تشهد مدينة الموصل العراقية (شمال) تعزيزات عسكرية وتحصينات من قبل تنظيم "داعش" على قدم وساق؛ تحسبًا لعملية عسكرية برية محتملة من قبل القوات العراقية لتحرير المدينة خاصة بعد تصريحات منسق التحالف الدولي ضد "داعش"، جون آلن، حول "هجوم على الأرض سيبدأ قريبًا ضد عصابة داعش الإرهابية تقوده القوات العراقية بإسناد من دول التحالف". وتسعى قوات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية للانقضاض على التنظيم في معقله الرئيسي بالموصل ثاني كبريات مدن العراق ذات الغالبية السنية والتي يسيطر عليها "داعش" منذ العاشر من يونيو العام الماضي. وبحسب شهود عيان، يستعد التنظيم منذ أشهر لهذه المعركة في بناء خط دفاعي منيع يصد تقدم أي قوات برية قد تحاول دخول الموصل، إلا أنه في الفترة الأخيرة أزيلت كافة الحواجز الإسمنتية من أمام المؤسسات بالداخل وتم وضعها على جميع مداخل الموصل لعرقلة أي تدخل. ولم يتوقف الحال لدى التنظيم بموقف الدفاع بل حاول أن يطرح نفسه كتنظيم لا زال يمتلك زمام المبادرة، فيهاجم بين الحين والآخر مناطق متاخمة لإقليم شمال العراق في الوقت الذي يجرى العمل على قدم وساق بالموصل لزيادة تحصيناتها الدفاعية. ومن أول التحصينات التي باشر بها التنظيم هو حفر خندق يحيط بمدينة الموصل لازال العمل فيه مستمرًا بعمق 1.5 متر وعرض 1.5 متر ويتوسطه حاجز إسمنتي. كما قام التنظيم برفع جميع الحواجز الإسمنتية والمصدات التي كانت تحيط بالمباني الحكومية والموزعة في الشوارع وقام بوضعها على مشارف الموصل من الجنوب والشمال والشرق والغرب حيث المنافذ المتوقع منها اقتحام الموصل في الحرب البرية. ويقول أبو محمد الموصلي ذو الستين عاما: توضع حواجز في منطقة كوكجلي (شرق الموصل) حيث المدخل إلى الموصل للقادمين من أربيل (عاصمة إقليم شمال العراق) وتمتد الحواجز على طريق ترابية خارج مدينة الموصل. وبخلاف الحواجز، انتشرت في الأيام الأخيرة مجاميع مسلحة تسمى ب "جيش العسرة "داخل مدينة الموصل، وهذه المجموعات هم من المقربين لزعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، وتواجدهم في مكان ما هو إلا دليل على وجود البغدادي، بحسب أحد سكان المدينة أطلق على نفسه "مدحت المعلم" خوفًا على حياته. وأوضح المعلم أن "مسلحي جيش العسرة مدججون بالأسلحة، ويرتدون ملابس سوداء، وأغلبهم من المقاتلين الأجانب". وأضاف: "عندما نرى هذه القوات تجوب شوارع الموصل فنعلم جيدًا أن البغدادي موجود في الموصل"، مبينًا أن "تلك القوة لا تقف في مكان أو تقاطع إنما تجوب على سيارات وتمر مسرعة وتعود مسرعة". ويقبل السكان على التبضع وشراء المواد الغذائية لتخزينها؛ تحسبًا لحرب قد يطول أمدها، سعد الأطرقجي وهو يمسك بكيس أسود ويتفحص في عربة خشبية عن بقوليات لشرائها، قال: "لا نعلم ما يخفيه الزمن لكننا نخشى أن تنفد المؤن، ونحن في عز المعركة". الأطرقجي تحدث لمراسل الأناضول بصوت خافت أشبه بالهمس ويتلفت يمينا ويسارا خوفا من بطش داعش: "رغم خوفنا من الحرب لكننا كسكان فرحون؛ لأن الحرب ستنقذنا من داعش الذي عاث بالأرض فسادا بمدينة الموصل". من جهته، يقول العميد غانم السبعاوي، أحد ضباط شرطة نينوى (شمال) التي تعيد تشكيلاتها ضمن معسكر تحرير نينوى في منطقة دوبردان شرق الموصل، إن "داعش يسعى منذ فترة إلى تطوير أسلحته من خلال بعض الغازات الكيميائية التي استولى عليها من الرقة السورية ومدينة الموصل وغازات في مختبرات علمية نعتقد بأنه تمكن من الاستيلاء عليها". وأضاف السبعاوي للأناضول أن "داعش يعمل أيضًا على تصفيح شاحنات مفخخة كي لا تؤثر بها القذائف (بحيث لا يتم تفجيرها قبل أن تصل لهدفها) إن حاولت القوات البرية اقتحام الموصل"، مشيرًا إلى أن "القوات العراقية والبيشمركة (جيش إقليم شمال العراق) استولت على بعض هذه العجلات المصفحة، فالتنظيم يتفنن بصناعة الأسلحة منذ فترة استعدادا لهذه المعركة".