شهدت وشهد معي الكثيرون كيف تحولت فعاليات إحياء ذكري مجزرة محمد محمود، من منتهي السلمية، إلى أقصي درجات الدموية، وشهدنا جميعا كيف تحول شباب الثورة فى أعين الناس أجمعين، من محررين وأبطال وموتاهم شهداء، إلى بلطجية ومخربين وقتلاهم يستحقون الموت ومن بقي منهم حيا يستحق الضرب بيد من حديد. السؤال: من المسئول عن قلب الحقائق وتشويه الانتصارات وتجريس المحاربين من أجل الحرية؟؟؟ الإجابة: لا أحد سوي الثوار أنفسهم. كنت هناك، أشهد وعشرات من الصحفيين والمراسلين العرب والأجانب، لحظات تدشين يوم الاحتفال بذكري الشهداء، الذي أعلن عنه نشطاء وثوار وأهالي شهداء، تحت شعار واحد: القصاص. وكنا وكانوا جميعا هناك، وهم يرون بأم أعينهم كيف تسلل مندسون معروفون بالإسم، "صموئيل" على سبيل المثال ........ وهو تلميذ كبير البلطجية "نخنوخ"، أحد بلطجية الحزب الوطني المنحل، واشتهر بقيادة فرق البلطجية، بهدف تحويل أية فعالية سلمية إلى فوضوية، ولكن ........ من فعل ماذا من أجل إيقافه وأعوانه، وبالتالي إنقاذ الفعالية الثورية من مخالب مشعلي الحرائق؟ ومن ثم الحفاظ على أحقية المطالبين بالثأر فى نيل حقوقهم بالقصاص؟ والأهم إنقاذ صورة وسمعة الكيانات الثورية، مثل اتحاد شباب الثورة وحركة 6 أبريل والأولتراس أمام الشعب والعالم أجمع؟؟؟ لا شيئ ... ولا أحد.... ولا حياة لمن تنادي. لقد سمح الثوار بتحويل أنفسهم إلى مطية، لجميع القوي السياسية ذوات الأجندات الخاصة، بحيث يستخدمهم من يكرهون الإخوان المسلمين أكثر من حبهم لمصر، كوسيلة رخيصة فى حربهم القذرة، فيما سمحوا للإعلام الإخواني والسلفي بالتشهير برموزهم الباقين، بعد أن استشهد منهم من استشهد، واغتيل من اغتيل، واعتقل من اعتقل، وأصيب من أصيب، حتى انخفض عدد المنتمين للكيانات الثورية المستقلة عن أي اتجاه سياسي، إلى ألفين أو أقل قليلا، حسبما أكد اللواء محمد العصار - عضو المجلس العسكري السابق وعضو مجلس الأمن القومي الحالي لبعض نشطاء الثورة فى لقاء "ودي" جمع بينهم قبل شهور. لقد تعرضت الكيانات الثورية، إلى جانب الحرب الضروس التى شنتها عليهم المخابرات العسكرية وأجهزة أمن الدولة "الأمن الوطني"، لما هو أخطر من كل هؤلاء، إلى الاستسلام لأضواء الإعلام والسماح بالاحتواء من جانب القيادات السياسية المتعفنة التى نبتت فى التربة المسمومة التى تكونت فى العهد الفاسد البائد، وبالتالي حققوا لأعدائهم أكبر أحلامهم، وأغلى أمانيهم، أن يتحول الثوار الأطهار من أية مطامع، إلى موالين للحزب هذا والتيار ذاك والجماعة تلك، ففقدوا ظلالهم وتحولوا إلى أشباح واهية تذوب بمجرد تسليط بصيص من الضوء عليها، ولا تصمد أمام جذوة من نار، مع أنهم هم أنفسهم الذين أشعلوا الثورة فى وجوه أبناء الظلام، وضحوا بحياتهم من أجل أن يدب نبض الأمل فى شرايين الوطن. سؤال للثوار: كيف سمحتم وقد اكتسبتم ما اكتسبتم من خبرات فى تأمين الميدان بأكلمه، بل أركان الوطن كله، أثناء خيانة الداخلية العظمي، لمشعلي الحرائق أن يندسوا بينكم وأنتم تشهدون، وأن يزجوا بكم فى صراع غير متكافئ مع القتلة والسفاحين، فى توقيت ليس هذا موعده ومعركة ليس هذا مكانها؟؟؟ والآن: بعد أن نفذت جميع الإجابات وماتت الأسئلة، لم يبق أمام من بقي من رجال الثورة المصرية إلا واحد من خيارين: إما الاتحاد فورا ... أو الموت فورا، رحمة بكم قبل أن تكون رحمة بالوطن، الذي بدوره بات وكأنه يصرخ بكل ما تبقي فيه من قوة: اللهم احمني من أحبائي... أما أعدائي فأنا كفيل بهم.