يشهد الملف الليبي تطورات متسارعة في الأيام الماضية على المستويين السياسي والعسكري، خصوصا بعد أن أعلنت مصر أن لديها حاليا الشرعية الدولية من أجل التدخل المباشر في ليبيا لحماية أمنها القومي وإيجاد فرصة للسلام وحل الأزمة المشتعلة على حدودها الغربية. وفي هذا التقرير نلقي نظرة اقتصادية على ملف النفط الليبي في محاولة لرصد قدرات ليبيا الكبيرة في هذا المجال الذي جعلها مطمع لتركيا وغيرها من القوى. تذخر ليبيا باحتياطيات نفطية هي الأكبر في قارة أفريقيا، كما أنها عضو فاعل في منظمة الدول المُصدرة للنفط "أوبك". وتضم منطقة الهلال النفطي شرقي ليبيا، أهم موانئ ليبيا النفطية، وتمتد على طول 250 كيلو متر على البحر المتوسط بين سرت وبنغازي، ويفتح السيطرة على سرت الطريق لإحكام القبضة على هذه الموانئ النفطية. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم السبت الماضي إن سرت والجفرة خط أحمر بالنسبة لمصر. وتبعد سرت نحو ألف كيلومتر عن الحدود المصرية، كما أنها تقع في المنتصف بين العاصمة الليبية طرابلس، وبنغازي. ويدور صراع بين حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، التي تحاول التقدم نحو سرت التي تسيطر عليها قوات المشير خليفة حفتر. هلال ليبيا النفطي تبلغ احتياطات النفط المؤكدة في ليبيا بنهاية عام 2018 نحو 48.36 مليار برميل، وفقًا لبيانات منظمة الدول المُصدرة للنفط أوبك. وتبلغ حصة ليبيا من احتياطات المنظمة 4.1% وتحتل المركز السابع في قائمة المنظمة لأكبر الدول من حيث الاحتياطات. وخلال العام الماضي كانت ليبيا تنتج يوميًا 1.2 مليون برميل إلا أن التوترات التي شهدتها خفضت هذه الكمية، كما أن منظمة أوبك أعفت ليبيا من تخفيضات الإنتاج التي بدأتها منذ عام بسبب انخفاض إنتاجها بالفعل. ويقول معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إنه بإمكان ليبيا إنتاج حوالي 1.3 مليون برميل من النفط يومياً للسوق العالمية. وكانت ليبيا تنتج1.6 مليون برميل يوميًا قبل الأحداث التي أنهت حكم الرئيس الليبي معمر القذافي. وبلغت إيرادات بيع النفط الليبي العام الماضي، 22.5 مليار دولار في العام الماضي، وفقًا لرويترز. ووفقًا لبيانات منظمة الدول العربية المُصدر للنفط "أوابك" فإن صادرات النفط الخام الليبي بلغت 998.6 ألف برميل يوميًا في 2018. فيما بلغت طاقات مصافي البترول يوميا 380 ألف برميل وبلغ إنتاج المشتقات اليومية 70 ألف برميل يوميًا، وفقًا لبيانات أوابك. أين تقع حقول النفط الليبية؟ تعتبر منطقة الهلال النفطي، أبرز المناطق التي تضم حقول نفط ليبية، ويمثل إنتاجها 60% من صادرات النفط الليبي. وتقع هذه المنطقة في حوض سرت الذي يقع شرق ليبيا، ويضم 16 حقلًا منتجًا منها حقل السرير أكبر حقول ليبيا إنتاجًا على الإطلاق. وهذه المنطقة بها 4 موانئ رئيسية هي ميناء الزويتينة والبريقة ورأس لانوف والسدرة، وجميعهم يطلق عليهم الهلال النفطي، نظرًا لأن شكل المنطقة يشبه الهلال على الخريطة. وتعتبر المنطقة موردًا مهمًا لخام النفط الخفيف منخفض الكبريت الذي تصدره ليبيا. وينتشر النفط الليبي فيما بعد في عدة أحواض منها حوض غدامس ويقع في الشمال الغربي من ليبيا، وتمتد أجزاء منه داخل حدود تونس والجزائر، وحوض مرزق في الجنوب الغربي وحوض تريبوليتانيا البحري الذي يقع في المياه الليبية إلى الشمال الغربي باتجاه مدينة صبراتة. وفي ليبيا نحو 31 خطًا لأنابيب النفط الخام بطول 3489 ميل، بحسب بيانات المنظمة العربية للدول المصدرة للنفط. ويعتبر النفط الليبي والسيطرة عليه ضمن أطماع تركيا وسببًا في مساندتها قوات فايز السراج. وأعلنت تركيا في مايو الماضي أنها ستبدأ التنقيب عن النفط في البحر المتوسط، في غضون 3 أشهر. وأبرمت الحكومة التركية العام الماضي، اتفاقيتي تفاهم مع حكومة الوفاق الوطنية في الغرب الليبي، إحداهما لترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر المتوسط، في محاولة من الأولى لوضع قدم في منطقة شرق البحر المتوسط، وأعقبه تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تفيد أن البلدين يعملان مع شركات دولية للتنقيب عن النفط والغاز في المتوسط. وتعتبر الاتفاقية منافية لقانون البحار الدولي، كما أنها تتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي، كما أن مصر واليونان وقبرص والاتحاد الأوروبي اعترضوا عليها.
