تعاني البورصات العالمية، من تراجع حاد في مؤشراتها منذ بداية الأسبوع الجاري، مدفوعة بالهبوط الكبير في الأسواق الأمريكية. البداية كانت من مؤشري داو جونز الصناعي، وستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا، في أمريكا، ثم انتقلت إلى الأسواق الآسيوية والأوربية، ولحقت بها الأسواق العربية والبورصة المصرية. وهوت الأسهم الأمريكية، في تعاملات متقلبة أمس، لينهي مؤشر داو جونز جلسة التداول في بورصة وول ستريت منخفضا 1175.21 نقطة، بنسبة تراجع 4.6%، وهو أكبر تراجع له منذ عام 2008. وهبط ستاندر آند بوردز، أمس الإثنين، 113.19 نقطة، بنحو 4.10%، وهو أكبر هبوط يومي للمؤشر في أكثر من 6 سنوات منذ أغسطس 2011. لماذا تتراجع الأسواق الأمريكية؟ يرى المحللون أنه لا يوجد سبب واضح للهبوط الحاد للأسواق الأمريكية، لكنها تؤثر بشكل أساسي على حركة الأسواق في باقي العالم. وقال الخبير الاقتصادي وائل النحاس، إن سبب الهبوط الحاد في الأسواق الأمريكية، قد يكون سياسيا، لأنه لا يوجد سبب اقتصادي يدفع المؤشرات الأمريكية لمثل هذا التراجع، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن الأزمة الخليجية، ودفاعه عن قطر. ويرى النحاس، وفقا لتصريحاته لمصراوي، أن هذا "الخلاف" السياسي، أدى إلى عمليات بيعية كبيرة في استثمارات الخليجيين في الأسواق العالمية، كأحد طرق الضغط العربية، وإثبات قدرة المستثرين والدول العربية على التأثير في الاقتصاد الأمريكي، ردا على تصريحات ترامب. وقال النحاس، إن التأثير على الأسواق الأمريكية ينعكس بالتأكيد على الأسواق العربية، وهو سبب تراجع الأسواق الخليجية وبورصة مصر خلال المرحلة الحالية، خاصة مع تراجع أسعار النفط بعدما كانت كسرت حاجز ال 70 دولارا. ووفقا لوكالة رويترز، تراجعت أسعار النفط بأكثر من 1% اليوم، مواصلة هبوطها منذ الجلسة السابقة، مع هبوط الأسواق المالية العالمية في أعقاب واحدة من أكبر الخسائر التي سجلتها وول ستريت خلال التعاملات على الإطلاق، ليسجل خام برنت في العقود الآجلة 66.91 دولار للبرميل، وهوأقل بأكثر من أربعة دولارات عن أعلى مستوى في 2018 الذي سجله الخام الشهر الماضي. وقالت صحيفة وول ستريت جورنال، إن هناك حركة بيع عنيفة بأسواق الأسهم العالمية، محاولة إيجاد سبب لهذه التراجعات. وقالت الصحيفة، إن الأمر يمكن تفسيره بأحد سببين: الأول هو حركة تصحيح معتادة حينما ترتفع أسعار الأسهم والثاني يتعلق بمخاوف المستثمرين في أسواق الأسهم والسندات. وما يحتاج المستثمرين للتفكير فيه الآن هو ما إذا كان هذا التراجع الذي طال انتظاره، هو حركة تصحيحية أم أنه بداية اتجاه هبوطي عام للسوق، وفقا لوكالة رويترز. ورأت صحيفة فاينانشيال تايمز، أن الهبوط العنيف لأسواق الأسهم قد يؤثر بالسلب على أسواق الاندماجات والاستحواذات حول العالم. وفي محاولة لتهدئة المستثمرين ومخاوفهم، قال المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين أمس، إن "الأسواق تتقلب، لكن أسس هذا الاقتصاد قوية جدا وهي تسير في الاتجاه الصحيح". متى تنتهي الأزمة؟ توقع الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، استمرار الأزمة في الأسواق المالية العالمية، خلال الفترة المقبلة، إن لم تجتمع الأطراف السياسية للتهدئة، "خاصة أن حجم الديون في تمويل الأسهم الأمريكية مرتفع جدا، وهو ما يدفعها لمزيد من الخسائر خلال الفترة المقبلة، وهو ما يحدده مدى قدرة المؤسسات على تمويل الأسهم ومدى استرداد الأموال لغلق المراكز المكشوفة". وحذر النحاس، أنه في حال استمرار الهبوط الحاد للمؤشرات، قد تتجدد أزمة "الإثنين الأسود" لكنها ستنطلق من البورصات إلى أزمة مالية عالمية، نتيجة تأثر القطاع المصرفي نتيجة عدم قدرته على استرداد الأموال الممنوحة، وكذلك تأثر قطاع العقارات، وارتفاع الفائدة الذي تنتظره أمريكا خلال الفترة المقبلة خاصة أنها تنتظر موجة تضخمية نتيجة رفع الأسعار. وتأثرا بالموجة العالمية، هبطت الأسهم الأوروبية اليوم، لأقل مستوى منذ أغسطس 2017 مع اشتداد موجة البيع العالمية وزيادة التقلبات بفعل المخاوف المتنامية بشأن التضخم وارتفاع عائدات السندات، وفقا لرويترز. ووفقا لما نقلته "بي بي سي عربية" هبطت الأسواق العالمية بشكل حاد مع استمرار مخاوف المستثمرين من استمرار تراجع الأسواق الصينية. وأغلق مؤشر فوتسي 100 منخفضا 4.6%، مع انخفاض الأسواق في فرنسا 5.5% وألمانيا بنسبة 4.9%، وخسر مؤشر فوتسي 100 73.75 مليار جنيه استرليني بسبب الانخفاض الحاد الذي شهده يوم الإثنين. ومنيت الأسهم الآسيوية بخسائر كبيرة ليلا، وأغلق المؤشر الرئيسي في الصين "شنغهاي كومنوزيت" بهبوط 8.5% فيما يعد أسوأ خسائره منذ عام 2007. وفي آسيا، تراجع مؤشر نيكي الياباني، أكبر سوق للأسهم في المنطقة، بواقع 2.8% في التعاملات الصباحية اليوم، وهو ما يمثل أقل مستوى للمؤشر خلال خمسة أشهر تقريبا. وفي أستراليا، هبط مؤشر إيه إس إكس 200 بواقع 2.9%. وكذلك هبطت بورصة السعودية بنحو1.4% وبورصة الكويت بنحو 1.3%، وبورصة قطر بنسبة 1.6% والبحرين بنسبة 0.8%، وتراجعت بورصات دبي بنسبة 1.6% وأبوظبي بنسبة 1.05% وعمان بنسبة 0.6%.، ومصر بنسبة 2.3%.