لتقديم إجابة علمية على هذا السؤال، يجب أولا أن نضع حدودا لمصطلح "أخونة الدولة".. فما معنى الأخونة؟
بحسب ما يتردد الأخونة هي: أن يتم تعيين شخص ينتمي إلى جماعة الإخوان في الجهاز الإداري للدولة..
لكن لا يوجد هنا أي معايير للفصل بين من تم تعيينه قبل رئاسة مرسي، أو بعدها، كما أنه لم يقل أحد أن الإخوان كانوا عاطلين عن العمل أو مضربين عن الانتساب للمؤسسات الحكومية، فما هي ضمانات عدم الخلط بين من تقلد منصبه قبل الثورة وبعدها، أو قبل رئاسة مرسي وبعدها؟..
كذلك فإنه لا يوجد مصدر محايد ليؤكد أو ينفي كون الشخص المعين منتميا إلى الإخوان أم لا، فمرد الأمر إذن إلى تقدير من يتتبع تحركات الإخوان..
مصطلح الدولة، ماذا يعني؟
المقصود به الجهاز الإداري للدولة، والعدد الإجمالي للعاملين في الدولة يتجاوز 5.6 مليون مصري، كما أن عدد المناصب الإدارية العليا من المستوى الأول، يبلغ حوالي 4000 منصب..
بعد ذلك لابد من تحديد متى نقول أن الدولة "تتأخون"..
إذ لا يوجد لدينا معايير للفصل بين ما هو "أخونة" وبين "ما ليس أخونة"، لكن على سبيل الاقتراح يمكن أن نقول أن الأخونة تبدأ مثلا من نسبة 33 % من المناصب العليا - أي الثلث- أو يمكن أن نحسبها عن طريق نسبة التصويت لصالح الإخوان في الانتخابات البرلمانية، وهي 45%، لكن فلنعتمد النسبة الأقل طلبا للحيادية..
الخطوة التالية بعد تحرير المصطلح، هي أن نُسقط المعلومات المتوفرة لدينا والتي يقدمها من يتهمون الإخوان بالأخونة، على الواقع..
التقرير الأكثر شمولا ودقة الذي وجدته يذكر عددا لا يزيد عن 200 وظيفة ليست كلها من المناصب الإدارية العليا، على سبيل المثال يذكر كاتب التقرير من ضمن وظائف الأخونة " المشرف على مشروع البوتجاز في الإسماعيلية"..
إذن لكي نقول أن الإخوان "يؤخونون" الدولة، لابد أن يكون عدد المناصب الإدارية العليا التي يسيطرون عليها لا يقل عن 1333 وظيفة، وهو ما لم يحدث، أو ما لم يثبت حتى الآن، فلم يقدم أحد قوائم- أو أدلة- تتجاوز ال200 شخص، وليسوا كلهم من شاغلي المناصب العليا.
أما بالنسبة للوظائف الحكومية بصفة عامة، وهي 5.6 مليون، فإن عدد الأعضاء العاملين في جماعة الإخوان في أكثر تقدير هم: 800 ألف شخص، ولا يُتصور طبعا أن كلهم عاطلين عن العمل، أو أن النساء الذين بينهم يرغبون في العمل الحكومي، فضلا عن كون عدد كبير من هؤلاء الإخوان يعمل أساسا في الدولة، ولا معنى لإعادة تعيينه بها..
فكم يا ترى عدد الإخوان العاطلين الذين يحتاجون للالتحاق بأجهزة الدولة؟ وما هي نسبة هؤلاء إلى ال 5.6 مليون موظف، حتى نقول أن الدولة "تأخونت"؟..
للأسف التقرير المشار إليه، يتكلم عجبا، إذ يقول كاتبه :(( 8 شهور فقط مرت على وصول رجل الجماعة إلى سدة الحكم عين خلالها بالأمر المباشر 8 وزراء و5 محافظين و8 فى مؤسسة الرئاسة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك.. لأن رجال جماعته نجحوا فى اختراق مفاصل 20 وزارة .. إضافة الى تعيين 5 نواب محافظين، 12 رئيس حى ومركز، و13 مستشارا للمحافظين)) ...
هذا الكاتب الهمام، لا يعلم أن مصر بها 38 وزارة، فيكف تكون الأخونة ب 8 وزراء؟
وأن مصر بها 27 محافظة، فكيف تتم الأخونة بخمسة محافظين وخمسة نواب؟
ومصر بها 217 مدينة كل مدينة بها عدد كبير من الأحياء بالإضافة إلى 262 مركز، و4617 قرية، فيكف تتم الأخونة ب 12 رئيس حي ومركز؟..
لو أنه لدينا ثقافة إحصائية، أو أننا نملك معايير ثابتة، لتبين لنا دون لبس، أن ما يتردد عن الأخونة هو مجرد وهم، وغاية ما يفعله كاتبو مثل هذا التقرير أنهم يضعون حول أنفسهم سياجا لو وصلوا إلى الحكم يوما من الأيام، عندها يمكن للإخوان أن يخرجوا لهم قائمة تضم 200 موظف، بينهم "المشرف على مشروع البوتجاز" ثم يقولون لهم: ها أنتم تسعون ل بردعة الدولة، أو وفدنتها أو ..... إلخ...
ترى ماذا سيكون ردهم حيئنذ؟ ...
** قيادى بالدعوة السلفية
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه