من المقرر ان يبدأ الرئيس جورج بوش في مستهل السنة الجديدة جولة في الشرق الاوسط تستمر اسبوعا من اجل تحقيق هدفين: دفع الفلسطينيين والاسرائيليين نحو انهاء صراعهم الطويل المستمر منذ عقود، ودعم تآلف عربي امام ايران. وهذه هي المرة الاولى التي يقوم فيها بوش كرئيس خلال رئاسته المستمرة منذ سبع سنوات بزيارة لكل من : اسرائيل، الضفة الغربية، المملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربية. ويبدو ان بحث تفاصيل الخطط الامنية التي تتعلق بسلامته خلال زيارته هذه التي ستبدأ في الثامن من يناير المقبل بدأ منذ بضعة ايام بسبب مستوى الشعور العدائي الكبير لبوش في المنطقة حول الحرب في العراق. لكن في الوقت الذي سيساعد فيه وجود بوش بالشرق الاوسط في تركيز الاهتمام على المسألة الفلسطينية الاسرائيلية، تأتي جولته هذه وسط اجواء سياسية تتسم بالتوتر. فبعد ان تعهد المجتمع الدولي في اجتماع بباريس الاسبوع الماضي بتقديم مليارات الجنيهات الاسترلينية كمساعدة للضفة الغربية على مدى السنوات الثلاث المقبلة، شنت القوات الاسرائيلية هجمات على اهداف معينة في غزة ردا على هجمات صاروخية فلسطينية. على اي حال، يمكن القول ان جولة بوش هذه هي متابعة لمؤتمر سلام الشرق الاوسط الذي استضافته قاعدة بحرية امريكية في انابوليس الشهر الماضي، والذي انتهى بوعود غامضة لانهاء الصراع بنهاية عام 2008. حول هذا، تقول دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض: يستهدف جزء من هذه الجولة ابقاء النقاش مستمرا من اجل اظهار الالتزام وتذكير العالم بأن هناك فرصة على الجميع انتهازها للتأكيد على دعم الفلسطينيين والاسرائيليين. غير ان بيرينو اعربت عن عدم توقعها ان يجري بوش مناقشات مفصلة حول التنازلات التي يتعين على كل طرف تقديمها للآخر، أو ما اذا كان بوش سيعقد محادثات مشتركة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. واكدت بيرينو ان بوش لن يلتقي ايضا اي ممثلين عن حماس، التي تسيطر على غزة، لكنه سوف يجتمع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي استخدمت منظمته «حركة فتح» تفجيرات انتحارية ضد اسرائيل. وبعد اسرائيل والضفة الغربية سيتوجه الرئيس نحو كل من الكويت، البحرين، الامارات العربية المتحدة، السعودية ومصر. جدير بالذكر ان الرئيس بشار الاسد كان قد عبر عن شكه خلال لقاء مع صحيفة «داي بريس» النمساوية بنتائج جولة بوش لأنها تأتي في السنة الاخيرة من رئاسته: فبعد ان ابدى الاسد، الذي لا تزال بلاده في حالة حرب مع اسرائيل منذ عام 1967، تفاؤلا متحفظا اضاف: ربما فات الاوان لكي تتحدث الادارة الامريكية عن السلام في سنتها الاخيرة لأنها ستكون الآن منشغلة بالانتخابات: وكانت سورية قد حضرت مؤتمر آنا بوليس على الرغم من ان ادارة بوش تعتبرها دولة معادية تدعم الارهاب. في غضون ذلك، سارعت اسرائيل لانشاء قوة خاصة استعدادا لزيارة بوش، وهناك الآن ما لا يقل عن 8000 ضابط في الشرطة يجرون الاستعدادات الامنية للزيارة. وسوف يتم اغلاق الطريق الرئيسي الممتد من مطار بن غوريون الى القدس عند وصوله، ويتم تحويل حركة السير الى مناطق اخرى. معروف ان بوش، الذي ذهب الى اسرائيل عام 1998 كحاكم لتكساس، تجنب زيارة اسرائيل - اوثق حليف لامريكا - حتى الآن لأنه لم يشأ الانجرار الى محاولة التفاوض على اتفاق سلام في الشرق الاوسط، بل وكان بوش قد عبر عن احتقاره لما اعتبره جهودا ضائعة كان قد بذلها سابقه الرئيس بيل كلينتون في المنطقة. غير ان بوش سيلقى قبولا في السعودية ودول الخليج العربية حول قلقه من هيمنة ايران المتزايدة في المنطقة، اذ يؤكد بوش ان ايران لا تزال تشكل تهديدا محتملا لسلام العالم على الرغم من تأكيد تقرير الاستخبارات الامريكية بأنها اوقفت برنامج اسلحتها النووية في عام 2003.