جماعة الإخوان بمصر تستعرض قوتها بحشد عشرات الألوف من أنصارها الألوف جاءوا إلى الميدان من كل أنحاء مصر وقطع بضهم مئات الكيلومترات في حافلات وحمل البعض منهم أطفالهم على أكتافهم معلنين أنهم مستعدون للموت ليعود الرئيس المعزول محمد مرسي الذي أطاح به الجيش إلى منصبه. وارتدى كثير من الرجال جلابيب بيضاء ووضعوا عمامات وفردوا مظلات فوق رؤوس النساء المتحجبات أو المنتقبات لحمايتهن من حرارة الشمس. وحملوا أعلاما مصرية كبيرة وهتفوا "بالروح بالدم نفديك يا إسلام". وقدرة جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول على حشد الألوف من أنحاء البلاد لمشاركة ألوف آخرين يعتصمون في العاصمة لتأكيد شرعية مرسي تظهر أن الحملة التي شنتها ضدها السلطات المؤقتة لم يكن لها تأثير يذكر على القدرة التنظيمية للجماعة. وبدأ الاعتصام عند جامع رابعة العدوية في شمال شرق القاهرة قبل عزل مرسي ودخل الآن أسبوعه الثالث. وطول الوقت كان هناك ألوف من المعتصمين يزيدون إلى عشرات الألوف عندما تدعو جماعة الإخوان المسلمين إلى مظاهرات حاشدة مثل مظاهرات "جمعة الزحف" التي دعت لتنظيمها الجمعة. والمشاعر ساخنة سخونة حر الصيف الشديد. وصرخت ثريا نجيب أحمد وبدت الدموع من عينيها خلف النقاب الذي يغطي وجهها "قتلوا شهداءنا وهم يصلون" في إشارة إلى اشتباك وقع فجر يوم الاثنين حول دار الحرس الجمهوري قتل فيه 53 محتجا من الإخوان المسلمين بنيران قوات من الجيش والشرطة. وأضافت "لو لم يكن معهم سوى الرصاص ليواجهونا به .. فسيجدوننا واقفين أمام الدبابات." وجاء عامر علي وهو برلماني سابق قضى 13 عاما كسجين سياسي في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك من أسيوط في وادي النيل. وقال بينما كان يقف في أحد المداخل إلى المظاهرة بجوار سيارة جيب ستبيت أسرته فيها "احنا قاعدين هنا ومش هنمشي". ووقف ابنه محمد (عامان) فوق سقف السيارة حاملا علم مصر بينما جلست زوجته في الداخل تلتقط صورا عبر جهاز كمبيوتر لوحي وبجوارها طفلتها. وأضاف "جئنا ومعنا أطفالنا تأييدا للشرعية والديمقراطية ورئيسنا المدني أول رئيس منتخب بشكل حر في العالم العربي." ويقول معارضو مرسي إن مظاهرات رابعة العدوية أقل عددا من المظاهرات والمسيرات الحاشدة التي طالبت بتنحيه في القاهرة والمدن الأخرى نهاية يونيو حزيران التي شارك فيها الملايين وقال الجيش إنه نزل على إرادتها حين عزل مرسي بعد هذه المظاهرات بثلاثة أيام. لكن القدرة على إبقاء مشاعر المؤيدين ملتهبة ونقلهم من مسافات بعيدة إلى قلب القاهرة للانضمام للمعتصمين يعد إنجازا كبيرا لجماعة أمرت السلطات حاليا بالقبض على قادتها. وتقول الحكومة إنها لن تمنع المظاهرات السلمية. ويرش متظاهرون قطرات الماء على بعضهم البعض لمقاومة حرارة الجو الشديدة. وجلست مجموعات من المتظاهرين في ظلال الخيام يتلون القرآن ويلتمسون الراحة في نهار رمضان. وراح آخرون يعدون للإفطار في كوخ خشبي بأحد الشوارع الجانبية ويجهزون الوجبات في أكياس بلاستيكية استعدادا لتوزيعها على عشرات الآلاف من الصائمين. وقالت سحر محمد عبد الرحمن (45 عاما) وهي مدرسة من محافظة المنوفية شمالي القاهرة إنها عادت وبصحبتها ابنها وابنتها بعد يوم قضته بعيدا عن الاعتصام الذي شاركت فيه منذ يوم الجمعة الماضي. وقالت بصوت متهدج "أريد أن يعرف العالم أننا مسالمون. نحن مسلمون ولا أحد منا يستخدم العنف. سنظل مسالمين. لست خائفة .. لا أخشى إلا الله." وأضافت أنها مستعدة للموت إذا لم يكن منه بد. وقالت "أتمنى أن أكون شهيدة في رابعة. تمنيت لو كنت إحدى الشهداء عند دار الحرس الجمهوري. نحن مسالمون .. هم لا." وجاءت أسماء إسماعيل (20 عاما) وهي طالبة في كلية الشريعة بجامعة الأزهر مع والدتها. أما أبوها الذي سجن عدة مرات في عهد مبارك فهو مريض في البيت. وقالت "أنا باقية هنا إلى أن يحدث شيء من أمرين : إما أن يرجع مرسي أو نموت في سبيل غايتنا وندخل الجنة."