الحريري يحذر من توريط لبنان في ساحة تصدير "الثورات العربية" سعد الحريري بيروت: في الوقت الذي تتزايد فيه حدة الاحتجاجات الشعبية في الوطن العربي للمطالبة بالتغيير ، حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعد الحريري من مخاطر توريط لبنان في مسارات اقليمية واستخدامها كورقة في تأجيج الصراعات الداخلية في البلدان العربية ، منتقدا موقف الامين العام لحزب الله حسن نصر الله من "الثورات العربية". واعتبر الحريري ان الحملة التي تطاول البحرين والمملكة العربية السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي، هي حملة أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها أمر عمليات خارجي، يعمل على توريط لبنان في مسارات إقليمية، لا طائل منها، ولا وظيفة لها سوى الإساءة لمصالح اللبنانيين وعلاقاتهم التاريخية مع أشقائهم العرب. ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن الحريري قوله خلال استقباله وفودا من شباب المستقبل وعائلات بيروتية في بيت الوسط : "استمعنا قبل أيام الى مواقف صدرت عن قيادات رئيسية في حزب الله، خصصت لزج لبنان، في خضم التحركات التي تشهدها بعض البلدان العربية الشقيقة، وهي مواقف تتحرك على أساس أن هناك تحركات بسمنة وتحركات بزيت فما هو مقبول في طهران وعربستان وقم ومشهد، مرفوض في المنامة وغيرها من العواصم، وما هو مرفوض في طهران مقبول في سواها". وحذر من أن "هناك من يريد أن يتخذ من لبنان، ساحة لتصدير الثورات الى البلدان العربية، ويتصرف مع التحركات الشعبية العربية كما لو أنه الأب الروحي والفكري لتلك الثورات، وهو أمر لا يخالف الحقيقة والواقع فحسب، ويحاول أن يسقط على الحركة الشعبية العربية إسقاطات لا علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، إنما هو أمر يتجاوز حدود التأييد والتضامن، ليجعل من لبنان ورقة في مهب الخلافات الداخلية للعديد من البلدان العربية". وأشار الى أن "قيادة حزب الله، تطلب التغيير في البلدان العربية على الطريقة الإيرانية، وهي تريد من اللبنانيين أن يوافقوا على تحويل بلدهم، الى ساحة لتصدير الثورات، لترتفع أعلام ورايات الحزب في العواصم العربية على الصورة التي ترتفع فيها في بيروت". وقال: "نحن نقول بكل صراحة ووضوح إن هذه السياسة مرفوضة من أكثرية اللبنانيين التي لا تريد للبنان أن يغرق في سياسات المحاور، وأن يتحول صوته في تأييد الحركات الشعبية العربية، الى صدىً للأصوات الآتية من الخارج، وتلك التي تغدق على بعض الجهات، مما يسمونه المال النظيف وغير النظيف". وأضاف: "هذه دعوة من قيادة حزب الله، الى أن يكون لبنان شريكا مضاربا في العديد من الانقسامات العربية، وهي دعوة لا تتوقف عند حدود التدخل في شؤون البحرين، لكنها تؤسس لزج اللبنانيين، أو فريق منهم في أدوار خطيرة، تصدر الفتاوى في شأنها من مراكز القرار في دول إقليمية نافذة". وأكد "أن فكرة تصدير الثورة بالطريقة التي وردت على لسان قيادات في حزب الله، هي الوجه الآخر لفكرة تصدير الانقسام في الوطن العربي، وتصدير الفتنة الى الساحة الإسلامية"، معلنا "ان الجمهور اللبناني عموما، والجمهور الإسلامي تحديدا، بجناحيه السني والشيعي، لن يقف عند هذه الترددات والدعوات الخطيرة، وهو لن يسمح بفتح الأبواب أمام أي مغامرة بمصالح لبنان وعلاقاته مع أشقائه العرب". ولفت الى "ان الأخوة العرب يمتلكون من الرشد والوعي والكفاءات البشرية، ما يمكنهم من تحديد مسارات التغيير والتطوير في بلدانهم وهم لا يحتاجون الى خبراء من حزب الله، أو من أي