حققت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل نصراً تاريخياً في الانتخابات التشريعية أمس، حيث حصد حزبها المحافظ الاتحاد المسيحي الديموقراطي، وفقاً للتقديرات الأولية، أكثر من 42 في المائة من الأصوات، لتبقى بذلك على رأس المستشارية لولاية ثالثة. وهكذا تكون ميركل، وهي في التاسعة والخمسين، قد أكدت على موقعها المتقدم بعدما أصبحت أول زعيمة أوروبية يعاد انتخابها منذ الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالاتحاد الأوروبي. فمنذ هذه الأزمة الاقتصادية لم يفز أي من نظرائها في اسبانيا وفرنسا وايطاليا او في بريطانيا بولاية جديدة. وأبدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل الأحد سعادتها ب"النتيجة الرائعة" التي حققها حزبها، الاتحاد المسيحي الديمقراطي، في الانتخابات التشريعية الألمانية ووعدت ب"أربع سنوات جديدة من النجاح". وقالت ميركل: "معاً سنقوم بكل ما في وسعنا لنجعل السنوات الأربع المقبلة أربع سنوات من النجاح لألمانيا". وأضافت المستشارة ميركل الأحد :"إنه من الواضح أنها لن تحاول الحكم بحكومة أقلية". جاء تصريح ميركل خلال حلقة نقاشية مذاعة تلفزيونيا. وأوضحت ميركل أنها تتوقع التفاوض مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض أو الخضر لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة لحكم ألمانيا. وقبل أن تتحدث في مقر الحزب في برلين، صفق الحضور مطولاً لزعيمة الحزب المحافظ التي ارتدت سترة زرقاء وعلت الابتسامة وجهها. ووصفت النتيجة التي حققها المحافظون بأنها "نتيجة رائعة" في حين أشارت تقديرات شبكات التلفزة الألمانية إلى حصول المحافظين على قرابة من 42 بالمائة من الأصوات. وشكرت ميركل الناخبين على "ثقتهم الاستثنائية". وإذا ما حصل حزب ميركل على الأغلبية، سيعاد تحقيق نتيجة ترجع لعام 1957، عندما فاز بها الزعيم المحافظ كونراد اديناور بمثل هذه الأغلبية. وتشير النتائج الحالية إلى حصول التحالف المسيحي على 297 مقعداً من مقاعد البرلمان المقبل البالغة 608 مقاعد. ومع أن الناخبين منحوا ميركل ثقتهم بشكل كبير، إلا أنهم عاقبوا شريكها في الائتلاف الحكومي، فقد انهار الحزب الديمقراطي الليبرالي وبات مهددا بعدم الاحتفاظ بتمثيله في البرلمان. وذلك للمرة الأولى في تاريخ ألمانيا، فقد حصل على قرابة 4.7 بالمائة من الأصوات، أي دون تحقيق ال5 بالمائة الضرورية لدخول البرلمان. ليكون بذلك أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات بخسارة قرابة 10 بالمائة من الأصوات مقارنة بالانتخابات السابقة. وقال راينر برودرله المرشح الرئيسي عن الحزب: "تلك هي أسوأ نتيجة لنا على الإطلاق هذه ليست نهاية الحزب، سيكون الامر اصعب ولكن العمل سيستمر". كما أعلن زعيم الحزب ووزير الاقتصاد الاتحادي فيليب روسلر عن تحمله المسئولية شخصيا عن الهزيمة. وأشار كل من روسلر وبرودرله إلى أنهما يعتزمان الاستقالة. وفي ردود أفعال الأحزاب الألمانية على نتائج الانتخابات أعرب زيغمار غابريل زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أكبر حزب معارض في ألمانيا، عن خيبة أمله إزاء النتائج التي تحدثت التوقعات الأولية عن تحقيق الحزب لها في الانتخابات. لكنه أعرب فيه عن تهنئته للمستشارة ميركل بفوز كتلتها المسيحية. وأوضح غابريل للقناة الأولى بالتلفزيون الألماني (ايه آر دي): "نعم زدنا لكننا كنا نتوقع أكثر من ذلك لا شك في هذا". وأضاف غابريل: "لقد حقق التحالف المسيحي نجاحاً كبيراً ونحن نهنئهم بهذا". وتعقيبا على احتمال دعوة المستشارة ميركل الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمشاركة في الحكومة المقبلة، قال بيير شتاينبروك منافس ميركل على المستشارية، إن "الكرة الآن في ملعب المستشارة ميركل". وتشير النتائج الحالية إلى حصول الاشتراكيين على 25.6 بالمائة، أي على ما يتراوح بين 181 و184 مقعداً في البرلمان القادم. "هزيمة قاسية" من جانبها أعربت كلاوديا روت زعيمة حزب الخضر الألماني المعارض عن خيبة أملها إزاء النتائج الأولية التي تحدثت عن تحقيق الحزب لها في الانتخابات. في الوقت نفسه هنأت روت مساء اليوم المستشارة ميركل بفوز تحالفها المسيحي الديمقراطي في هذه الانتخابات ووصفت هذا الفوز بأنه "نجاح مدهش يستحق الاحترام". وتابعت روت حديثها قائلة: "أستطيع أن أقول شيئاً واحداً فقط وهو أنني محبطة بشكل مرير من هذه النتيجة فهذه هزيمة قاسية". وأضافت روت أن الخضر لم يتمكنوا من تحويل أغلبيات مجتمعية مناصرة لخطوات مثل الحد الأدنى للأجور على سبيل المثال إلى أغلبيات سياسية. وتشير النتائج الحالية إلى إمكانية حصول الخضر على 60 مقعداً في البرلمان المقبل. وحصل حزب اليسار على 8.6 في المائة، ما يؤهله للحصول على 60 مقعداً من مقاعد البرلمان القادم. يُذكر أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 74 في المائة، فيما يعتبر مؤشراً إيجابياً مقارنة مع نسبة المشاركة في انتخابات 2009، حيث كانت الأدنى آنذاك بين كل نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية بشكل عام، إذ وصلت إلى 70.8 بالمائة بتراجع بنسبة 6.9 بالمائة مقارنة بانتخابات عام 2005.