تأكد لدي جميع الأوساط العالمية والعربية أن الهدف الأول من تلك الجولة هو تصعيد الموقف مع إيران وحشد دول المنطقة الحليفة والصديقة للولايات المتحدةالأمريكية علي دعم السياسات الأمريكية في مواجهتها في الوقت الذي توقع فيه الرأي العام العربي بأن جولة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بمنطقة الشرق الأوسط وزيارته لبعض الدول العربية ومقر السلطة الفلسطينية وإسرائيل لن تسفر عن خطوات جدية وتنفيذية هامة لتحقيق السلام العادل وحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي خاصة بعد مؤتمر "أنابوليس" الذي عقد في نهاية عام 2007. تأكد لدي جميع الأوساط العالمية والعربية أن الهدف الأول من تلك الجولة هو تصعيد الموقف مع إيران وحشد دول المنطقة الحليفة والصديقة للولايات المتحدةالأمريكية علي دعم السياسات الأمريكية في مواجهتها عبر خطوات تتعاظم مقوماتها وآلياتها عسكرية أو اقتصادية وكذا سياسية وفقا لما يستكشفه الرئيس الأمريكي في رؤي ومواقف الدول التي شملها جدول زيارته وخططه التي يدرسها أو يعتزم تنفيذها في هذا الاطار. ولعل استقراء وتحليل تصريحات الرئيس بوش خلال جولته والتي سادتها نبرة الوعيد والتهديد لإيران.. ومواقف التأييد والانحياز لدولة يهودية عنصرية لإسرائيل.. وصبغة التشويق والتلويح باقامة دولة فلسطينية علي أرض مستقلة دون التعمق في التفصيلات قبل نهاية ولايته في نهاية عام 2008 بطرحه أملا ووعداً بالعودة للمنطقة مرة أخري في مايو 2008 تثير لدي الكثيرين ما يشبه الحقائق والقدرة علي التنبؤ بملامح مرحلة جديدة تضاف إلي موازين قوي الصراع في الشرق الأوسط.. من أهمها الآتي: 1 سعي الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي تجزئة وتصنيف مسئولية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي علي أطراف متعددة ومواقف من داخل المنطقة من أبرزها: تحقيق الدول العربية لمصالحة شاملة مع إسرائيل بما يشير إلي التطبيع معها واقامة علاقات دبلوماسية وسياسية بين الطرفين.. كمدخل لتحمل مسئولياتها في مساعدة الفلسطينيين علي التوصل إلي اتفاق مع إسرائيل.. وفي هذا الإطار تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية ببذل ما في وسعها لتشجيع المفاوضات والمصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ومعها المجموعة الدولية.. بما معناه خروج الولاياتالمتحدةالأمريكية كشريك رئيسي في تحقيق السلام في القضية الأم بالشرق الأوسط.. وهي قضية السلام العادل الفلسطيني.. إلي شريك "مشجع للسلام"!! بشروط أمريكية إسرائيلية يأتي في مقدمتها اقامة دولة عنصرية يهودية إسرائيلية.. يتحقق لها البند الأول من خريطة الطريق.. وهو أمن إسرائيل أولا مع "عتاب أمريكي قلق" علي توسيع إسرائيل للمستوطنات!! دون النظر لأي مطالب عربية فلسطينية أخري.. (ولعل ذلك تأكد في المؤتمر الصحفي للرئيس بوش برام الله ثم تصريحاته بدولة الكويت ضمن جولته بعد ذلك). 2 عولمة وحشد العالم إلي جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية في سياساتها المتصاعدة في مواجهة إيران بتأكيده علي أنها الدولة الرائدة علي مستوي العالم في رعاية الإرهاب وتمويل المتطرفين حول العالم بمئات الملايين من الدولارات وتمارس سياسات "الرعب" ضد جيرانها بخطابها الحربي وصواريخها وعتادها.. وأنها تعوق الاستقرار والأمن في لبنان بدعمها للجناح العسكري لحزب الله.. وكذا دعمها لمنظمة "حماس" بفلسطين.. ومد المسلحين الشيعة في العراق بالسلاح.. مشيراً إلي ان الولاياتالمتحدةالأمريكية ستقوم بجميع التزاماتها الأمنية مع اصدقائها في الخليج بدعم من أصدقائها في سائر انحاء العالم لمواجهة الخطر الإيراني "قبل فوات الآوان". ومن الجدير بالذكر.. أن الرئيس بوش اعتمد في محاور اقناعه والتأكيد علي آرائه وسياساته وخططه المستقبلية تجاه إيران.. علي مخاطبة الشعب الإيراني لتغيير حكومته لتحقيق معيشة أفضل لأسرهم والتخلص من الفقر والقمع.. خاصة وانه أثني علي الشعب الإيراني وحضارته وإبداعاته وثقافته. وهو ما ينذر بسعي الولاياتالمتحدةالأمريكية للعمل في الفترة المستقبلية علي السعي لبث الفرقة والانقسام بين الجماهير الإيرانية في مواجهة دعم مخطط ضد السلطة هناك.. واستثمار العقوبات