متبرع رفض تماماً ذكر اسمه أقام وأنشأ كلية جامعية في جامعة حكومية وزودها بكل ما يلزمها من أثاث ومستلزمات مزاولة نشاطها علي نفقته الخاصة. ومتبرع آخر كان وربما ما زال ينشئ مسجداً في أية قرية أو أي مكان يحتاج سكانه إلي إنشاء مسجد علي نفقته الخاصة بشرط وجود الأرض اللازمة لإنشاء المسجد بالمجان. ومتبرع آخر يقال إنه مستعد للتبرع بمليار جنيه وآخر ينافسه بتقديم .شيك علي بياض. للإنفاق علي حملة انتخابية لشخص معين دون غيره..!! ومتبرع يقوم بعمل كذا وغيره يفعل كذا وكذا إلي آخر قائمة لا تنتهي من المتبرعين لعمل الخير ربما بنية خالصة لوجه الله ودون إعلان أسمائهم وربما لأغراض شخصية ظاهرة أو باطنة لا يعلمها إلا الله..!! لدرجة أن أربعين مليارديراً عالميين اتفقوا فيما بينهم علي التبرع بنصف ثرواتهم علي الأقل لصالح الفقراء في العالم أو في أماكن محددة من العالم..!! وبلغة الإحصاءات والدراسات العلمية يقال إن أعلي نسبة من المتبرعين لما يرون أنه .خير. في بلادهم هي نسبة المتبرعين في مصر إلي عدد السكان المصريين وإلي عدد المتبرعين من أية دولة أخري بغض النظر عن قيمة مجمع تبرعاتهم السنوية التي تتضاعف نسبتها في شهر رمضان المبارك من كل عام.. وبلغة الرأي الذي يقول معناه إن المؤمن إذا تبرع بيمناه لا يجب أن تعلم يسراه قيمة ما تبرع.. يقال إن التبرعات المستترة لا يتم الإعلان عنها تصل قيمتها إلي ثلاثة أو أربعة أضعاف قيمة التبرعات التي يمكن حصرها في احصاءات رسمية وهذه الأخيرة في مصر تصل سنوياً إلي نحو خمسة مليارات من الجنيهات!! وبالقراءة الشكلية لهذه التبرعات في كل أشكالها المادية والمعنوية المباشرة وغير المباشرة اليومية أو الشهرية أو السنوية أو الموسمية أو ذات المناسبات الخاصة نجد أنها للوهلة الأولي ليست ضد رسالة السماء في الكتب السماوية وفي سنن الأنبياء والسلف الصالح في كل زمان ومكان..!! ومع ذلك فإن المتحدث الآن يحاول أن تكون قراءته لمثل هذه التبرعات والأعمال في أرقامها الإحصائية قراءة اجتماعية من جميع الزوايا بكل الإيمان بالله كما نرجو أن يتقبله الله وبكل الحس الوطني الخالص والحرص علي المصلحة العامة لبني الإنسان في كل مكان دون الوقوف فقط عند القراءة الرياضية والإحصائية البحتة التي قد يكون الضرر فيها أكثر مما يدعيه الكثيرون من المنفعة العامة.. والقاعدة الشرعية المتفق عليها ولا خلاف فيها ويمكن تطبيقها في قراءتنا الاجتماعية لما نحن فيه الآن هي أن مازاد ضرره عن نفعه فهو حرام..!! وخذوا لذلك بتواضع العلماء من الجميع مثلاً حيث يقال في إحصاءات رسمية إن متوسط دخل الفرد سنوياً هو عدة آلاف من الجنيهات وبما يتجاوز خط الفقر علي مستوي هذه الدولة أو تلك فهذا القول بالأرقام فيه خداع اجتماعي قد يكون غير مدروس أو غير مقصود ودليل ذلك لمن أراد أن يتدبر هو أن مجموع الدخل القومي لمثل هذه الدولة التي يقال فيها ذلك يدخل فيه مجموع الدخل الخاص الذي يدخل إلي جيوب كبار رجال الأعمال والمليارديرات من عشرات المليارات سنوياً وبدخول هذه المليارات .الخاصة. في حساب متوسط الدخل القومي للفرد الواحد يجعل هذا المتوسط لجميع الأفراد فوق مستوي خط الفقر بكثير فيبتاهي كبار رجال الدولة التي تنتهج هذا النهج بأن كل شيء تمام وأنه لايوجد فقر ولا يوجد إنسان ينام خائفاً بينما القراءة الاجتماعية تقول إنه إذا اعتمدنا في حساب متوسط دخل الفرد من وظيفته أو عمله الخاص فإننا نجد أن أكثر من نصف الشعب لا يجد قوت يومه ولا يستطيع أن يدبر كل مستلزمات حياته لأن هؤلاء جميعاً تحت مستوي خط الفقر بكثير.. وسبب ذلك هو أن كل أصحاب الملايين والمليارات من رجال الأعمال لكي يحصلوا علي أرقام يقال إنها فلكية فإنهم يبالغون في الإعلان عن منتجاتهم وخدماتهم في كل أو بعض وسائل الإعلام بملايين الجنيهات بصفة شبه منتظمة سواء كانت موسمية أو سنوية أو شهرية وربما أسبوعياً أو يومياً ووسائل الإعلام .المعلنة. قد لا تتقاضي إلا نصف قيمة هذه الإعلانات بينما يذهب النصف أو النصف إلا قليلاً إلي جيوب سماسرة الإعلانات من كبار المسئولين في المؤسسات المعلنة أو من كبار وأعضاء العلاقات العامة أو التجارية.. وبالعقل نجد أن قيمة هذه الملايين التي يتم إهدارها في الإعلانات المبالغ فيها يتم تحميلها علي أسعار بيع السلع والخدمات التي يتم إنتاجها في المؤسسات المعلنة مع أن معظمها لا يحتاج إلي إعلان ويستطيع المستفيد من السلعة أو الخدمة أن يشهد بأنها وصلت إلي حيث يكون تلقائياً .كالمياه والكهرباء مثلاً. أو يستطيع هو أن يصل إلي مصدرها ويحصل عليها إن كان في جيبه ما يكفي لدفع ثمن بيعها إليه وإن لم يكن كذلك فإنه يتحسر علي نفسه لعجزه عن دفع الثمن المبالغ في تجديد قيمته وهذا هو ما تعاني منه الآن القواعد الشعبية بصفة عامة وفي مصر بصفة خاصة وقد ترتبت علي ذلك أضرار لا حصر لها منها أن المسئول عن أي أسرة أصبح يعمل يومياً من 12 إلي 16 ساعة يومياً بعضها في وظيفة رسمية وبعضها في قطاع خاص بالقطعة أو بالاتفاق علي وقت محدد مقابل أجر محدد وبعضها قد يمارس فيه عملاً حراً بنفسه ولنفسه حتي يستطيع أن يحقق لنفسه ولأسرته الحد الأدني من مستوي المعيشة التي يمكن أن يحققها بهذا الكد والعمل المتواصل والذي لا يستطيع معه أن يمارس دوره الحقيقي في تربية وتنشئة الأبناء والرقابة عليهم ومتابعتهم وتوجيههم إلي ما يستكملون به استكمال بناء شخصياتهم علي أساس سليم..!!