أهداف جولة الرئيس الأميركي المقبلة للمنطقة سليمان نمر يأتي الرئيس الأميركي جورج بوش إلى المنطقة العربية بعد نحو عشرة أيام، يزور خلالها كلاً من الكويت والبحرين ودولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، بعد أن يزور كلا من مصر والأراضي الفلسطينية (رام الله) وإسرائيل. وهذه الزيارة الرئاسية الأميركية (التي تروج لها اجهزة الإعلام المؤيدة للسلام والتسليم وكأنها مكرمة من أكبر قوى العالم) للمنطقة تطرح العديد من التساؤلات حول دوافعها وأهدافها. وقبل أن نطرح التساؤلات يجب الإشارة إلى ان زيارة الرئيس بوش للخليج - عدا زيارته للقاعدة الأميركية في قطر عام 2003 - تأتي متأخرة جدا، فهي تأتي بعد سبع سنوات من '' تربعه '' على عرش الولاياتالمتحدة وفي السنة الأخيرة لولايته الرئاسية الثانية والأخيرة، ورغم ما مر بالولاياتالمتحدة والعالم من احداث لها علاقة بالخليج ومنطقة الشرق الأوسط... ابتداء من هجمات أيلول ''سبتمبر'' على الولاياتالمتحدة مروراً بالحرب الأميركية على العراق - التي لا زالت تداعياتها قائمة حتى الآن - وانتهاء بتطورات الحلف النووي الإيراني والتجاذب الأميركي الحاد مع سوريا. ومنذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة عام 2000 والرئيس بوش ليس بعيداً عن الشرق الأوسط، حيث زاره مراراً وتكراراً العديد من زعماء منطقة الشرق الأوسط وقادتها، وأرسل إليها الكثير من مبعوثيه ورسله الواحد تلو الآخر ابتداءً من نائبه '' المتغطرس '' ديك تشيني - الذي ليس له ود عند قادة المنطقة وأهلها عدا إسرائيل - مروراً بوزيرة خارجيته كونداليزا رايس، وانتهاءً بأعضاء الكونغرس وبعض القادة العسكريين للجيوش الأميركية في المنطقة. ولكن الرئيس بوش نفسه لم يفكر يوماً بزيارة المنطقة التي له فيها حلفاء وأتباع كثيرون يريدون رضاه حتى ولو بزيارة عابرة، وله فيها أصدقاء لا يهمهم رضاه، بقدر ما يهمهم ان يعطي للصداقة حقوقها ومتطلباتها وأولى هذه المتطلبات العمل بجدية لتحقيق السلام العادل للقضية الفلسطينية وحل أزمة الشرق الأوسط حتى تنتهي مشاكل دوله وشعوبه. لذلك نرى أن الرئيس بوش لا يحتاج إلى مثل جولته القادمة في المنطقة لفهم مشاكلها بشكل أعمق لأنه ليس لديه الوقت ليفهم مجدداً ما عجز عن إفهامه له مساعدوه الذين زاروا المنطقة مرارا وتكرارا وليفهم مجددا ما عجز عن تفهمه سابقاً من أصدقائه وحلفائه من القادة العرب الذين زاروه غير مرة خلال سنوات حكمه السبع السابقة. هل يأتي الرئيس الأميركي للمنطقة العربية لاستعادة ثقة أصدقائه وحلفائه في النظام العربي وإعادة المصداقية المفقودة للولايات المتحدة ؟ وكيف سيستطيع ذلك ؟؟ العرب يضعون الأولوية لقضية فلسطين وضرورة حلها حتى تُحل المشاكل الأخرى - وأولها مشكلة الإرهاب وآخرها مشكلة العراق - في حين أن الرئيس بوش وإدارته يضعون الأولوية لمحاربة الإرهاب ولمحاصرة إيران وتطويق نفوذها في المنطقة والعرب سلموا واشنطن إدارة حل هذه القضية، والولاياتالمتحدة - خصوصاً بعد مؤتمر '' أنا بوليس '' الأخير - استفردت بهذه القضية... ولكن هذا الاستفراد لم يعط الفلسطينيين شيئاً حتى الآن حتى يرضوا ويرضى العرب، وهناك شك في أن تستطيع زيارة الرئيس الأميركي القادمة لإسرائيل ورام الله إحداث اختراق كبير في عملية السلام فكيف ستستطيع إحداث هذا الاختراق بعد أن ألغى الرئيس بوش زيارة له للكنيسيت الإسرائيلي ليلقي خطاباً فيه كان من الممكن أن يقنع ممثلي الشعب اليهودي من خلاله بالتجاوب مع عملية السلام ومع جهود إقامة الدولة الفلسطينية وفق الشروط الأميركية. كيف سيستطيع الرئيس بوش إحداث اختراق في عملية السلام، والإسرائيليون يديرون ظهورهم لما اتفق عليه في مؤتمر '' أنا بوليس '' الأميركي للسلام ويوسعون المستعمرات ويحكمون سيطرتهم على القدس ويواصلون قتل الفلسطينيين ليس في غزة فقط بل في رام الله أيضاً. إن ما يراه المراقب المتابع للأحداث في المنطقة لا يرى لزيارة الرئيس الأميركي أي طريق لتحقيق السلام في المنطقة - حتى ولو على الطريقة الأميركية نفسها -. إن ما يبدو حتى الآن أن الزيارة الأميركية للمنطقة هي جولة استعراضية حتى يظهر الرئيس بوش أن إدارته تسعى وتعمل من أجل تحقيق السلام وبالتالي يرضي أصدقاءه وحلفاءه العرب، ويطالبهم بمساعدته لحصار إيران وحل مشكلته في العراق. وعلى الصعيد الخليجي نرى أن زيارة الرئيس بوش للمنطقة الخليجية تأتي للرد على الانفتاح الإيراني الأخير على المنطقة وعلى مشاركة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في قمة الدوحة الخليجية وعلى الدعوة السعودية للرئيس نجاد لأداء فريضة الحج، وتأتي أيضاً في محاولة لإقناع العرب عموماً والخليجيين خصوصاً، بأن يعطوا الأولوية لخطر إيران ( الفارسي ) على خطر إسرائيل ( الصهيوني )، وأن الإرهاب الذي يضرب في المنطقة هو أخطر على دولها وأنظمتها من إسرائيل وقدراتها العسكرية المتميزة... ولكن نعتقد أن العرب سيختلفون معه في هذا المنطق وهذه النظرة التي تتعمد تجاهل حقائق الأمور. عن صحيفة الرأي الاردنية 31/12/2007