رأت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أنه بعد ستة أشهر من الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، يبدو أن البلاد تنزلق تحت "الحكم الاستبدادي" مرة أخرى في ظل عودة السلطة إلى قيادة الجيش وتضييق الأجهزة الأمنية الخناق على المعارضة، حسب قولها. واستدلت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، على كلامها بتجدد الأجهزة الأمنية مرة أخرى ودخول الآلاف من الإسلاميين في السجون ومضايقة نشطاء الديمقراطية الذين أشعلوا ثورة 2011 ووصفهم بأنهم عملاء أجانب ومخربين ما يدل على عودة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك مرة أخرى. وأضافت الصحيفة أنه في ظل الدعم الشعبي من العامة ووسائل الإعلام للجيش فإن السلطات الحالية عملت على إعادة تشكيل المشهد السياسي باستبعاد جماعة الإخوان المسلمين وحظرها بالإضافة إلى الدستور الجديد الذي يرسخ استقلال الجيش عن الفحص المدني. وقالت الصحيفة في ظل تهميش الإخوان وإضعاف الأحزاب العلمانية فإن المؤسسات العسكرية والأمنية تسيطر على المرحلة الانتقالية منوهة إلى أن السلطة الحقيقية في يد وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي. وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من إنهاء الجيش لحكم الإخوان الذي وصفه الكثيرون بالمعيب إلا أن ذلك أدى إلى تفاقم الكسور في أمة منقسمة مع احتمال ضئيل للمصالحة، حسب وصفها. وأشارت الصحيفة إلى أن رجال الأعمال والمراقبين يخشون من أن مزيجا من عدم الاستقرار والتجزؤ السياسي وحكومة ضعيفة يمنع الإسراع باعتماد إصلاحات شاقة بما في ذلك خفض دعم الطاقة الذي يعتبر ضروري للحد من العجز في الميزانية. فيما أكدت المجموعة المالية هيرميس، بنك الاستثمار الإقليمي ومقره القاهرة أن الاستقطاب وعدم وضوح الرؤية بشأن المصالحة مع جماعة الإخوان تعزز عدم القدرة على التنبؤ. ويرى محللون أنه في ظل حالة الفوضى ووضع قادة الإخوان في السجن فإن الجماعة ليس لديها إستراتيجية قصيرة الأجل ولكنها تواكب الزخم باحتجاجاتها على أمل أن القمع والصعوبات الاقتصادية ستزيد من أعداد المعارضين للنظام. ويعتقد خليل العناني، زميل بارز في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن السلطات الحالية تريد أن تشل المنظمة قبل أن تقدم على المفاوضات معربا عن قلقله من أن سفك الدماء وعدم وجود اتصال مع القادة قد يدفع شباب الإخوان للعنف منوها إلى أنهم يتحولون إلى أيدولوجية أكثر تشددا. وذكرت الصحيفة أن التحديات التي تواجه مصر الآن تتمثل في من هو الرئيس القادم مشيرة إلى أن أهم شئ هو توفير الاستقرار اللازم للسياحة والاستثمار. وحذر المحللون أن زيادة القمع قد تأتي بنتائج عكسية منوهين إلى أن التكتيكات التي أدت إلى وفاة طالب في نوفمبر الماضي ألهبت المشاعر كما أن الاستقرار يتوقف على تحسينات في مستويات المعيشة، التي تتطلب إصلاحات جوهرية في الاقتصاد. ويرى المحللون أنه في ظل الفراغ السياسي الحالي وضعف الأحزاب وشرخ المجتمع، لا يوجد أي فصيل سياسي قادر على القيادة ويخشى البعض من عدم القدرة على الإصلاح. فيما أعرب دبلوماسي غربي عن قلقه في المستقبل الاقتصادي قائلا: "حتى إذا كان هناك عملية سياسية أكثر مثالية، ستواجه الحكومة مجموعة من المشاكل دون الكثير من رأس المال السياسي كما أن الدعم المالي من الخليج سيكون محدودا". وأشارت إلى استعراض الشرطة قوتها وتفريق احتجاجات النشطاء العلمانيين التي جاءت اعتراضا على قانون التظاهر للحد من الاحتجاجات. ونوهت الصحيفة إلى أن شرطة مكافحة الشغب احتشدت خارج مقر البرلمان في أواخر نوفمبر لتفريق المحتجين بخراطيم المياه كما أطلقت عربة مدرعة الغاز المسيل للدموع في وجه أولئك الذين لم يهربوا وأمسكت رجال الشرطة المنظمين للاحتجاجات. ونقلت الصحيفة عن نازلي حسين، أحد النساء اللاتي تعرضن للضرب في هذا اليوم أن الشرطة كانت في غاية العدوانية والعنف مضيفة "سنعود لحكم دولة مرعبة" زاعمة أنهم يعملون على ترسيخ دولة مرعبة قمعية.