صدر مؤخرا عن دار هاربر نيويورك كتاب "عهد ريعان" للمؤرخ الأمريكي سين ويلتز، ويقع في 564 صفحة من القطع المتوسط. يعتبر الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان بمثابة ملهم الثورة الأميركية المحافظة الجديدة التي كان الرئيس السابق جورج دبليو بوش يقول بالانتماء إليها. ويبدأ المؤرخ اللبيرالي تحليلاته لعهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان - بحسب قراءة منشورة بصحيفة "البيان" الإماراتية - على اعتبار أن الملامح الأولى لذلك العهد قد بدأت عمليا في ظل رئاسة جيمي كارتر ولم ينته تماما إلاّ مع نهاية رئاسة جورج دبليو بوش. ومن المحطات التي يرى مؤلف هذا الكتاب أنه كان لها أثرها في صياغة المبادئ السياسية لنهجه اللاحق انحيازه إلى القرارات التي كان سعى إليها السناتور الأميركي جوزيف مكارثي الخاصة بملاحقة أولئك الذين كانوا يمارسون نشاطات معادية لأميركا وعلى رأسهم الشيوعيون. كانت مهمة ريغان، الممثل السينمائي آنذاك، هي الكشف عن النفوذ الشيوعي في هوليود. وهذا ما يرى فيه المؤلف مناخا مناهضا للاتحاد السوفييتي كان سائدا في أميركا خلال سنوات الخمسينات من القرن الماضي واستمرّ مع ريغان عندما أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأميركية. ولم تتغير مواقفه الحاقدة على الشيوعية منذ تلك الفترة. وقد كان هو أوّل رئيس استخدم تعبير "إمبراطورية الشر" وقصد بذلك الاتحاد السوفييتي السابق. وفي عام 1980 حظي رونالد ريغان بترشيح الحزب الجمهوري له لخوض الانتخابات الرئاسية التي جرت في خريف ذلك العام وفاز فيها كي يبقى في البيت الأبيض مدّة فترتين رئاسيتين، والذي كان أكبر رؤساء الولاياتالمتحدة سنا في تاريخها حيث كان يبلغ السبعين من العمر عند فوزه في تلك الانتخابات. وعندما كان عمره 84 سنة أعاد الأميركيون انتخابه لفترة رئاسية ثانية. ويعيد المؤلف إلى الذهن محاولة الاغتيال التي تعرّض لها رونالد ريغان بعد 69 يوما من توليه مهام منصبه الرئاسي رسميا. ويُنقل عنه قوله عندما دخل إلى قاعة العمليات من أجل استخراج الرصاصة قال للجرّاحين: "أتمنى أن تكونوا جميعكم من الجمهوريين"، فأجابه رئيسهم وكان ديمقراطيا ليبراليا "سيادة الرئيس كلّنا ديمقراطيون اليوم". إن العديد من المؤرخين والمحللين يرون في الرئيس ريغان المنتصر الحقيقي في الحرب الباردة بين الغرب والشرق والتي حكمت إلى درجة كبيرة العلاقات الدولية طيلة عقود طويلة. ويقدم المؤلف يقدّم ريغان كمزيج من "المبادئ الثابتة الجامدة ومن الحس العملي البراغماتي وخاصّة من الأساطير". ويسمّي هذا المكّوّن الخاص بالأساطير في موقع آخر ب "المثالية الطوباوية" لريغان. لكن ذلك لم يمنعه من القول ان ريغان هو "اكبر إصلاحي محافظ غيّر الأسس التي تقوم عليها السياسة والحكم في الولاياتالمتحدة الأميركية". ويصل المؤلف إلى نتيجة مفادها أن عهد الرئيس ريغان عرف زيادة ثراء الأثرياء وزيادة فقر الفقراء. وزاد العجز في الميزانية إلى مستوى لم يكن قد عرفه من قبل. أمّا النهوض الاقتصادي الذي عرفته أميركا في عهده فتتم إعادته أساسا إلى الانخفاض الكبير في أسعار مواد الطاقة منذ عام 1985. ومن الأفكار السلبية التي يتم التركيز عليها في عهد ريغان هناك عملية "تسييس" عملية تعيين القضاة على المستوى الفيدرالي وتفريغ القوانين الخاصّة بحماية البيئة من محتواها ونفس الأمر بالنسبة للحقوق المدنية. ويكتب ويلتز أن عقيدة ريغان ساهمت في ارتكاب حمامات من الدم في أميركا الوسطى حيث قُتل حوالي 200000 شخص في السلفادور ونيكاراغوا وغواتيمالا في معارك ضد اليسار أو عبر دعم أنظمة يمينية دون أن يكون لذلك أي تأثير على مآل الحرب الباردة.