قالت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية اليوم السبت, "إن وصول الموقف الدولي بشأن الأحداث في سوريا لطريق مسدود منح فرصة عظيمة لروسيا لفرض آرائها وموقفها من الأزمة السورية". وذكرت الصحيفة في نسختها الإلكترونية, أنه بعد سنوات شن فيها الغرب حملات بقيادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) للإطاحة بزعماء العديد من الدول من مناصبهم، حانت الفرصة لروسيا لفرض وجهة نظرها في هذا الأمر، ولم يعد بمقدور الغرب أن يعمل على تهميش احتجاجاتها كما حدث حين شن الناتو ضرباته الجوية على ليبيا أو عندما تحالف الغرب لتنفيذ هجماته العسكرية على العراق أو صربيا، بل على العكس فإن الغرب هو من يحاول إقناع روسيا حاليا بمنح الضوء الأخضر لاتخاذ مثل هذا الإجراء مع سوريا .
وأشارت الصحيفة إلى زيارة مسئول أمريكي كبير بالخارجية الأمريكيةلموسكو أمس, ساعيا لإقناع الكرملين بإعادة النظر في موقفه تجاه سوريا والمساهمة في الجهود الرامية للبدء في مرحلة انتقالية بعد حكم الرئيس السوري بشار الأسد حليف روسيا منذ وقت طويل, إلا أن كبير المفاوضين الروس قال في ملاحظات عقب هذا الاجتماع أن موقف روسيا يمثل "مسألة مبدأ".
ونقلت الصحيفة عن الباحث في شئون الشرق الأوسط بالأكاديمية الروسية جرجي ميرسكي قوله, "إن معظم شعوب العالم العربي تدعم ثوار سوريا وتعارض الأسد ولذا أثر موقف روسيا بشكل سلبي على سمعتها، كما أن معظم الشعوب العربية ستلقي باللوم على روسيا في حال بقاء الأسد في السلطة أو في حال تنحيه بسبب المواقف التي اتخذتها منذ اندلاع الأزمة . وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) إن الثورات في مصر وتونس يتم تصويرها في روسيا على أنها نابعة من شباب محبط بسبب مشاكله الاقتصادية، أما الوضع في سوريا فينظر إليه في موسكو على أنه شيء تم التخطيط له وإدارته من دول غربية وأخرى عربية تؤيد صعود الإسلام السياسي المتطرف في المنطقة، ولذلك فإنه على الرغم من تزايد حصيلة القتلى في سوريا والتي وصلت حسب تقارير للأمم المتحدة إلى أكثر من 10 آلاف قتيل, إلا أن المسئولين الروس يصرون على أن سقوط حكومة الأسد سيسفر عن وضع أكثر سوءا . وأضافت الصحيفة أن التمادي في العنف وتزايده مؤخرا في سوريا على يد قوات الأمن الحكومية والموجهة غالبا ضد الأطفال والنساء وضعت روسيا تحت ضغط المطالبة بتقديم حلول بديلة، وهو ما حاول فعله مبعوث وزارة الخارجية الأمريكيةلموسكو فريد هوف خلال محادثات أجراها أمس الجمعة مع نائبي وزير الخارجية الروسي محاولين الوصول لاتفاق حول المرحلة الانتقالية بسوريا.
ويرى المحللون أن الديمقراطية لن تحل الوضع في سوريا حاليا وأن إزاحة الأسد لن تكفي ، بل يجب صياغة نموذج حكم جديد تمارس روسيا نفوذها على الأسد من أجل تطبيقه، وفي هذه الحالة فإنه ينبغي على الجميع أن يتمتع بالصبر الكافي لتجربة ذلك الطرح.
واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة إن هذا الوضع يلقي أيضا بالعبء على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يملك أسبابا ملحة داخليا لرفض التزحزح عن موقفه، حيث أن سابقه ديمترى ميدفيديف فقد شعبيته في أوساط المحافظين في الحكومة بعد قراره بعدم منع التدخل العسكري الغربي في ليبيا مما أسفر في النهاية عن مقتل حليف روسيا الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، لذا فإن الموافقة على أية خطة لانتقال السلطة في سوريا سيحمل مخاطر مواجهة بوتين لنفس مصير ميدفيديف .