لندن : في الوقت الذي قطعت فيه الدول الأفريقية أشواطاً مهمة في مجال التنمية خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بفضل الاستثمارات الأجنبية وزيادة المساعدات الدولية وإلغاء ديون الكثير من دول القارة، أكد زعماء أفارقة أن أزمة المال العالمية التي اجتاحت كافة بقاع المعمورة والتي بقيت أفريقيا في البداية بعيدة عنها بفعل ضعف مشاركتها في النظام المالي العالمي، قد سلبت الأفارقة وظائفهم وبيوتهم وتتوعدهم الآن بصراعات تهدد أرواحهم. وفي اجتماع أقيم في لندن إعداداً لقمة "مجموعة ال20" التي ستعقد في العاصمة البريطانية الشهر المقبل، حذر زعماء أفارقة من أن أجزاء من القارة السمراء قد تعود إلى الاقتتال أن لم تتلق المساعدة اللازمة لتجنب عواقب الأزمة الاقتصادية العالمية، موضحين أن معالم الأزمة بدأت تتضح في أفريقيا ، التي تضم السكان الأكثر فقرا على وجه الكوكب، مؤكدين إن تأثير الأزمة عليها أكبر مما كان متوقعاً سابقاً. ووفقاً لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" على شبكة الإنترنت استمع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون إلى أخبار مأسوية عن الأوضاع في القارة السمراء، من بينها فقدان نحو 500 ألف شخص وظائفهم في مناجم النحاس في زامبيا، ومزارعين عاطلين من العمل في تنزانيا حيث انخفضت أسعار القطن إلى النصف، إضافة إلى تدني دخول السياحة وحوالات العاملين بالخارج. واعتبر مدير بنك "التنمية الأفريقي" دونالد كابيروكا، الذي شارك في الاجتماع، الموقف "خطيراً"، أما رئيس وزراء أثيوبيا ميليس زيناوي، فدعا الدول الثرية إلى الاستثمار في أفريقيا بما فيه مصلحة الجانبين، مضيفا "ان الثمار التي يعطيها دولار واحد إذا استثمر في أفريقيا أكبر بكثير من تلك التي ينتجها في الولاياتالمتحدة أو بريطانيا". و بحسب زيناوي، ثمة دول خرجت حديثاً من صراع مسلح أو ما شابهه تجد ذاتها على حافة العودة إلى العنف بسبب هذه الأزمة، ما يعني "انتشاراً للعنف والفوضى". ومن جانبها قالت رئيسة ليبيريا إيلين جونسن سيرليف أن استقرار بلادها أيضاً مهدد، وان الأجدر بالدول الغنية الاستثمار في البلدان الفقيرة الآن، ما سيكلفها اقل من تمويل عمليات حفظ السلام في ما بعد، مضيفة "من الضروري الحفاظ على المكاسب التي حققتها الشعوب الأفريقية بتضحياتها على مر السنين". ويريد جوردون براون أن يعبر قادة الدول الغنية عن التزامهم بمساعدة أفريقيا خلال القمة المزمع عقدها، لكن الكثير منهم منشغلون بمشاكل بلدانهم، ونفذت دول قليلة وعوداً قطعتها خلال قمة جلينيجلس في اسكتلندا عام 2005، بل أن بعضها يفكر في خفض ما يخصصه للمساعدات الدولية، ولم يُتفق على ما تحتاجه أفريقيا من مساعدات مالية، لكن كابيروكا قال إن تأثير الأزمة عليها أكبر مما كان متوقعاً سابقاً. وعلى صعيد متصل دعا صندوق النقد الدولي القادة وأصحاب القرار في أفريقيا إلى إيجاد سبل لتجنب وقوع كارثة جديدة، ومن جانبه قال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس لدى عرضه دراسة في واشنطن "بعد أن ضربت الدول الصناعية ثم الأسواق الناشئة، تضرب موجة ثالثة من الأزمة المالية العالمية الآن الدول الأكثر فقرا والأكثر هشاشة، وهي تضرب بقسوة. وجدير بالذكر أن القارة السمراء قد سجلت قبل الأزمة معدلات نمو اعتبرت من الأكثر ارتفاعا في العالم، وفي توقعاته لعام 2009 خفض صندوق النقد الدولي بعد المراجعة توقعاته للقارة. وللتخفيف من وقع الصدمة اعتبر المدير العام لصندوق النقد الدولي أن أفريقيا بحاجة لتمويلات إضافية بمستوى 11 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، لكن احتياجات الدول النامية كافة تفوق هذا المبلغ بحسب البنك العالمي. وفي وثيقة نشرت الأحد اعتبر البنك أن عجز تمويلات هذه الدول ستتراوح بين 270 و700 مليار دولار للعام 2009 وحده، ويؤكد البنك الدولي بقلق أن ربع الدول النامية فقط تملك القدرة على تمويل تدابير تهدف إلى الحد من وطأة الأزمة.