لإنقاذ "هيبو".. ألمانيا توافق على قانون لتأميم المصارف المتعثرة محيط – زينب مكي في الوقت الذي يحذر فيه العديد من المسئولين من زعزعة الثقة بألمانيا كبلد جاذب للاستثمار اتفقت الحكومة الألمانية أمس على مسودة قانون "مؤقت" يسمح بتأميم المصارف المتعثرة في ظل أسوأ أزمة يمر بها الاقتصاد والمصارف في ألمانيا والعالم منذ ثلاثينيات القرن العشرين. وفي هذا الصدد نقل موقع التلفزيون الألماني عن مصادر إعلامية أن القانون الذي أقرته الحكومة الألمانية والذي وصفه البعض بأنه أعد خصيصاً لتأميم مصرف "هيبو ريال استيت" ينص على ضرورة اعتبار التأميم آخر وسيلة يمكن أن تلجأ إليها الحكومة لإنقاذ البنوك والشركات الكبرى، وألا تقدم عليه الدولة إلا بعد إخفاق جميع إجراءاتها الرامية لإصلاحها. كما أشار موقع مجلة "دير شبيجل" الألمانية إلى أن وزير المالية أوضح التفاصيل الأخيرة للمسودة مع وزير الداخلية فولفغانغ شويبلة ووزيرة العدل بريغيته تسيبريس ووزير الاقتصاد كارل- تيودور تسو جوتنبيرج. وبموجب القانون الجديد يجب السماح بتأميم ملكية المساهمين مع تعويضهم في المصارف المتعثرة التي تواجه خطر الإفلاس. كما ينص على منح الحكومة صلاحيات تأميم المؤسسات المالية دون الرجوع إلى قرارات أخرى من البرلمان الألماني "بوندستاج" أو مجلس الولايات. وتأمل الحكومة من وراء هذا القانون المرتقب أن تتولى الدولة إدارة شؤون بنك "هيبو ريال استيت" المتعثر بسبب الأزمة المالية العالمية، وسيطبق القانون لفترة تمتد حتى نهاية يونيو المقبل، ووفقا لما ذكرته المجلة يعد هذا القانون جزءً من إجراءات حزمة إنقاذ المصارف المقرر في أكتوبر الماضي بقيمة 480 مليار يورو. ومن جانبها أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في معرض ردها على الانتقادات الموجهة إلى حكومتها بعد إعلان نيتها تأميم بعض المصارف، إن هدفها لا يتمثل في إلغاء اقتصاد السوق، قائلة على هامش مشاركتها في اجتماع لغرفة الصناعة والتجارة الألمانية في نويبراندنبورج: "إن هذا كلام لا معنى له، المسألة تتعلق بأن الحكومة لن تدع مصرف هيبو ريال ستيت ينتهي إلى الإفلاس". وعلى الجانب الأخر حذر رئيس الاتحاد الألماني للصناعة هانز بيتر كايتل الحكومة من مصادرة أملاك بعض المساهمين في شركات أو مصارف ألمانية على خلفية تعرض هذه المصارف أو الشركات لأزمات حادة تهدد بإفلاسها إذا لم تتدخل الدولة لحمايتها مؤكدا "إن الحكومة بذلك تخاطر بالإطاحة بالمبادئ السياسية الأساسية لاقتصاد السوق، ما يدمر ثقة المستثمرين الألمان والأجانب في مكانة ألمانيا كبلد جاذب للاستثمار". ويشاركه في الرأي رئيس الاتحاد المسيحي الاجتماعي، هورست زيهوفر،الذي أكد في لقاء مع موقع "تاجسشاو" الألماني الإخباري قبل الموافقة على القانون إنه يجد "من الصعب بالنسبة له" الموافقة على تأميم جزء من المصرف المتعثر، مضيفا أن هذه الخطوة يجب أن تكون "آخر الحلول المطروحة"، معللاً ذلك بالقول: "يجب أن لا تتفشى في ألمانيا ظاهرة قيام الدولة بدور المستثمر أو المصرفي". وفي هذا السياق أيضا أعرب وزير الاقتصاد الألماني الجديد كارل- تيودور تسو جوتينبيرج أيضاً عن رفضه لتأميم المصرف، قائلا في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية: "إن كل الحلول تعتبر أفضل من التأميم الفوري"، مضيفاً أن وزارته تعكف الآن على تقديم حلول بديلة. ومن الجدير بالذكر أن بنك "هيبو" ،الذي يتخذ من مدينة فيسبادن مقرا له، والذي واجه كارثة مالية في أكتوبر الماضي أعلن في وقت سابق إنه حصل على ضخ مباشر للأموال بقيمة 525 مليون يورو فضلا عن 4 مليارات يورو في شكل غطاء من ضمانات القروض الاتحادية، وذلك وفقا لما نص عليه قانون الإنقاذ المالي الذي أقرته الحكومة. وكانت الحكومة الألمانية قد خصصت العام الماضي 2008 مبلغ 80 مليار يورو لضخها في القطاع المصرفي، كما صرحت بمنح ما يصل إلى 400 مليار يورو كضمانات، وحتى الآن تمت الموافقة على 196 مليار يورو معظمها في شكل ضمانات محجوبة تشارك فيها الدولة بالربح والخسارة ولكن من دون رأس المال، ومن بين البنوك الأخرى التي ستحصل على دعم من الحكومة الألمانية في الأزمة الحالية بنك "كوميرتسبانك" الذي تم شراء 25%.