■ كتب: محمد ياسين لم تكن معركة 21 أكتوبر 1967 البحرية مجرد معركة ضارية دارت أحداثها بين قوتين بحريتين عدوتين، بل تجاوزت ذلك لتصبح علامة فارقة وتحولا جوهريا فى الفكر العسكرى البحرى والتى غيرت المفاهيم القتالية البحرية، للمرة الأولى فى التاريخ البحرى العسكري تتصدى وحدة بحرية صغيرة ممثلة فى لانش صواريخ لمدمرة معادية وهى وحدة بحرية ضخمة تتمتع بقوة نيران هائلة ومتنوعة، لكنها لم تصمد فى مواجهته، وأثبتت تلك المعركة أن قوة النيران والقدرة القتالية لم تعد تتناسب طرديا مع حجم القطعة البحرية، وباتت هذه المعركة منذ ذلك اليوم درسا تاريخيا تدرسه الأكاديميات البحرية العسكرية، ونقطة تحول لدى القوى البحرية فى العالم فى بناء أساطيلها وقدراتها القتالية البحرية، والذى أصبح عيدا للقوات البحرية المصرية. ◄ الدول الكبرى تهتم بدعوة مصر للندوات والمؤتمرات الدولية ◄ استكمال مراحل تطوير وتعزيز القدرات القتالية جاءت هذه المعركة أيضا فى توقيت دقيق بالنسبة لمصر، إذ لم يكن قد مضى على أحداث يونيو 1967 أكثر من خمسة شهور، كانت مصر تضمد جراحها وتستعد للانتقام وتحرير أرض سيناء المغتصبة واستردادها وتطهيرها من العدو الإسرائيلى. وخلال وقائع المؤتمر الصحفي، الذى عقده الفريق أشرف عطوة، قائد القوات البحرية، أكد أنه منذ إنشاء البحرية المصرية فى العصر الحديث فى عهد محمد على باشا 1809، والبحرية المصرية تسطر سجلا وافرا من كل معانى التضحيات والبطولات، وخير دليل على ذلك ما تحقق يوم 21 أكتوبر 1967 الذى يعتبر يوم العزة والكرامة واستعادة الثقة للقوات البحرية بأول عمل عسكرى مصرى بعد 1967، فهو معجزة عسكرية بكافة المقاييس فى ذلك الوقت، إذ تم فيه تنفيذ هجمة بلنشين صواريخ من قوة قاعدة بورسعيد البحرية باستخدام الصواريخ البحرية (سطح/ سطح) ضد أكبر الوحدات البحرية الإسرائيلية فى هذا الوقت وهى المدمرة إيلات التى اخترقت المياه الإقليمية المصرية كنوع من إظهار فرضة السيطرة الإسرائيلية على مسرح العمليات البحرى والتى نجحت البحرية المصرية فى إغراقها، وكان هذا الحدث علامة بارزة فى تاريخ بحريات العالم، وهو أن تنجح قطعة بحرية صغيرة الحجم فى تدمير وحدة بحرية كبيرة الحجم مثل المدمرات، مما أدى إلى تغيير فى الفكر الاستراتيجى العالمى، وبناء على هذا الحدث التاريخ فقد تم اختيار يوم 21 أكتوبر ليكون عيد القوات البحرية المصرية. أضاف الفريق أشرف عطوة، أنه نظرا لثقل مصر السياسى والعسكرى وتصدرها المشهد السياسى بالمنطقة الناتج عن التوجهات السياسية المعتدلة للقيادة المصرية الحالية وقدرتها على الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع كافة الأطراف الدولية، مما ترتب عليه اهتمام الدول الكبرى بدعوة مصر للمشاركة فى كل الندوات والمؤتمرات والمحافل الدولية البحرية الكبرى التى تعنى بصناع القرار وقادة القوات البحرية للدول العظمى، رؤساء المنظمات البحرية الدولية رؤساء ومديرى الاتحادات والشركات الدولية العاملة فى مجال النقل البحرى والدول الفاعلة بالساحة الدولية بصفتها إحدى القوى المؤثرة فى المنطقة، كما تعتبر تلك المؤتمرات والمنتديات الدولية والإقليمية فرصة لتبادل وجهات النظر بين القادة حول المشكلات والتحديات التى تواجه الدول فى المجال البحرى وسبل حلها وترسيخ أطر التعاون كما تعتبر أيضا فرصة للاطلاع على ما تقوم به باقى بحريات العالم من أساليب لمجابهة التحديات والتهديدات التى تواجهها وأحدث ما توصلت إليه تلك الدول من تقنيات حديثة فى مجال التسليح والتدريب. حيث تعد المحافل الدولية الكبرى فرصة متميزة لعرض وجهة النظر المصرية على صنّاع القرار على الساحة الدولية بشأن الموضوعات ذات الاهتمام المشترك إقليميا ودوليا، مما يفسح المجال للقرار المصرى بأن يمثل ضمن أى ترتيبات تجرى بشأن حل القضايا الإقليمية والدولية. وشدد الفريق عطوة، على أن القيادة العامة للقوات المسلحة تحرص على تحقيق طفرة علمية وتكنولوجية غير مسبوقة فى مجال البحث العلمى والعلوم البحرية لتظل القوات البحرية دائما على تنفيذ المهام الموكلة إليها بكفاءة واقتدار، حيث وقعت القوات البحرية بروتوكول تعاون مع جامعة الإسكندرية، يحصل فيه طالب الكلية البحرية على بكالوريوس العلوم السياسية من قبل جامعة الإسكندرية، ويهدف البرتوكول إلى رفع كفاءة الطلاب علميا وعمليا من خلال التعاون العلمى والبحثى فيما بينهما مما يسهم فى تبادل الخبرات والامكانيات العلمية بمختلف التخصصات لتحقيق أقصى استفادة بمنظومة العملية التعليمية. ◄ اقرأ أيضًا | قائد القوات البحرية يكشف عن ثوابت ضرورية يجب معرفتها أثناء الحروب ◄ الحرب الروسية الأوكرانية أضاف، أنه منذ اليوم الأول للحرب الروسية الأوكرانية، دعت مصر إلى تغليب الحلول الدبلوماسية والتسوية السياسية للأزمة، محذرة من تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية وأثرها على الصعيد العالمي، وتشير كل الخطوات التى انتهجتها مصر تجاه الأزمة إلى أن الدبلوماسية المصرية لا تقف أمام أى من طرفى الصراع فهى على الحياد، والدليل على ذلك نفى هيئة قناة السويس إمكانية أن تغلق مصر القناة أمم أى سفن موضحة وأن القوانين الملاحية البحرية لا تخضع للتقلبات السياسية والحروب. تابع: وتقوم القوات البحرية المصرية بمهامها على أكمل وجه وتتمثل تلك المهام فى حفظ مقدرات الوطن وحماية مياهه الإقليمية والاقتصادية على مدار ال24ساعة، مثل تأمين حقل ظهر، وتأمين قناة السويس، ويواجه العالم حاليا تداعيات هذا الصراع، التى تسببت فى مشكلة اقتصادية على مستوى العالم أجمع، فالعالم يعانى من مشكلة نقص السلع الاستراتيجية والمنتجات البترولية، وطبقا لتوجيهات القيادة السياسية فقد تم تفعيل حزمة من الإجراءات لترشيد الاستهلاك ودعم الصناعات والمنتجات المحلية لتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية كرد فعل ايجابى تجاه تلك الأزمة. ◄ تقديم المساعدات وأشار قائد القوات البحرية، إلى أن مصر فى ظل القيادة السياسية الحكيمة لا تألوا جهدا فى تقديم يد المساعدة لإخواننا وأشقائنا فى دول العالم أجمع، حيث كانت الدولة المصرية فى طليعة الدول على مستوى العالم فى تقديم العون لأشقائنا فى هذه الدول، ففى أعقاب الزلزال المدمر الذى ضرب سوريا وتركيا وجهت القيادة السياسية متمثلة فى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة بسرعة إرسال مئات من أطنان المساعدات الإغاثية من مستلزمات طبية ومواد غذائية بحرا لكلتا الدولتين، فمصر ملتزمة بدورها الإقليمى وبما تقتضيه من مسئوليات وواجبات تجاه مساعدة دول المنطقة تحت مظلة القانون الدولى والإنسانى، أما عن دولة السودان الشقيقة فقد قامت القوات البحرية المصرية بإرسال وحدات بحرية محملة بمساعدات إنسانية تحتوى على مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية