المخرج حسن غنجة: وضع الجدة في المغرب يكاد يشبه وضعها في صعيد مصر،حيث الكلمة المسموعة وتقديم فروض الطاعة لها بطل الفيلم يشبهني في ملامحي لكنه يختلف معي في أحلامي.. و"الجدة" أصبحت وزيرة للثقافة معجب بالشعب المصري الطيب.. وشوارع القاهرة التي لم تفقدها "الزحمة" سحرها ضمن فعاليات أيام السينما العربية الأوروبية، التي اصطلح علي تسميتها "الكارافان"أو القافلة، والتي تقام في مركز الإبداع بالأوبرا لمدة سبعة أيام متواصلة، عُرض الفيلم المغربي "أركان"، وعقب انتهائه عقدت ندوة مع مخرجه حسن غنجة حفلت بالكثير من التفاصيل الحيوية، والجديرة بالتوقف نظراً لأهميتها. تدور أحداث الفيلم في قرية نائية وفقيرة في المغرب تشتهر بزرع شجرة نادرة يُطلق عليها "أركان"، ويُستخرج منها زيت فريد يُستخدم في الطعام والعناية بالبشرة، وتحمل الأحداث صراعات عديدة أحدها بين شاب لديه طموح في أن يبيع زيت الشجرة لشركة عالمية لكن ثريا فاسدا يدبر مخططاً لاحتكار خيرات الشجرة لنفسه، ويصل الصراع إلي ذروته بإقدام جدة الشاب علي اغتيال الثري الفاسد لتحرر القرية،وحفيدها، من سطوته ثم تفارق الحياة ليستعيد الشاب "رشيد" فرصته في تحقيق أحلامه المشروعة. بدأت الندوة بتقديم المخرج المغربي حسن غنجة، الذي سبق له إخراج العديد من الأعمال السينمائية من بينها البوليسية والإجتماعية، وحلقات "السيت كوم" التليفزيونية. وانصب التساؤل الأول حول القرية التي صُور فيها الفيلم، وعما إذا كانت واقعية أم بُنيت من خلال الديكور،فأكد المخرج أنها قرية حقيقية تقوم بزراعة هذه الشجرة النادرة بالفعل حتي باتت رمزاً لكفاح أهل هذه القرية. واستطرد المخرج في الحديث عن البيئة المغربية، ونادي بضرورة الحفاظ علي هويتها،وتراثها المغربي، في مواجهة العولمة، وعن سر القوة التي اتسمت بها شخصية "الجدة" في الفيلم فأكد أنها تعد بمثابة رب الأسرة في المجتمع المغربي، والكل يدين لها ويقدم لها فروض الطاعة والولاء، وربط بين وضعها في القري المغربية تحديداً، وبين الوضع نفسه في صعيد مصر. المخرج حسن غنجة أشار إلي ظروف انتاج وتمويل الفيلم، وصناعة السينما بوجه عام في المغرب، فكشف عن وجود مشاكل وأزمات وصعوبات تتعلق بالتمويل، وخص بالذكر فيلمه الذي يقترب من قضية تراثية،وليست اجتماعية تقليدية، لكنه أشاد بالمركز السينمائي المغربي الذي شارك في دعم ميزانية الفيلم مع إحدي الشركات الإنتاجية الخاصة،وتحمل اسم "دنيفيلم" وأيضاً التليفزيون المغربي كما تحدث عن رحلته الدراسية إلي بلجيكا، حيث درس هناك صناعة السينما بشكل علمي وأكاديمي، وبعدها عاد إلي وطنه المغرب لينقل ماتعلمه من خبرات عبر أعمال تحمل طموحاته وأمنيات وهموم وطنه. الطريف أن المخرج اعترف بأن "رشيد" بطل فيلمه "أركان" فيه الكثير منه،خصوصاً علي صعيد الشكل، لكن الحلم بينهما شديد الاختلاف. وعن المشاهد الصعبة التي واجهته أثناء تصوير الفيلم أشار إلي مشهد قتل "الجدة" للرجل الفاسد، وأعلن أن هذه النهاية أضيفت علي الفيلم أثناء التصوير، حيث إن المشهد الأصلي يؤكد مقتل الرجل الفاسد بمحض المصادفة، بعدما تسقط عليه عربة تحمل كمية كبيرة من "الليمون" لكنه، علي الرغم من تصوير النهاية بهذا الشكل،لم يبد رضاءه عن هذه النهاية، فاتجه إلي تغييرها بحيث يموت علي يد "الجدة" بعدما رأي أن لهذه النهاية وقعاً أكبر وأقوي تأثيراً علي نفس المتلقي. وانتهز الفرصة ليعلن أن الممثلة التي جسدت دور "الجدة" أصبحت بعد تصوير الفيلم وزير للثقافة في المغرب، وهي ثريا فخري! "غنجة" اختتم الندوة بالحديث عن حبه لمصر، وتقديره لشعبها "الطيب" علي حد قوله وأعرب عن إعجابه بشوارعها الجميلة وتخطيطها العمراني، وأشاد بالفنان الذي كان له فضل تقسيم هذه الشوارع والميادين بهذا الشكل الفريد الذي لم تنجح "الزحمة" في إخفاء سحره وجماله.