أ ش أ- أكد محللون اقتصاديون دوليون أن المستقبل السياسى للرئيس الجديد محمد مرسى سيتوقف على قدرته على تحقيق التعافى الاقتصادى واستعادة ثقة المستثمرين. وقال المحللون - فى تصريحات صحفية إن تعزيز النمو الاقتصادى يعد الملف الأصعب الذى يجابه الرئيس مرسى، مشيرين إلى أن مظاهر التدهور الاقتصادى فى مصر حاليًا تشمل تراجع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى وتفاقم معدلات البطالة والديون سواء الداخلية أو الخارجية وهبوط احتياطى النقد الأجنبى من 36 مليار دولار فى يناير عام 2011 الى 15.3 مليار دولار فى نهاية مايو الماضى وتقلص التصنيف الائتمانى وإغلاق آلاف المصانع وانخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأوضحت ميلانى ليوناردو كبيرة الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة جلوبال ايكونومى بالولايات المتحدة، أن احتمالات تحسن معدلات النمو الاقتصادى فى مصر - الذى تراجع من 5.1 فى المائة عام 2009 - 2010 الى 1.8 فى المائة عام 2011 - على المدى القصير، ستتوقف على قدرة الرئيس الجديد على استعادة الأمن والاستقرار السياسى، محذرة من أن التحديات التى ستجابه الجهود الحكومية الرامية إلى تحقيق التعافى الاقتصادى ستتمثل فى المظاهرات الفئوية المحتملة وتفاقم معدلات العجز فى الميزانية - المتوقع ان تصل الى 147 مليار جنيه 2012 - 2013 - وارتفاع معدلات التضخم.
وأشارت إلى أن الحكومة المصرية ينبغى عليها تسريع المفاوضات مع صندوق النقد الدولى بشان تمويل بقيمة 3.2 مليار دولار لتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى منوهة إلى أن الاتفاق مع الصندوق سيعد بمثابة "شهادة دولية" بشأن تحسن آداء الاقتصاد المصرى.
من جانبه قال تونى ليتباريسكى الخبير السابق بصندوق النقد الدولى إن الرئيس محمد مرسى يواجه حاليًا خيارات صعبة من أهمها ضرورة ترشيد نظام الدعم المخصص للطاقة والغذاء.
وأشار إلى أن الرئيس مرسى ينبغى عليه كبح جماح العجز المتنامى فى الميزانية والعمل علي زيادة عائدات السياحة على المدى القصير محذرًا من احتمال تنامى الغضب الشعبى حال إخفاق حكومة مرسى فى توفير المزيد من فرص العمل وتقليص معدلات الفقر.
وأضاف أن الرئيس مرسى ينبغى عليه تشكيل حكومة تحظى بالقبول الشعبى وتأكيد التزامه بمواصلة الاصلاحات الهيكلية من أجل اقناع صندوق النقد الدولى - الذى أبدى استعداده لدعم الجهود الرامية إلى تعزيز التعافى الاقتصادى فى مصر- بمنح تمويل بقيمة 3.2 مليار دولار إلى مصر.
وفى السياق ذاته قالت ناتالى هيو خبيرة الأسواق الناشئة وكبيرة الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة ساتش أند ساتش الدولية: إن الرئيس مرسى ينبغى عليه دعم النمو الاقتصادى على المدى الطويل من خلال تحسين بيئة الاستثمار وإزالة البيروقراطية والروتين لجذب الاستثمارات الدولية وتعزيز القطاع الخاص وتوفير الوظائف.
وأضافت "الأجندة الاقتصادية" للرئيس مرسى وجماعة الإخوان المسلمين تحابى السوق الحرة والاستثمارات الأجنبية، مشددة على أن قدرة مرسى على تحقيق برنامجه الاقتصادى سوف يتوقف على مدى التوافق الكامل بين حكومته والمجلس الاعلى للقوات المسلحة.
وأشارت إلى أن إطالة أمد مرحلة الانتقال السياسى فى مصر، تشكل تهديدا للاقتصاد المصرى متوقعة تنامى أنشطة "الصيرفة الإسلامية" فى مصر خلال الأعوام الأربعة القادمة.
من جانبها، قالت أونج هيو كبيرة المحللين الاقتصاديين بمؤسسة نورمان للدراسات الاقتصادية بواشنطن: إن المستثمرين الأجانب ومؤسسات التمويل الدولية تراقب على كثب حاليا التطورات السياسية والاقتصادية على الساحة المصرية، منوهة إلى أن غياب مجلس الشعب والفراغ الدستورى يقلصان من احتمال التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولى، بشأن قرض بقيمة 3.2 مليار دولار على المدى القصير.
وحذرت من احتمال تفجر الثورة مجددًا فى مصر حال الإخفاق فى تحقيق العدالة الاجتماعية وكبح جماح البطالة والفقر، مشيرة إلى أن حالة من الترقب تسود الأوساط الشعبية حاليًا انتظارًا للسياسات التى سيتبناها الرئيس الجديد.
وحثت الحكومة المصرية على تجنب الإفراط فى إصدار السندات باعتبارها آلية للسيطرة على معدلات العجز فى الميزانية، مشيرة إلى أن إلغاء الدعم فى مصر رهن بتوفر الإرادة السياسية للحكومة.
كانت وكالة "ستاندرد آند بورز" قد وضعت يوم الاثنين الماضى التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر قيد المراجعة، مع احتمال تعرضه للتخفيض خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأعلنت تيارات سياسية مصرية ومن بينها الإخوان المسلمين مواصلة الاعتصام المفتوح بميدان التحرير، للمطالبة بمنح الرئيس الجديد كل الصلاحيات وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل.