قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن إعلان بعثة الأممالمتحدة بأن سوريا في حالة حرب أهلية لم يضف جديدا لما يعرفه العالم كله، ورغم أن خيار اللجوء للنموذج اليمني أصبح الأكثر واقعية لمنع انزلاق البلاد للحرب الأهلية إلا إن الحلول الوسط التي تم اللجوء إليها في اليمن لم يعد هناك مجال لتطبيقها في سوريا. وأوضحت المجلة في نسختها الالكترونية اليوم الجمعة أن النموذج اليمني لن يرضى طموحات الشعب السوري ،وأيضا لن يخدم مصالح الولاياتالمتحدة الإستراتيجية كما حدث في اليمن، وإجمالا فإن الوضع الحالي في سوريا يختلف عن وضع اليمن عند تخلي الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن منصبه، ولن يسمح السوريون بأن تتضمن أية حلول بقاء موالين للرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، لذلك فإن الحل الافضل للولايات المتحدة وحلفائها هو دعم المعارضة السورية بشكل أكبر.
وأضافت المجلة ان صالح في الحالة اليمنية كان يعتمد في حكمه للبلاد على تناحر قوى اليمن العديدة وليس على أسلوب فرض الهيمنة والنفوذ، لكن الوضع في سوريا مختلف حيث ينحصر الخيار بين المعارضة والنظام الذي يقود حكومة ناهبة لثورات البلاد ويهيمن عليها الأقلية العلوية، وتتحكم عناصرها في مراكز القوى وتفرض نفوذها عبر الترهيب.
وأشارت المجلة إلى أن الوضع في اليمن لم يكن دمويا بالقدر الذي تشهده سوريا، في المقابل فإن المعارضة السورية أكثر تفككا عن نظيرتها في اليمن، كما أن توجهها بعد سقوط الأسد والنظام الذي ستتبناه غير معروف، وبالتالي فإن أي حل كتسليم السلطة لأي بديل للاسد على الطريقة اليمنية قد يحمل مخاطر اعادة انتاج حكومة الاسد بإسم جديد.
وقالت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية إنه على الرغم من أن مثل هذه التسويات قد تكون مبررة فقط في حال عدم التوصل لحل يمكن أن يحول دون تصاعد الحرب الأهلية الدموية،إلا إنها ستتعرض في الغالب للفشل ولن تضع حدا لأجواء العنف، ذلك أن النخبة السورية تخشى من فقدان وضعها المتميز اذا ما تم إسقاط الأسد، كما أن المعارضة ترفض من الأساس مجرد تغيير شخص الرئيس السوري فلم يدفع الآلاف حياتهم من أجل تغيير الاسماء فقط، في الوقت نفسه لا توحي مواقف دمشق بإستعدادها لتقبل حل مماثل للحل اليمني، بل إنها تعكس سياسة إمهال الأسد المزيد من الوقت للقضاء على الثورة عبر ذبح الثوار.
وأضافت المجلة أنه على الرغم من الدور الذي لعبته الولاياتالمتحدة وحلفائها في خلع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، إلا انهم يلعبون دورا أكثر سلبية بشأن سوريا بالرغم من الأهمية الاستراتيجية لها، وتزايد احتمال انتشار العنف للبلاد المجاورة لها في ظل استمرار إراقة الدماء.
وطالبت المجلة الولاياتالمتحدة دعم المعارضة السورية بشكل اكبر في ظل غياب الخيار العسكري، حيث تظل المعارضة في النهاية هي اللاعب صاحب الدور الأساسي في إسقاط الأسد وضمان وجود البديل الذي يخدم مصالح الولاياتالمتحدة.
واختتمت المجلة تقريرها بالقول أن الأمر الأكثر أهمية في التعامل مع الشأن السوري حاليا هو التنسيق لدعم المعارضة السورية بالعمل مع الحلفاء الرئيسين كتركيا ودول الخليج في خطة استراتيجية طويلة المدى أفضل من الوصول لحل وسط من المرجح أن يفشل وتنتشر آثار فشله في الساحتين الداخلية والخارجية.