الذي كان من المقرر أن يلتئم أمس الأول للبت في الرد الإسرائيلي علي شروط حماس للتهدئة، لحين عودته من الولاياتالمتحدة في الأسبوع القادم. وقالت هذه المصادر، إن التوتر الشديد في العلاقات بين أقطاب الحكومة الإسرائيلية، أولمرت، وباراك وليفني، أخذ ينعكس بوضوح علي عمل الحكومة، وأن قرار أولمرت بتأجيل انعقاد المجلس الأمني السياسي المصغر، جاء علي ضوء الأزمة التي يعانيها أولمرت، وعلي أثر الخلافات الشديدة في الرأي التي اندلعت بين الأقطاب الثلاثة في الجلسة الخاصة التي عقدت ظهر الجمعة لتحديد الموقف الإسرائيلي من شروط حماس للتهدئة. وقالت المصادر الإسرائيلية، إن باراك وأولمرت سيجريان مشاورات علي نطاق ضيق مع الجهات الأمنية وبمشاركة وزيرة الخارجية تسيبي ليفني بعد أن كان الاثنان اتفقا في نهاية الأسبوع الماضي أنه لا يمكن حاليا اتخاذ قرار حاسم بشأن التهدئة أو لجهة القيام بعملية عسكرية في قطاع غزة بسبب عدم وضوح موقف حماس في المفاوضات حول وقف إطلاق النار. ونقل موقع واللا الإسرائيلي عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها : إن الشروط التي تضعها حماس قاسية، ولا سيما علي ضوء عدم التزام الحركة بوقف تهريب الأسلحة إلي القطاع. وكان أولمرت اتهم كلا من وزير أمنه، إيهود باراك، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني بإجراء اتصالات مع حركة حماس من وراء ظهره، وعلي أثر ذلك أمر بإلغاء زيارة الجنرال المتقاعد عاموس جلعاد، رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الأمن، إلي القاهرة حيث كان يفترض أن ينقل الوزير عمر سليمان ردا إيجابيا يتمثل بخطوط عريضة للاتفاق مع حماس علي تهدئة مع كافة الفصائل، في المرحلة الأولي، مقابل تعهد مصري- دون موافقة من حماس- بمنع تهريب الأسلحة، والعمل علي دفع المفاوضات للإفراج عن الجندي الإسرائيلي شاليط في مرحلة متقدمة وعلي مسار منفصل. وعلي الرغم من عدم إعلان ذلك، إلا أنه من الواضح أن الأزمة السياسية التي تعصف بأولمرت، من جهة، وتحركات باراك وليفني لمرحلة ما بعد أولمرت، تؤثر في مواقف الأقطاب الثلاثة، إذ يتحصن كل منهم في موقف مغاير كتغطية للخلافات السياسية والتوتر في العلاقات بينهم، وهي خلافات تحاول التستر تحت تباين المواقف من التهدئة، والعملية العسكرية، وهو تباين لم يطف إلي السطح إلا في ظل التطورات الداخلية علي الصعيد الحزبي والانتخابي.. وفي هذا السياق أعلن ديوان أولمرت أن الأخير ، مثلا، "يصر علي أن يكون إطلاق سراح الجندي شاليط جزءا من اتفاقية التهدئة" وأن القرار بهذا الخصوص هو فقط من اختصاص المجلس الأمني الوزاري المصغر، الذي لن يجتمع مجددا قبل عودة أولمرت من واشنطن الأسبوع القادم، وبالتالي فإن أي قرار بشأن عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة لن يتخذ قبل مطلع الأسبوع القادم.. وادعي مقربون من أولمرت، أن موضوع التهدئة هو موضوع مصيري ويجب أن تتخذ الحكومة الإسرائيلية برمتها قرارا واضحا ومحددا بشأنه وفق القنوات والإجراءات المعقولةالتي تليق بأي دولة، وبالتالي لا يمكن تركه للبت فيه من خلال جلسة أو لقاء بين الجنرال جلعاد والوزير عمر سليمان، خصوصا أن أولمرت يخالف باراك الرأي بشأن الإشارات القادمة من مصر، ففيما يري فيها باراك إشارات إيجابية وأن الشروط الحالية تكفي للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، مما سيخدم إسرائيل ويمكنها من الاستعداد بصورة أفضل لعملية عسكرية في غزة، يعتقد أولمرت أنها غير كافية.. إذ يرفض أولمرت أن تكون مسئولية منع تهريب الأسلحة إلي غزة ملقاة علي مصر فقط فيما تكون الفصائل الفلسطينية حرة اليدين وغير ملتزمة بها، لأن أولمرت يرفض تعريض العلاقة الإسرائيلية مع مصر، والتي يصفها أولمرت بأنها "كنز استراتيجي" بالنسبة لإسرائيل، للامتحان أو حتي إحراج النظام في مصر في حال استمرت أعمال التهريب عبر الحدود بين مصر وقطاع غزة.. وفي ظل التوتر الشديد في العلاقات بين أقطاب الحكومة الثلاثة، وخصوصا بين أولمرت وليفني، فإن أولمرت يكثف من إشراك وزير المواصلات، رئيس هيئة الأركان العامة سابقا ووزير الدفاع السابق في المشاورات التي يجريها. وفي هذا السياق أعلن موفاز في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية العامة، أنه يرفض التوصل إلي اتفاق مع حماس، ذاهبا إلي القول" إنه يجب عدم التفاوض مع المنظمات الإرهابية، والعمل علي ضربها"، وهو نفس الموقف الذي يعلنه في الآونة الأخيرة، النائب الأول لأولمرت، حاييم رامون، الذي يدعو منذ أسابيع إلي عدم إجراء اتصالات مع حماس والقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق للقضاء علي سيطرتها في قطاع غزة. في غضون ذلك قالت مصادر أمنية إن كافة التقارير الاستخباراتية الإسرائيلية تشير إلي أن حركة حماس ستعمل خلال فترة التهدئة علي تحسين قدراتها القتالية وتدريباتها استعدادا لأي مواجهة محتملة مع إسرائيل، من هنا تصر إسرائيل علي أن تلتزم حماس ومعها الفصائل الفلسطينية مجتمعة بوقف التهريب.