في يوم واحد وفي إحد الصحف المصرية قرات أن رئيس بنك الإسكندرية محمود عبداللطيف قال "إن التعليمات العليا التي كانت تسقط علي رأس مسئولي البنوك حولت تلك البنوك إلي سبيل، يستطيع أي شخص الحصول علي قرض منها والهرب به، دون أي ضمانات، واستشهد عبد اللطيف بتجربته في بنك الإسكندرية كمثال لإدارة القطاع العام، وأكد أن الفساد كان قد استشري في البنك بصورة غريبة، وقال إن أكثر من نصف العاملين كانوا متهمين في قضايا فساد مالي، ووصف نظام العمل بأنه كان يقوم علي التجاوز في كل شيء، مهنياً وأخلاقياً، كما وصف مديري الفروع بأنهم لا يفهمون شيئاً، مما تسبب في غرق البنك في نهاية المطاف". وأكد عبداللطيف "إن المحفظة الائتمانية لبنك الإسكندرية قبل بيعه كانت مضروبة، وأن هناك504 مليارات جنيه كانت موزعة علي 55 ألف عميل فقط، وذلك بسبب إطلاق يد وصلاحيات العاملين في فروع الائتمان وعدم خضوعهم لأي رقابة أو رادع". وفي نفس الصحيفة واليوم نفسه، جاء إن الأموال التي هربها الدكتور أسامة عبدالوهاب رئيس شركة النصر للمسبوكات قبل أن يموت قد وصلت إلي (320 مليون فرنك سويسري، و23 مليون فرنك فرنسي، و71 مليون دولار أمريكي، و71 مليون مارك ألماني، و20 مليون يورو، و90 مليون ين ياباني، و17 ألف جنيه استرليني، و300 ألف دولار كندي، ونصف مليون مارك فنلندي، و300 ألف جلدر هولندي). وفي صحيفة أخري نقرأ حمدي السيد يقول: صفوت الشريف خضع لضغوط شركات السجائر، وسأفضح 20 وزيراً ونائباً حصلوا علي رشاوي (الصفحة5)، ونقرأ أيضاً (الصفحة 6) عمال غزل كفر الدوار الثائرون يعتصمون، الشركة القابضة منحت المصنع 25 مليون جنيه واختفت، ورئيس القطاع باع ماكينات تساوي الملايين علي أنها خردة، ورئيس الشركة عين ابنة أخيه وأعضاء المجلس عينوا أبناءهم، واستخدام القطن السوداني واليوناني بمواد كيماوية أصابت العمال بأمراض خطيرة. وكذلك صور حية علي أجهزة المجهول تفضح تورط ضباط الشرطة في التمثيل بجثة مواطن، مفاجأة جديدة في قضية تحالف 12 ضابطا مع عضو مجلس شعب للاستيلاء علي الأراضي. وكذلك فضيحة جديدة طلب إحاطة يكشف تورط شركات حكومية في إنتاج أدوية فاسدة تم طرحها بالأسواق. إن مما يضاعف من الأثر السيئ للفساد أنه يعمل علي توهين صحة المصريين وإصابتهم بأمراض، فالمبيدات المسرطنة أصابت الشعب بالسرطان، وفضيحة أكياس الدم أصابت مئات المرضي الذين نقلت هذه الدماء إليهم، بينما تتفجر أنابيب الغاز الفاسدة فتقتل الناس وتدمر البيوت. واقرأ أيضا في جريدة آخري حدث في مشروع الصرف الصحي بمنطقة أوسيم: المقاول حصل علي 10.5 مليون جنيه قيمة أعمال تحويلات وهمية للمرافق بالمشروع، تركيب مواسير غير مطابقة للمواصفات نتجت عنه أضرار بالغة، الاستيلاء علي مبلغ 4.9 ألف جنيه تحت بند ترك أخشاب علي غير الحقيقة، صرف مبلغ 595 ألف جنيه لمقاول المشروع بالمخالفة لاشتراطات التعاقد، تركيب نظام للطرد المائي للمحطة ليست في حاجة إليه. هذه قطرات واحدة من بحر الفساد الذي أغرق البلاد وأوقفها علي هاوية الإفلاس، وجعل الجنيه لا يساوي سوي أقل من خمس دولار، وقد ينبخس أكثر، وجعل المستثمرين من كل بلاد الدنيا يضيفون 30% علي كل عرض يقدمونه لزوم السمسرة والعمولات والرشاوي والبيروقراطية.. كثير من المستثمرين يرفضون الاستثمار أصلاً لكي يوفروا علي أنفسهم المحاكمات والمطالبات وتعدد الهيئات، مما يهين كرامتهم ويهدر وقتهم، وتضخمت الواردات علي حساب الصادرات حتي اضطرت الحكومة أن تبيع البنوك والشركات لمحاولة سعد العجز وأن تسطو علي أموال التأمينات. كل هذه البلاوي (المتلتلة) نتيجة لأن الطريقة السريعة والمألوفة للثراء السريع هي الفساد، وليس العمل والكد والأمانة والاجتهاد. أعجب كل العجب من عدم وجود هيئة أو هيئات تنشأ لمقاومه هذا السرطان الذي يلتهم الاقتصاد والكرامة، وإذا كانت موجودة فماذا تعمل؟ نريد هيئة قوية، صريحة، لا تأخذها في الحق لومة لائم يكون شعارها "لا للفساد" وتتقصي الفساد من مواطنه، وفي كل مكان.. في وزارات الصحة والزراعة والنقل حيث عشش وباض وأفرخ فضائح يشيب لهولها الإنسان، ثم في البنوك التي قضي عليها "الهبر" وأخذ القروض بمبالغ جاوزت الملايين إلي المليارات، ثم الشركات الصناعية التجارية. وتقوم هذه الهيئة وتأخذ لها موقعاً علي الإنترنت وترسل إلي الصحف يوماً بعد يوم بفضائح الفساد، وبأسماء المتهمين بعد أن تلاحظ احتياطيات السلامة التي تحول دون وقوعهم في مسئولية قانونية. كما تقوم هذه الهيئة بمناشدة كل المواطنين الشرفاء الذين يعلمون فساداً أن يخطروها به. ويمكن في مرحلة لاحقة أن تتولي هي رفع قضايا علي هؤلاء المجرمين الذين خانوا الثقة التي وضعت فيهم كأمناء علي ثروات البلاد فأصبحوا لصوصاً يسرقونها.