جهة تقف وراء حزب الله" ، مشددا على أن "التضامن مع الشعوب العربية شيء وصبّ الزيت على نار الخلافات العربية شيء آخر، ولبنان لن يكون جسراً تعبر منه الخلافات الى أي بلد عربي شقيق". وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله علق على الثورة الشعبية المصرية مؤكدا انها ثورة وطنية حقيقية كاملة يشارك فيها كل المصريين من مسلمين ومسيحيين ومن تيارات علمانية واسلامية كما يشارك فيها النساء والرجال والاطفال والعلماء، معلنا تضامنه مع الثوار. ولم يقف نصر الله عند التعليق على ثورة مصر فقط بل توالت تعليقاته حول الاحتجاجت في البحرين والسعودية بالتأييد الساحق . ويذكر ان الحريري دعا يوم 13 مارس/آذار الماضي إلى تنظيم مظاهرة حاشدة بميدان الحرية في وسط بيروت للتصدي ل"سلاح غير مشروع" لحركة "حزب الله". ويشهد لبنان انقساما بين فريق حزب الله الذي يتوقع أن توجه المحكمة الاتهام إليه في جريمة اغتيال الحريري، ويطالب بالتالي بوقف التعاون معها، وفريق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، المتمسك بالمحكمة الدولية. ويخشى مراقبون من وقوع تداعيات أمنية على الأرض في حال وجه الاتهام في اغتيال الزعيم السني إلى حزب الله، القوة اللبنانية الوحيدة المسلحة إلى جانب الدولة. الحريري والحكومة انصار الحريري يحتجون على اختيار ميقاتي في غضون ذلك، ذكرت صحيفة "السفير" اللبنانية أن تواصلا نوعيا حصل بين الإدارة الأمريكية والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان قبيل إسقاط حكومة سعد الحريري مباشرة، سعى من خلاله الأمريكيون إلى توظيف القرار الاتهامي كمادة استثمار من شأنها أن تشكل عامل ضغط سياسيا في لبنان تكون من نتائجه المباشرة إعادة تكليف سعد الحريري لرئاسة الحكومة في لبنان. واعتبرت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الاربعاء أن هناك معلومات أفادت أن إحالة مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بيلمار مسودة قراره الاتهامي إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين كانت مقدمة لصدور قرار وشيك بناء على رغبة الأمريكيين وبعض القيادات الأساسية في 14 مارس التي عبرت عن تمنياتها بهذا الخصوص خلال لقاءاتها مع بعض السفراء الغربيين المعتمدين في لبنان. وأشارت الصحيفة إلى أن الوقائع التي تتوالى على المسرح العربي، أحبطت الخطة المرسومة لتوليد القرار الاتهامي كمقدمة لقلب موازين القوى السياسية في لبنان وحشر حزب الله في زاوية الاتهام، معتبرة أن الواقع الجديد في المنطقة فرض تبدلا في الأولويات الأمريكية، خاصة أن صدور القرار الاتهامي في ظل غرق دولي شامل في متابعة التحولات المتلاحقة، سيجعله يمر بلا أثر، وبلا فعالية ولن يؤدي صدوره إلى الغاية منه لوصم حزب الله بالإرهاب في مؤازاة توفير رافعة سياسية للحريري وفريقه. وكلف ميقاتي في 25 يناير/كانون الثاني بتشكيل حكومة جديدة في لبنان بعدما سقطت الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري على خلفية انقسام حاد حول المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. واعلن حينها سعد الحريري انتقال تياره السياسي الى المعارضة بعدما خسر الغالبية داخل البرلمان اثر تغيير بعض النواب لموقفهم، علما ان كتلته النيابية طالبت ميقاتي بتوضيح موقفه من المحكمة الدولية قبل بحث المشاركة في الحكومة. ويطالب حزب الله الداعم لميقاتي والذي يتوقع ان توجه المحكمة الاتهام اليه في جريمة اغتيال رفيق الحريري التي وقعت عام 2005، بفك الارتباط مع المحكمة.