انتفاض الدب الروسي أحمد ذيبان كانت مغامرة طائشة ،تلك التي قامت بها القيادة الجورجية ،باشعال فتيل الحرب في اوسيتيا الجنوبية،ما ادي الي استفزاز الدب الروسي وانتفاضه ،والتدخل العسكري بشكل حاسم ،ووصول النار الي العاصمة الجورجية تبليسي، ذلك ان جورجيا من وجهة نظر موسكو اصبحت تحسب سياسيا وأمنيا علي الغرب بقيادة الولاياتالمتحدة ، وهي موعودة بالانضمام الي حلف شمال الاطلسي ،وفي ظل هذه توسع الاطلسي واصرار واشنطن علي نشر درعها الصاروخي في بعض دول اوروبية الشرقية سابقا ، جعل موسكو تشعر ان المغامرة الجورجية تعني الطرق علي ابواب موسكو ، وقد اتهمت موسكو بشكل علني واشنطن بدفع جورجيا الي هذه المغامرة!. أزمة اوسيتيا الجنوبية ،هي جزء من مخلفات الامبراطورية السوفييتية السابقة ،التي تفككت بصورة فوضوية ، علي اسس عرقية ،وانتجت العديد من البؤر الساخنة، بدعم امريكي غربي ومن بين ذلك انفصال العديد من جمهوريات القوقاز وبضمنها جورجيا نفسها ،التي كان الزعيم السوفييتي الشهير ستالين من مواليدها، وكذلك وزير الخارجية في اواخر عهد الاتحاد السوفييتي ادوارد شيفارنادزة،الذي كان اليد اليمني لغورباتشوف في تنفيذ البريسترويكا ،التي كانت المسمار الاخير في نعش الامبراطورية السوفييتية!. ربما يكون مفيدا احيانا التفكير وفقا ل"نظرية المؤامرة"،وبهذا الصدد لا يغيب عن الذهن ان منطقة القوقاز غنية بالنفط والغاز ،ومن الطبيعي ان يسيل لها لعاب واشنطن والغرب ،وثمة سيناريو امريكي افتراضي ،تمت مناقشته العام الماضي خلال ندوة بحثية تتعلق بالنفظ ،ويخلص السيناريو الي ان أزمة ما ،سترفع اسعار النفط الي 150 دولارا للبرميل،في شهر اغسطس 2009 ،وكان هذا السعر خياليا في حينه ،لكن جنون النفط كان أسرع من المتخيل، حيث لامس السعر حاجز ال150 دولارا قبل نحو شهر من الان!. حسب السيناريو تبدأ الأزمة،بتاريخ 4 مايو 2009،مع خسارة السوق العالمية مليون برميل نفط يوميا ،بعد اعتداء في اذربيجان علي انبوب ينقل نفط قزوين الي الاسواق العالمية، ويمتد من باكو عاصمة ادربيجان الي تبليسي عاصمة جورجيا، وينتهي بميناء جيهان التركي ،وهذا الاعتداء المفترض يثير التوترات في المنطقة ،ويؤدي الي ارتفاع اسعار النفط الي 115 دولارا ،ثم تتفاعل الازمة ويصل سرع النفط الي 150 دولارا،فيما يتم رصد مصنع لتخصيب اليورانيوم في ايران ،ومن اجل معاقبة الغرب، لأنه قرر فرض عقوبات علي طهران ،تقوم ايران وفنزويلا بخفض صادرات النفط بمعدل 700 الف برميل يوميا،الامر الذي يضع واشنطن امام أزمة مغلقة !.واستمرارا للسيناريو الخيالي فان تسارع التخبط في سوق النفط ،يبدو انه عجل ايضا بتفجير ازمة القوقاز المفترضة ،بالحرب الراهنة في اوسيتيا الجنوبية ،التي فجرتها مغامرة جورجيا ،اما ازمة الملف النووي الايراني فهي في تصاعد بالفعل! . لعل اهم تداعيات حرب القوقاز المرشحة للتوسع،هي ان حرب جورجيا علي اوسيتيا الجنوبية وفرت لروسيا فرصة لاستعادة هيبتها العسكرية والسياسية ،وتحدي السياسية الامريكية الداعمة لجورجيا، بعد ان تراجع دور موسكو الي مستويات متدنية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وخاصة في عهد يلتسين،قبل ان يبدأ بوتين بإعادة ترميم هيبة الدب الروسي،وهذه رسالة جدية لواشنطن، ان اوسييا وجورجيا ليست افغانستان او العراق بالنسبة لموسكو!. عن صحيفة الراية القطرية 12/8/2008