إلى المناطق الأكثر احتياجا بدولة السودان الشقيق بعد الأحداث السياسية الراهنة، وكانت مصر فى طليعة الدول التى قامت أيضا بإجلاء مواطنيها ورعايا الدول الصديقة والشقيقة من مناطق الصراع المسلح فقد تم إجلاء العديد منهم بحرا على متن الوحدات البحرية المصرية من ميناء بورتسودان بالتنسيق مع الجهات الحكومية بدولة السودان كما قامت القوات البحرية مؤخرا وبتوجيه من رئيس الجمهورية والقيادة العامة للقوات المسلحة بإرسال حاملة المروحيات طراز ميسترال إلى دولة ليبيا محملة بمئات الأطنان من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية وعربات الإسعاف والمعدات الفنية لإزالة آثار الكوارث الطبيعية الناتجة عن العاصفة (دانيال) التى ضربت سواحل مدينة درنة وأدت إلى خسائر هائلة فى الأرواح والبنية التحتية واستغلال لقدرات حاملات المروحيات طراز ميسترال فقد تم فتح مستشفى ميدانى داخل الحاملة لاستقبال الحالات الطبية والمرضى من أشقائنا فى دولة ليبيا. ◄ وحدات جديدة وأشار الفريق أشرف عطوة، إلى أنه فى إطار استكمال مراحل خطة التطوير لتعزيز القدرات القتالية للقوات البحرية لتنفيذ كافة مهامها للحفاظ على الثروات القومية البحرية وتأمين الحدود البحرية المياه الإقليمية والاقتصادية وبتوجيهات من القيادة السياسية تم الاتفاق مع الجانب الألمانى متمثلاً فى شركة (TKMS) للحصول على أربع فرقاطات من طراز (MEKO -A200) بحيث يتم تصنيع ثلاث فرقاطات فى ألمانيا والأخيرة جارى تصنيعها بشركة ترسانة الإسكندرية وفى ظل سياسة التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا التى تنتهجها القوات البحرية عند التعاقد على وحدات بحرية جديدة وهو ما نجحت فى تحقيقه سابقا عندما تم التعاقد على الفرقاطات طراز جوويند من الجانب الفرنسى حيث تم تصنيع آخر فرقاطتين بشركة ترسانة الإسكندرية بواسطة الكوادر المصرية المؤهلة، وبالفعل تم استلام ثلاث فرقاطات، وهى العزيز والقهار والقدير، مما سيزيد من قدرات القوات البحرية المصرية فى تنفيذ مهامها بمسرحى العمليات بالبحرين المتوسط والأحمر، ونحن نسعى دائما لتطوير منظومة التسليح لمواكبة التطورات العسكرية العالمية الحالية. ◄ الهجرة غير الشرعية ولفت الفريق عطوة، إلى أن القوات البحرية قامت بالتعاون الكامل مع كافة الجهات المعنية بالدولة وقوات حرس الحدود والمخابرات الحربية والشرطة المدنية بتوجيه ضربات حاسمة للقائمين على أعمال الهجرة غير الشرعية، ونجحت المجهودات فى إلقاء القبض على العديد من العائمات، وإحباط محاولة تهريب العديد من الأفراد إلى أوروبا. وقال إنه نتيجة لتكثيف أعمال المرور وتنفيذ حق الزيارة والتفتيش للسفن المشتبه بها فى إطار القانون الدولى البحرى تم القبض على العديد من العائمات التى تقوم بأعمال تهريب (مخدرات/ سلاح/ بضائع غير خالصة الجمارك)، حيث برزت جهود الدولة المصرية إقليميا فى مجابهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية من خلال منع وايقاف جميع المحاولات غير القانونية لتنفيذ عمليات الهجرة غير الشرعية من السواحل والمياه الإقليمية المصرية وهو ما ينعكس بصورة ايجابية فى تعزيز التعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبى ودول جنوب قارة أوروبا التى تعانى آثار تلك الظاهرة ارتباطا بحالة عدم الاستقرار الأمنى والسياسى ببعض الدول الإقليمية.