قارئي العزيز, كما يفعل وكيل النيابة اليائس عندما تعييه الحيل ويخذله قانون البشر,فتشت في أوراقي كثيرا بحثا عن قليل من العدل يكفي لإقامة محاكمة لا تعترف بقانون الإجرائات ولا يعنيها ثغراته التي أشاعت الظلم أكثر من الظالمين أنفسهم..فقضايا محكمة التاريخ لا تسقط بالتقادم,يمنح فيها المدعون بالحق المدني من حسن البيان ما يليق بأن يسطر في صفحاته...وهذه رابع المدعين من طابور طويل لتتفضلي أيتها المرأة ..المحكمة تمنحك حق الحديث مع المتهم..ولتبدأ الجلسة.........محكمة -عفوا سيدي الرئيس أنا سوسو..صديقة الطلبة..نعم..اعني ما فهمته..ففي محكمة التاريخ الحرج مرفوع..ولن أرتدي برقع الحياء الآن وقد فقدته منذ زمن..لا تندهش أو تدعي السذاجة فأنا صنيعتك..أعرف أنه لولاعدالة التاريخ التي تفوق عدالات البشر..لظللت مغمض الطرف عني متناسيا جريمتك بحقي..لكنك حتما تدرك وجودي ولكن الفرق أنكم تناقشون كل المشاكل و تتجاهلونني..رغم إنني أول تجارة في التاريخ..عندما أستبد الرجل بذكوريته وحولني إلى سلعة كأول خيانة للأمانة الربانية ولدت في منطقةعشوائية..تلك التي أستجدت في عصرك المبارك..عشش متلاصقة إعتاد سكون الليل أن يهتك ستر سكانها..يبوح بأسرار عشقهم..وتباريح غرامهم..رأيت أشياء في غير أوانها..غرائز لا يلجمها علم أو دين فكليهما رفاهية في عشوائية حياة تفضحنا فضيحة القطط..لنا قانون آخر غير ذلك الذي تدعون إحترامه..أخ يغتصب أخته في نوبة ضياع..أب يزني بابنته في إستجابة لحظية لحيوانية البدايات..طبقا لإحصائياتكم 25% يرتكبون تلك الجرائم الدخيلة في عالم العشوائيات وكأن الأنحرافات الطبيعية لا تكفي لتزداد مصائبنا واحدة ولتزيد الطينة بللا _عفوا سيدي الرئيس تعجل خراط البنات ليضعني في مواجهة عالم لم أكن مستعدة له بعد بجهلي وبرائتي وقلة حيلتي أُزف إلى شيخ يحمل 70 عامامن العُقد والكبت المرضي في صفقة بخسة لتوأد طفولتي ثم يلقى بي في الطريق حاملة دمية كنت أتمنى أن أحصل عليها ككل الأطفال لكنها كانت تبكي وتصرخ بين يدي طرقت أبوابا كثيرة بلا سند من علم أو مهارة أو حرفة ..بلا ظهر من أخ أو أب بعد أن أضاعتهم المخدرات وأضاعتني..بلا نظام يحميني ويستر عرضي أو حتى يقومني ويعاقبني..وفي كل خرابة أجد بدل العفريت قبيلة..من بلطجيه لمخبرين لأدرك أني مباحة في كل الأحوال.. فلِما اكون بلا ثمن؟ قد يكون بخسا فالبضاعة متوفرة من كل الأصناف..فتحت كل عمود نور توجد سوسو وعند كل ناصية مظلمة توجد سوسو..وتحت زر لوحة مقاتيح شاشة شبكة التواصل الإجتماعي ستجد الف سوسو.. قد تكون مثل حالاتي جاهلة مقهورة..جائعة.. وقد تكون متعلمة..مثقفة..يائسة..طامعة..متطلعة..منتقمة..ناقمة...زنديقة..فاجرة..كافرة قد تكون سافرة..متبرجة..او..محجبة..منقبة..تخرج من مناطق لا ترى الشمس ومع كل خطوة تنزع جزء من ردائها و آخر من نفسها حتى تصل لأحد مواخير الشوارع الخلفية في وسط المدينة ولم يبقى عليها إلا آخر أوراق التوت ولا تقلق فقد لا يكلفك الأمر أكثر من ثمن لا يزيد كثيرا عن وجبة سريعة.. _عفوا سيدي الرئيس أفتش عن أبني الذي ضاع وسط زحام سنين طويلة فقدت القدرة على عدها..سأعرفه بعلامة مميزة في اعلى ظهره ربما تكون الحسنة الوحيدة في حياتي وأنا لا أبحث عنه حتى أجده..بل حتى أتأكد أنه لن يجدني..فماذا لدي لأمنحه..ربما تكون قسوة الأيام أكثر رأفة به من نظام دهسني وأورثني عار ثم وصمني و عايرني به. -عفوا سيدي الرئيس الجوع لا يرحم..ومحكمة التاريخ للاسف لن تمنحني كسرة خبز..(بالإذن) وتنسحب مع زبون صغير (كحيتي)يريد أن يكتشف عالم الرجولة دون أن تلمح تلك العلامة المميزة في أعلى ظهرة يقف التاريخ عن الكتابة حزنا من هول و روع ما يحدث.....وترفع الجلسة حدادا..فللموت أشكال أخرى قد تكون أكثر قسوة من موت الجسد....وللمحاكمة بقية........ محكمة نقلا عن " الوطن" المصرية