الدولية كعنصر مساعد لذلك. وإلي جانب ذلك.. فقد آثر الرئيس بوش علي اختيار "عاصمة الدول الخليجية أبوظبي" ليوجه من خلالها خطابه المطول أثناء جولته حول إيران وتوجيهه ليس لدول المنطقة والخليج فحسب بل للعالم كله.. مما يراه المراقبون السياسيون بما احتواه من مفاهيم وتهديدات بأنه يحشد العالم كله ضد إيران ويؤكد علي خطورتها خاصة بعد استمرارها في برنامجها النووي وواقعة مضيق "هرمز" باقتراب الزوارق الإيرانية لبارجة أمريكية.. وتواتر تصريحات وعرض تسجيلات تليفزيونية توحي ببث المتواجدين علي تلك الزوارق لما يشبه التهديدات للبارجة الأمريكية والقائمين عليها.. وان كانت تصريحات خبراء عن الملاحة البحرية الأمريكية بالإضافة إلي قائدها شكك في طبيعة الاشارات والتسجيلات مستبعداً "التهديدات بالتفجير" واحتمالات ان يكون "القرد الفليبيني" الذي يتواجد بتلك المنطقة!! هو مصدر للاصوات اللاسلكية أو تداخلات أخري لاسلكية يجري التحقق منها.. علي الرغم من الاحتجاج الرسمي الذي وجهته الولاياتالمتحدةالأمريكيةلإيران علي أثر الواقعة مباشرة وكذا زيارة الدكتور البرادعي وفريقه عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران أثناء تواجد الرئيس بوش بالمنطقة. ووعد إيران له بالرد بعد شهرين علي تقريره.. في الوقت الذي صرحت الخارجية الإيرانية حول واقعة "مضيق هرمز" بأن الجانب الأمريكي يسعي لتضخيم الواقعة لتتزامن مع زيارة الرئيس بوش للمنطقة إلا أنها لم تفلح في ذلك. وقد فقدت الولاياتالمتحدةالأمريكية "ماء وجهها" ويتعين عليها الاعتذار عن الحادث!! وعلي جانب آخر.. فلعل الرئيس بوش اختار دولة الإمارات العربية لتوجيه خطابه بما احتواه ضد إيران.. مستثمرا احتلال إيران للجزر الامارتية الثلاث.. وتعاظم العلاقات الاقتصادية بين أمريكا والإمارات.. هذا بالاضافة إلي سعي الامارات في مقدمة الدول الخليجية علي تلافي التهديدات الموجهة للمنطقة الخليجية من إيران من جانب والعراق من جانب آخر خاصة في عهد الرئيس السابق صدام حسين وكذا وهو عامل مهم ورئيسي التواجد الشيعي الذي يمثل نسبة عالية في تلك الدول.. وكذا مناطق البترول بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.. مما يؤثر معه حكام تلك المنطقة إلي التحسب المشوب بالحذر من أي مخططات داخلية أو خارجية تثير النعرة الطائفية والمذهبية بين ابناء الدين الإسلامي الواحد.،. خاصة "الشيعة والسنة"!! 3 استمرار تحكم "النفط والبترول ومشتقاته من غاز طبيعي ومواد أخري" في التحكم والتأثير علي موازين القوي في العالم خاصة في مواجهة القوي الكبري بحيث تعتبر الدول الأخري من أطراف الصراع بأن ما تمتلكه من ثروة تكمن في احتياطات للبترول والغاز شوكة مؤثرة لنجاحها في إدارة الصراع لصالحها مع القوي المواجهة لها.. هذا إلي جانب ما قد تفتقده تلك القوي الكبري داخل دولها أو خارجها من استقرار سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي نتيجة سياساتها أو تحالفاتها في جبهات متعددة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط أو آسيا أو أفريقيا..... الخ. ومن هنا.. وعلي الرغم من المحاولات التكنولوجية والعلمية لدول كبري لايجاد بديل عن البترول كمصدر للطاقة فإن توقعات علمية وسياسية تري أن سوق الطاقة سيستمر محوراً للصراع والأطماع فتتوقع منظمة الطاقة الدولية وتعتبر المنظم الدولي لقطاع النفط أن يصل الطلب العالمي علي النفط إلي أكثر من الضعف بحلول عام 2030 مع مواجهة العديد من منتجي العالم الحاليين لصعوبات حقيقية في المحافظة علي مستويات العرض الحالية إلي جانب ما قد يتطلب زيادتها.. وهو ما يسفر بلا شك عن آثار سياسية وصراعات كبيرة وأطماع متعاظمة.. تدخل منطقة الشرق الأوسط في اطارها.. اضافة إلي ما بها من صراعات.. وحروب.. وأحداث. 4 وإذا كان التنبؤ والتوقع الأخير.. يقترب كحقيقة إلا انه قد يكون من الأوفق ان يأتي في اطار اجابة القارئ العربي.. الذي يحمل هموم المصير بمنطقته التي تسودها الصراعات والأحداث.. ويتحمل في نفس الوقت داخل ذاته صراعا آخر ما بين الأمل والتفاؤل والترقب والحذر.. فيتساءل.. هل إذا تكاتف وتآزر العرب.. كبنيان مرصوص لحل قضايا منطقتهم والحرص علي هويتهم وحضارتهم وماضيهم ومستقبلهم.. تستقر بهم الأمور