بات القطاع المصرفي يحتل موقعاً مهماً وأساسياً في الاقتصاد العربي، انطلاقا من دوره الأساسي في تمويل الإنتاج والتجارة والاستثمار، حيث استطاع خلال العقدين الأخيرين تنمية قدراته المالية وموارده البشرية وإمكانياته التكنولوجية ، مما يؤهله ليكون فاعلاً مؤثرا في قطاع الصيرفة عالميا. وفي هذا الصدد كشفت تقارير إحصائية حديثة عن نمواً ملحوظاً للقطاع المصرفي العربي خلال السنوات الأخيرة مترافقاً مع معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي، حيث ضم القطاع 470 مؤسسة تتوزع بين 267 مصرفا تجاريا، و45 مصرفا إسلاميا، و52 مصرفا استثماريا وطنيا، و49 مصرفا متخصصا، و57 مصرفا أجنبيا وفقا لبيانات اتحاد المصارف العربية لعام 2007. ويعمل في هذا القطاع بحسب بيانات اتحاد المصارف العربية أكثر من 370 ألف موظف، يعملون في شبكة واسعة من الفروع منتشرة في أنحاء الوطن العربي والدولي وصلت إلى أثر من 15 ألف فرع. وتدير هذه المصارف مجتمعة أكثر من 1.690 تريليون دولار من الأصول، وتعمل بقاعدة رأسمالية ناهزت نحو 161 مليار دولار، وتخصص 83% من ودائعها المجمعة لتمويل المشاريع والمؤسسات الاقتصادية في المنطقة. ونقلت صحيفة "الرأي" الأردنية عن عدنان أحمد يوسف رئيس اتحاد المصارف العربية إن القطاع المصرفي العربي يعتبر بالفعل شريكاً أساسياً في تفعيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإرساء الاقتصاد على الصعيدين الوطني والقومي على أسس ثابتة تؤمّن النمو المستدام وتيسّر الاعتماد المتبادل بين الاقتصاديات العربية في إطار من التكامل الجدي. وأوضح يوسف أن القطاع المصرفي العربي شهد نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة مترافقاً مع معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي، حيث بلغ النمو المصرفي العربي نحو 30% في العام 2007 وباتت أصوله الإجمالية تمثل نحو 125% من الناتج المحلي الإجمالي للدول مجتمعة، مما يعكس درجة العمق المالي الكبير لاقتصاد المنطقة العربية. وأشار يوسف إلى أنه حسب الأرقام المتوفرة عن الميزانيات المجمعة للمصارف العربية للعام 2007، حقق القطاع المصرفي العربي نمواً ملحوظاً قارب 30% في إجمالي أصوله بالمقارنة مع نمو نسبته 20% للعام 2006، وبذلك تجاوزت قيمة أصوله الإجمالية إلى أكثر من تريليون ونصف دولار (1.690 تريليون) في نهاية العام 2007، مقابل 1.3 تريليون دولار في نهاية عام 2006 ونحو ما يقارب تريليون دولار عام 2005 وحوالي 883 مليار دولار في نهاية عام 2004. وبين يوسف أن محفظة القروض والتسليفات سجلت نسبة نمو قاربت 29% عام 2007 مقابل 20% عام 2006 ونمت قاعدة الودائع بنسبة 25% مقابل 21% عام 2006 لتصل إلى نحو مليار دولار في نهاية عام 2007، أما بالنسبة لقاعدة حقوق المساهمين، فقد حققت نمواً قارب 24% مقابل 31% عام 2006 لتتجاوز 160 مليار دولار في نهاية العام 2007. وتابع أن الأسواق المصرفية العربية منفردة شهدت زيادات ملحوظة في نشاطها وفي حجم أعمالها تجاوزت 40% بالنسبة لمصارف الإمارات والمغرب وسلطنة عُمان ونحو 25% للسعودية وكذلك مصر وسجلت البحرين نحو 31.2% والجزائر 28%، مما يشير إلى تعاظم حجم أعمال هذه المصارف في العام 2007. وشكلت أصول مصارف دول مجلس التعاون الخليجي نحو 65.4% من إجمالي أصول المصارف العربية، وجاءت دولة الإمارات بالمرتبة الأولى بإجمالي أصول بلغت نحو 335.8 مليار دولار عام 2007، ومن ثم السعودية والبحرين للترتيب الثاني والثالث على التوالي. وأوضح أن قطاع الصيرفة الإسلامية هو الأكثر شهرة في العالم العربي الآن، مبينا أن المصارف الإسلامية يتركز نحو 40% منها في الدول العربية وتحديداً في دول الخليج العربي، وأنها توسعت قاعدة أصولها لتصل اليوم إلى أكثر من 520 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل حجم أصول وودائع هذه المصارف إلى تريليون دولار في عام 2012، وهي تنمو بمعدل سنوي يتراوح ما بين 15-20%، خلاف النوافذ الإسلامية في البنوك التقليدية وصناديق الاستثمار الإسلامي التي بلغ عددها في شهر مارس من عام 2008 نحو 500 صندوق ومن المتوقع أن يصل عددها إلى 1000 صندوق بحلول عام 2010. وكما ذكرت صحيفة "القبس" الكويتية تشكل حصة دول مجلس التعاون الخليجي منها نحو 90.8% من إجمالي الأصول لمجموع المصارف الإسلامية في الدول العربية عام 2007، وأن السعودية تشكل حصة نسبتها 49.5% من إجمالي حصة دول المجلس، والإمارات نحو 20% ثم الكويت نحو 4ر17% من هذه الأصول مقارنة ب52% و14% و13% للسعودية والإمارات والكويت للعام 2006 على التوالي. فيما تبلغ قاعدة حقوق المساهمين للمصارف الإسلامية العربية بحسب قوله 32.7 مليار دولار في نهاية عام 2007 محققة معدل نمو ناهز 20.9% عن عام 2006 ونحو 80% عن عام 2005، ما يشير إلى مواصلتها تعزيز قواعدها الرأسمالية لمواجهة نشاطها وحجم أعمالها المتزايد، وتشكل حصة مصارف دول مجلس التعاون من المجموع نحو 93.8% لتصل إلى 30.7 مليار دولار في نهاية العام 2007 مقارنة ب18 مليار دولار عام 2006 لقاعدة حقوق مساهميها، وأن السعودية تشكل نحو 50% من حصة دول مجلس التعاون لجهة حقوق المساهمين. وعلى صعيدا متصل وتأكيدا للمكانة التي وصلت إليها المصارف العربية أكد يوسف في وقت سابق ان عدد المصارف العربية التي دخلت في نهاية عام 2007 ضمن قائمة أكبر 1000 مصرف في العالم ارتفع إلى 80 مصرفا. ومن جانبه توقع رئيس الاتحاد السابق جوزيف طربيه ان يصل حجم أصول وودائع المصارف الإسلامية إلى تريليون دولار عام 2012، وقال أن هذه المصارف تنمو بمعدل سنوي يراوح ما بين 15 و20 %، مؤكدا "أن قطاع الصيرفة الإسلامية اليوم هو الأكثر شهرة في ميادين الاستثمار المتعددة في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، ذلك لأنه يعتبر الأكثر التصاقا بحياة الناس في تلك الدول وهو يشمل الودائع وصيغ التمويل المتعددة وخصم الأوراق التجارية والاعتمادات المستندية وخطابات الضمان، والتي تم تكييفها لتتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية".