دمشق :على الرغم من موافقة الحكومة السورية على مبادرة جامعة الدول العربية، قال ناشطون سوريون إن 23 شخصا على الأقل قتلوا في مختلف انحاء سورية فيما تواصل القصف العنيف لبعض احياء مدينة حمص لليوم الثاني على التوالي . وأفاد الناشطون بسقوط القتلى خلال مظاهرات جمعة "الله أكبر" التي خرجت في العديد المدن السورية تلبية لدعوة المعارضة التي تشكك في التزام دمشق ببنود المبادرة العربية.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن القتلى سقطوا في مدينة حمص وحماة وريف دمشق وريف درعا.
وأوضح المرصد أن "شخصين أحدهما عسكري منشق قتلا اثر اطلاق الرصاص عليهما من قبل المخابرات العسكرية في منطقة تل شهاب على الحدود الاردنية السورية لدى محاولة مجموعة اشخاص الفرار إلى الاردن".
كما قتل تسعة أشخاص بينهم امراة في حمص أحد معاقل حركة الاحتجاج الشعبي ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي محافظة حماة قتل اربعة اشخاص وسبعة في بلدة كناكر القريبة من العاصمة دمشق.
وفي المقابل نفت السلطات السورية الرسمية سقوط أي قتلى في المحافظات السورية ولكنها عادت وأكدت مقتل شرطي في كناكر بريف دمشق برصاص مجموعة مسلحة وأسفر الاشتباك عن مقتل أحد المسلحين.
وفي غضون ذلك، أعلن قائد الجيش السوري الحر العقيد المنشق رياض الأسعد أن جيشه سيستأنف العمليات العسكرية النوعية ضد قوات الرئيس الأسد بعدما انكشفت نوايا النظام في جمعة الله اكبر.
ونفى الأسعد في اتصال هاتفي مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية ما نشرته صحيفة "ديلي تلجراف" لناحية تخطيطه ليكون جيشه الجناح العسكري للمعارضة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
تسليم السلاح
من ناحية أخرى، نصحت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة السوريين بعدم تسليم أنفسهم إلى نظام بشار الأسد بعد أن أعلنت دمشق العفو عمن يسلمون أسلحتهم. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية للصحافيين "لا انصح أحدا بتسليم نفسه لسلطات النظام في الوقت الراهن"، معربة عن القلق إزاء سلامة من يفعل ذلك. وتعهدت السلطات السورية العفو عن حملة السلاح الذين يسلمون انفسهم اليها في مهلة ثمانية ايام، وفق ما اورد التلفزيون السوري الرسمي الجمعة. وشككت المتحدثة بهذا الوعد. وقالت "انه الوعد الرابع بالعفو الذي يقومون به منذ أن تسلمت منصبي قبل خمسة أشهر". أعلنت وزارة الداخلية السورية الجمعة مهلة أسبوعا لحاملي السلاح اعتبارا من السبت لتسليم أنفسهم وأسلحتهم مقابل العفو عنهم.
وجاء في بيان رسمي أن وزارة الداخلية "تدعو المواطنين ممن حملوا السلاح او باعوه او قاموا بتوزيعه او نقله او شرائه او تمويل شرائه ولم يرتكبوا جرم القتل إلى تسليم انفسهم واسلحتهم إلى اقرب مركز للشرطة في منطقتهم وسيصار إلى تركهم فورا خلال الفترة من السبت 5 نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى 12 نوفمبر / تشرين الثاني وذلك بمثابة عفو عام عنهم".
وأضاف البيان أن "ذلك يأتي انطلاقا من حرص الدولة على مواطنيها وإفساحا في المجال أمام المضللين والمتورطين في حمل السلاح وحرصا على الأمن والنظام العام وبمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك". في غضون ذلك قال زعماء للمعارضة إن رد القوات السورية على الاحتجاجات المناهضة للحكومة بعد صلاة الجمعة تعد اختبارا لاتفاق الرئيس بشار الاسد مع جامعة الدول العربية لوقف العنف وبدء محادثات مع المحتجين.
الانتهاكات السورية
وفي سياق المجازر التي ينفذها الجيش السوري ، نقلت مصادر محلية وسكان لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" أن المشفى الوطني في حمص تسلم خلال ال 48 ساعة الاخيرة اكثر من مئة جثة من المدنيين، الامر الذي لم تؤكده المصادر الحكومية.
ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن شاهد عيان في حمص قوله "إنه شاهد عشرات من جثث المدنيين في المستشفى الوطني الذي تسيطر عليه قوات الأمن".
وأضاف الشاهد "كانوا جميعا رجالا بهم اصابات ناجمة عن طلقات رصاص".
وفي المقابل ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية في تقرير لها أن " سكان حمص يدينون بشدة الأعمال التي ينفذها إرهابيون مسلحون وفقا لأجندة أجنبية لزعزعة استقرار سورية".
وفي سياق متصل، صرح أعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة أنهم يريدون "تسليط الضوء" على الانتهاكات التي يتم ارتكابها في سوريا، وسيدفعون باتجاه إجراء تحقيقات في سلوك النظام سواء سمح لمراقبي المجلس بدخول الأراضي السورية أم لم يسمح.
وكانت دمشق منعت وصول بعثة لتقصي الحقائق من مجلس حقوق الإنسان في أغسطس/آب، كما رفضت أيضا دخول لجنة تحقيق تدعمها الأممالمتحدة تم تشكيلها بعد ذلك، ومن ثم توجه أعضاء اللجنة إلى المناطق الحدودية في بلدان مجاورة لسوريا لرصد الانتهاكات من هناك. وقالت ايلين تشيمبرلين دوناهو سفيرة الولاياتالمتحدة لدى مجلس حقوق الإنسان خلال اجتماع في معهد بروكينغز للأبحاث بواشنطن: "بالنسبة للشأن السوري لا تزال الفرصة متاحة، حتى إنها متاحة جدا". وتابعت: "لا نشعر أننا فقدنا الزخم وسنفعل كل ما في وسعنا لتسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة والضغط بأقصى طاقتنا". وقالت تشيمبرلين دوناهو إن منع أعضاء اللجنة من الوصول إلى سوريا "يزيد من عزم المجتمع الدولي" للضغط على نظام الرئيس بشار الأسد. ومن المقرر أن تنشر لجنة التحقيق تقريرا حول سوريا نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني القادم ومن المرجح أن يعقد مجلس حقوق الإنسان الذي يتخذ من جنيف مقرا له جلسة للنظر في مضمون التقرير، حسبما قالت تشيمبرلين دوناهو. وقالت نائبة رئيسة المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان كيونغ وا كانغ لمنتدى واشنطن إنه رغم عدم إمكان الوصول إلى شوارع المدن السورية كدمشق وحمص وغيرهما، إلا أن "التقنيات الحديثة لا تدعنا نواجه نقصا في المعلومات". وقالت إن مفتشي الأممالمتحدة "تحدثوا إلى المتظاهرين عبر سكايب وكان المتظاهرون متواجدين في قلب الأحداث في الشوارع يوميا".
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة أن فرنسا تشكك في صدق النظام السوري في تنفيذ خطة الجامعة العربية للخروج من الأزمة في هذا البلد، وذلك بسبب استمرار القمع الدامي في سوريا. وقال رومان نادال مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحفي إن "استمرار القمع يعزز شكوك المجتمع الدولي في صدق النظام السوري بتنفيذ خطة الجامعة العربية". وأضاف "في حين أعلن النظام السوري لتوه أنه يقبل من دون تحفظ بخطة الخروج من الأزمة التي اقترحتها الجامعة العربية، نلاحظ أن عشرين متظاهرا مسالما على الأقل قتلوا الخميس في سوريا برصاص قوات الأمن". وأكد أن "استمرار القمع يناقض تماما الالتزامات التي طالبت الجامعة العربية النظام السوري" بأن يفي بها. وكان الخميس، قد قتل عشرون مدنيا برصاص قوات الأمن واعتقل عشرات آخرون.
من ناحيتها، حذرت الولاياتالمتحدة الخميس النظام السوري من أنه إذا لم يطبق التزاماته الواردة في الخطة العربية للخروج من الأزمة فان عزلته ستزداد على الساحة الدولية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند "نحن لم نر مؤشرات على أن نظام (الرئيس السوري بشار) لديه النية باحترام التعهدات التي قطعها". وفي لبنان، أقر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حديث إلى محطة "بي بي سي" التلفزيونية البريطانية تم بثه مساء الخميس، بحصول عمليات خطف لمعارضين سوريين في لبنان قبل أشهر، مشيرا إلى أن القضاء يتعامل معها.