حذر خبراء استراتيجيون وسياسيون من خطورة التحركات التي تقوم بها إيران في أفريقيا وبصفة خاصة في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي , على الأمن القومي المصري , مؤكدين أن طهران تسعى بهذه التحركات إلى تهديد الأمن القومي لمصر , وتهميش الدور والنفوذ المصري في القارة . جاء ذلك في الندوة التي نظمها المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية بعنوان " التحركات الإيرانية في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي وانعكاساتها على الأمن الإقليمي والاستقرار في المنطقة . والتي شارك فيها عدد كبير من الخبراء المتخصصين في الشأن الإيراني والأفريقي . اللواء أحمد فخر الدين رئيس مجلس أمناء المركز الدولي أكد في بداية الندوة أن التحركات الإيرانية في القارة الأفريقية تفرض تحديات على مصر وعلى دول المنطقة حيث أن أفريقيا هي عمق استراتيجي لمصر يمتلئ بالمصالح الوطنية المصرية التي عليها أن تواجه تحديات هذه التحركات . حيث أنها لا تستهدف فقط زيادة نفوذها في القارة ولكن التأثير على المصالح المصرية في القارة خاصة ما يحدث في شرقها والقرن الأفريقي باعتبارها دولة متواجدة على البحر الأحمر ودولة ذات مصالح مائية مع دول منابع النيل , بالاضافة إلى ما يتم إثارته من اضطرابات وقلاقل تهدد استقرار دول ذات علاقة أمنية مشتركة مثل الصومال واليمن وغيرها .مما يمثل تحدياً مباشراً للمصالح المصرية والعربية والأمن الإقليمي عامة . وأكد الدكتور عادل سليمان المدير التنفيذي للمركز الدولي أن القارة الأفريقية خاصة دول شرق أفريقيا والقرن الأفريقي والدول المتواجدة على امتداد البحر الأحمر مركزاً هاماً للسياسة الخارجية الطموحة للقوى الإقليمية في المنطقة وفي مقدمتها إيران , لما لهذه المنطقة من أهمية جيوستراتيجية تنعكس على مجمل قضايا الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط فهي تسيطر على خطوط الملاحة البحرية الحيوية على مشارف البحر الأحمر وكذا خطوط برية تقود إلى ساحات الصراع الرئيسية في الشرق الأوسط . ولذا فإن التحركات الإيرانية تشكل تحدياً رئيسياً للأمن الإقليمي خاصة للمسارات الممثلة لعملية السلام والجهود الإقليمية والدولية لحل القضية الفلسطينية على أسس عادلة بالإضافة إلى ما يتم إثارته من اضطرابات وقلاقل تهدد استقرار الدول كما يجري في الصومال واليمن والسودان . مضيفاً : أن الأنشطة الاستخباراتية والعسكرية الإيرانية على حدود العالم العربي القلق الشديد , ولم تعد تلك الأنشطة خافية . وعلى صعيد آخر يتزايد التواجد الإيراني في المنطقة وتتمتع بتسهيلات هامة في ميناء " عصب" المطل على باب المندب , مع زيادة التعاون مع إريتريا , بالإضافة إلى التعاون العسكري بين طهران والخرطوم وإقامة علاقات مع بعض الأطراف المتحاربة في الصومال ثم أخيراً دعم الحوثيين في منطقة صعدة وشمال اليمن . وهي تحركات تمثل تحدياً مباشراً للمصالح المصرية والعربية والأمن الإقليمي عامة . وقال محمد عباس ناجي الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن العلاقات الوثيقة مع دول شرق أفريقيا تمثل إحدى الأدوات التي تستخدمها إيران لكسر العزلة الإقليمية التي تسعى الدول الغربية الكبرى إلى فرضها عليها على خلفية أزمة ملفها النووي , فضلاً عن أنها تخدم تطلعها إلى لعب دور مهم على الساحة الدولية , والحيلولة دون ترك الساحة للهيمنة الأمريكية التي من شأنها في رؤية إيران تضييق هامش المناورة وحرية الحركة المتاحة أمامها . وكشف ناجي أن التحركات الإيرانية جانب كبير منها خفي ولا يتم عبر أدوات الدولة الرسمية ولا يسمح بإشراك الدولة بشكل مباشر , رغم أنه يلعب دوراً في غاية الأهمية لخدمة أهداف السياسة الخارجية الإيرانية . وهذا الدور تقوم به مؤسسات ما يسمى " البنياد " وهي مؤسسات خيرية تعمل بمعزل عن سيطرة الحكومة وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة تناطح إمكانيات الدولة نفسها مثل مؤسسات " المستضعفين " و" الشهيد " و" الإمام الرضا " وغيرها , وهي تمارس أنشطة كبيرة تمتد من التجارة إلى التصنيع ونشر الدعوة الدينية السياسية وتقدم الخدمات الإجتماعية , وهي معفاة من الضرائب وتتبع المرشد الأعلى للجمهورية مباشرة . من جانبها حددت الدكتورة نائلة الرفاعي أهداف التحركات الإيرانية في : السعي إلى تدعيم مكانتها كقوة إقليمية رئيسية في الشرق الأوسط واستخدام شرق أفريقيا لهذا الغرض . وتهميش الدور المصري في أفريقيا . وتهديد الأمن القومي المصري وإضعاف مقومات التنمية والأمن الغذائي لمصر . وتعزيز دورها الإقليمي بترسيخ وجودها براً وبحراً في موانئ الدول المطلة على البحر الأحمر . كما حددت الدكتورة نائلة انعكاسات هذه التحركات على الأمن والاستقرار في : إثارة القلاقل والإرهاب داخلياً وفي دول المعسكر العربي المعتدل . وتهديد أمن العلاقات المصرية مع السودان , وتهديد استقرار علاقات مصر التاريخية مع دول حوض النيل . وتهديد الشرعية السياسية في بعض دول شرق أفريقيا وخلق أزمات داخلية طاحنة " الصومال " بسبب أن التدخل الإيراني لا يرتبط بدعم الحكومات بقدر ما يرتبط بجماعات معارضة .