نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية تحليلا للموقف الروسى من الربيع العربى بصفة عامة ، ومن الازمة السورية بصفة خاصة، وركزت الصحيفة على موقف الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" من الازمة السورية ورؤيته للربيع العربى. وقالت إن "بوتين" ينظر الى ما حدث من ثورات فى بلدان الربيع العربى على انها تعود فى الاساس الى التدخلات الغربية، وليس للانتفاضات الشعبية. فقد اكد "بوتين" فى اكثر من مناسبة ان الغرب هو الذى اشعل الاختجاجات فى بعض البلدان، كما هو الحال بالنسبة للاحتجاجات الشعبية المعارضة ل "بوتين" نفسه فى روسيا. وصنفت الصحيفة "بوتين" على انه من اخر الاجيال التى مازالت تفكر بعقلية الاتحاد السوفيتى السابق والرؤية الشيوعية للغرب. هواجس روسيا من الربيع العربى واشارت الصحيفة الى ان "بوتين" أصبح أسيرا لفكرتين تسيطران على تفكيره وهما الاحتجاجات الداخلية، والتدخل الغربى. فقد شكك "بوتين" من قبل فى الثورات التى انطلقت قى بلدان صديقة لروسيا مثل "اوكرانيا" واطاحت بقادة مؤيدين ل "بوتين"، وما اطلق عليه "الثورات الملونة" فى منتصف الالفية الجديدة، واعتبرها نتاجا لتدخل الغرب خاصة امريكا . وبنفس الرؤية تعاملت روسيا مع الانتفاضات الشعبية فى بلدان الربيع العربى، واعتبرتها ليس نتاج التغير الاجتماعى، ولكن نتاج للتدخل الغربى، بل انها وصفت ما يحدث بأنه جزء من مخطط كبير لتدمير روسيا. المؤامرة الغربية واوضحت الصحيفة ان المحللين والخبراء وصناع السياسة الغربيين أرهقوا اذهانهم لشهور طويلة، كي يعرفوا ما هى المصالح الاستراتيجية الضخمة التى تجعل روسيا تدعم نظام الرئيس السورى "بشار الاسد". ورغم كل التخمينات والتكهنات، الا ان السبب الخفى هو الهواجس الروسية التى تقوم على فكرة المؤامرة الغربية . فعندما قصفت قوات خلف الناتو ليبيا فى ابريل 2011، خرج "بوتين" الذى كان وقتها رئيسا للوزراء، ليعلن رفض بلاده للقصف، كما انه تهكم من الادعاءات الغربية بأن الهدف من القصف من اجل الشعب الليبى والديمقراطية، وقال إن بترول ليبيا وغازها، كانا محور اهتمام الغرب وليس الديمقراطية. روسيا ومبارك وقبل تنحى الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك بيومين فى فبراير 2011، كان هناك مبعوث روسي فى القاهرة والتقى بمبارك واعلن فى القاهرة ان بلاده ترفض التدخل الغربى فى الشأن الداخلى المصرى، وان الازمة فى مصر لن تحل إلا بالحوار. كما ان روسيا تخشى ان يكون صعود الاسلاميين فى بلدان الربيع العربى، مشجعا للمسلمين فى شمال القوقاز التى تشهد تمردا مسلحا ضد الحكم الروسى، خصوصا ان مسلمى القوقاز معظمهم من السنة . ونقلت الصحيفة ما قاله الصحفى "ليونيد ميدفدكو" الذى غطى ملف سوريا لصحيفة "برافدا" التابعة للحزب الشيوعى "ويعمل حاليا محللا اقليميا فى الاكاديمية الروسية للعلوم"، بأنه لا يمكن ان يتصور احد ان تدعم روسييا علنا تنحى "الاسد"، لأن تلك ستكون سابقة خطيرة، وستشجع شعوبا اخرى على نفس النهج للتخلص من حكوماتها . واوضحت الصحيفة انه فى ظل المذابح المتواصلة فى سوريا، وتنامى الشعور العربى المعادى لروسيا ، قد يضطر المسئولون الروس للقبول بحقيقة، لم تكن مقبولة طوال العقود الاربعة الماضية، وهى ان اصوات الشعوب والحركات الاحتجاجية اصبحت مسموعة ولها اهميتها . ونقلت الصحيفة عن دبلوماسى عربى قوله: "إنه آن الأوان أن تغير روسيا من نهجها وفكرتها فهناك واقع جديد، يثبت ان التحليلات الروسية مخطئة". تغيير الموقف وختمت الصحيفة بأنه اذا كان الموقف الروسى ينبع من المبدأ، وانه من الصعب ان تغير روسيا من مبدأها، يصبح السؤال هل من الممكن ان يظل هذا الموقف حتى النهاية؟. وبالطبع فأن الجواب على السؤال سيتوقف على حسابات "بوتين" نفسه ، وما اذا كان سينظر للضغوط الغربية علي على انها اكثر ضررا لروسيا من خسارة الحليف سوريا ، وما اذا كان يعتقد ان حكم "الاسد" سيظل قائما الى ما بعد نهاية العام الحالى ، او انه يمكن ان يقايض موقف روسيا بالحصول على امتيازات . وراهنت الصحيفة على ان روسيا قد تغير من موقفها ، حتى لا يأتى اليوم الذى تقف فى موقف الحرج عندما تحتفل المعارضة بالفوز فى سوريا.