بمحض المصادفة، أنهى الجيش الإسرائيلى حياة مهندس «طوفان الأقصى»، يحيى السنوار، لكنّ مقطع الفيديو الذى وثّق العملية يحمل دلالة لا يمكن تجاهلها عن استغلال التكنولوجيا فى الحروب، ويفتح جدلًا ونقاشًا واسعين حول مسألة مفهوم الشجاعة. لقد تم إنهاء حياة زعيم «حماس»، بواسطة طائرة مسيّرة حددت مكانه بدقة، قبل استهداف المبنى الذى كان يتواجد فيه بقذائف الدبابات، ليطبق «عقل الطوفان» فمه فى خضم الصراع الدائر بين إسرائيل و«حماس» منذ عام ويزيد. الحقيقة أن استخدام الطائرات المسيّرة فى العمليات العسكرية أحدث ثورة فى طبيعة الحروب، حيث أصبحت التكنولوجيا تلعب دورًا كبيرًا فى تحديد المصائر. هذا الابتكار العسكرى، الذى يهدف إلى حماية حياة الطيارين، أصبح يتخطى الحدود التقليدية للقتال، ويطرح تساؤلات عِدة حول مفهوم الشجاعة فى زمن بات القتل فيه ب«ضغطة زر». ما يحدث فى هذه الحرب وتجسّد بوضوح فى مشهد السنوار والمسيّرة، يجعلنى أتأمل فى كلمات مخترع المسدس صموئيل كولت: «اعتبارًا من اليوم يستوى الشجاع والجبان»، فهل الشجاعة لا تزال تعنى الشىء ذاته عندما تكون هناك مسافة مثالية بين القاتل والقتيل؟ وهل يمكن اعتبار من يقف خلف شاشة يتحكم فى طائرة مسيرة على بعد - ربما - آلاف الكيلومترات، شجاعًا؟! يُظهر اغتيال السنوار أن القتال فى الحروب لم يعد يتطلب مواجهة مباشرة، بل أصبح يعتمد على التكنولوجيا، ما يثير تساءلات حول الأخلاق فى الحرب. إن منْ يتحكّم بالمسيّرات هم أشخاص يتمتعون بمهارات تقنية، يجلسون فى غرف عمليات مكيفة، بعيدًا عن خط النار، بينما الأرواح التى تُفقد نتيجة لهذه العمليات قد تتمتع بشجاعة المحاربة، فكيف يمكن مقارنة الشجاعة التى تقتضى مواجهة العدو مباشرة بتلك التى تتم عبر شاشات الحواسيب!