رأت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن الهجمات التي شنتها حركة طالبان أمس على العاصمة الأفغانية كابول تظهر أن عناصر التنظيم باتوا أكثر رغبة في عدم انتظار خروج قوات حلف شمال الأطلسي ناتو من البلاد. وأوضحت الصحيفة في تقرير ظهر على موقعها على الشبكة العالمية أن هذه الهجمات تتزامن مع الفترة العصيبة التي يواجهها حلف الناتو ، حيث جاءت الهجمات في الوقت الذي يستعد فيه وزراء الخارجية والدفاع بدول الإتحاد الأوروبي للاجتماع في العاصمة البلجيكية بروكسل الأسبوع المقبل لبحث القضية الأفغانية والتوصل إلى مخطط لإنهاء مهمة قوات الناتو هناك.
وفى ظل ما تشهده أفغانستان من أوضاع راهنة، أضافت الصحيفة أن أفضل منطق يمكن أتباعه هو الاستماع إلى القادة العسكريين بالحلف بترك الجزء الأكبر من قوات الحلف في أفغانستان لإتاحة أكبر قدر من الوقت كي تكون القوات الأفغانية على استعداد كامل للتصدي لأي هجمات محتملة.
لكن الصحيفة استبعدت احتمال العمل بآراء كبار قادة قوات الناتو لاسيما في ظل ما تشهده الولاياتالمتحدة من تناحر سياسي على انتخابات الرئاسة المقبل وتعهد معظم المرشحين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما بإنهاء وسحب قواتهم من أفغانستان بحلول عام 2014 ، سعيا منهم لكسب ود الناخبين.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي بريطاني بالعاصمة الأفغانية كابول قوله ، تعليقا على هجمات أمس ، إن "لا أعتقد حقيقة لماذا يقومون بهذه الهجمات ، ستخرج قواتنا من هناك في غضون عامين ، وجل ما عليهم القيام به هو الانتظار فقط ".
وتابعت الصحيفة أن ما قاله الدبلوماسي البريطاني يخلو من الإشارة إلى حقيقة ما إذا كانت هجمات المتمردين تدلل على قدرتهم على القيام بها في أي وقت أم أنهم لا يستطيعون الانتظار حتى تخرج قوات الناتو من أفغانستان.
وأوضحت الصحيفة انه على الرغم من أن الهجمات لم تكن تهدف إلى إرساء صورة رمزية كلية أو تحقيق نصر نفسي للمتمردين ، إلا أنها حققت الهدفين في واقع الأمر ، حسبما ذكرت الصحيفة، التي أشارت إلى أن هجمات طالبان باتت بمثابة عرض لإظهار القوة والتنظيم وعودتها لمباشرة حروبها ضد الحكومة والشعب الأفغاني بعد دخول فصل الربيع الذي تنشط فيه هجماتها بدرجة كبيرة.
ولفتت الصحيفة إلى أن ثمة احتمالات تلوح في الأفق بأن هناك حربا أهلية أو ربما استعدادات للقيام بها في كابول ، حيث باتت تتكشف الخطوط بنشوب حرب جديدة لاسيما بعد تعرض عديد من سفارات الدول الأجنبية في كابول منها البريطانية والأمريكية والروسية.
جدير بالذكر أن محللين سياسيين ألمحوا إلى احتمال أن هجمات الأمس ربما تحمل بصمات شبكة حقاني التي تتخذ من باكستان مقرا لها، وكانت من بين الأسباب التي توترت على إثرها العلاقات بين واشنطن وإسلام أباد نظرا لأنها تركز جل اهتمامها على شن هجمات ضد أهداف حكومية أفغانية رفيعة المستوى فضلا عن استهدافها لمنشآت أجنبية.
ونظرا لخطورة شبكة حقاني ، حسبما أفاد المحللون ، فإنها أصبحت أحد أهم أهداف عمليات القوات الأمريكية، كما أنه أصبح جليا أن هذه الهجمات أثارت أسئلة مقلقة حول دقة المعلومات المخابراتيه فيما يخص هذه الهجمات.
وكان ذبيح الله مجاهد المتحدث الرسمي باسم حركة طالبان قال إن هجمات الأمس كانت إعلانا ببدء انطلاق موسم هجمات الربيع، كما أنها كانت رسالة للقادة الأجانب الذين ادعوا أن طالبان فقدت زخمها وقوتها.. وأردنا أن نعبر عن وجودنا وأننا نعتزم شن هجمات متى رغبنا في ذلك.
كانت طالبان قد شنت أمس هجمات استهدفت البرلمان وحي السفارات بوسط كابول وبعض الأقاليم الأخرى، مما أسفر عن مقتل 17 شخصا في صفوف المتمردين، فيما أصيب 17 شرطيا و14 مدنيا بجروح، وأدانت العديد من الدول هذه الهجمات بشدة.