تصوير: أحمد دريم "رينسانس أسيوط" ليست مجرد دور سينما عادي موجود بقلب الصعيد المحروم والمهمش بشكل كبير، وإنما هي تراث وإرث ثقافي يري الكثير من المثقفين أنه يجب الحفاظ عليه، ولكن دور السينما الآن أصبح ضحية الاستثمار من قبل بعض رجال الأعمال، وقد بدأ ذلك بهدم مقر سينما رينسانس أسيوط المتواجدة بميدان المجذوب وسط مدينة أسيوط، "ولاد البلد" رصدت استغاثات من قبل الكثير من المواطنين والمثقفين. آراء مواطنين تقول أسماء عبدالفتاح، من مدينة أسيوط، هدم سينما رينسانس، مرفوض تمامًا ليس فقط لأنه المكان الترفيهي الوحيد المتواجد بالمحافظة، ولكن لأنه مكان آثري يجب الحفاظ عليه وليس هدمه، وبيع المكان لرجال أعمال وخصخصة كل ما تمتلكه الدولة في صالح رجال الأعمال شئ يحتاج إلي وقفه من قبل الجميع، وهذا ليس في الصالح العام، مضيفًة أن هناك تعمد حقيقي لتهميش الصعيد وحرمانه من الفن وأي منطلق حقيقي للإبداع. ويضيف أحمد عبدالرحمن، من مدينة صدفا، نسأل لماذا تخالف مجالس المدن والمحافظات القوانين جهرًا وعلنًا، وبدل أن تكون راعية لهذه الأماكن ومشرفة على حسن استثمارها وسلامة أدائها لدور يدخل في نطاق تثقيف وتوعية وتطوير نجدها تلهث مع المستفيدين لاستثمار الأماكن التي بات ثمنها بالمليارات. ويتابع عبد الرحمن لا أحد ضد التطوير، لكن حتماً لا أحد يوافق على هذا الاستغلال العلني للمكان والمساهمة ببنود الجانب الثقافي والمعياري الذي وإن كان دوره محدوداً في السنوات السابقة، إلّا أن هذا لا يبرر أبداً أن يتم إلغاء دور سينمائية مرخصة ومستفيدة من شروط وتسهيلات ومراسيم استثمار الدور السينمائية . آراء مثقفي أسيوط يقول أحمد مصطفي علي، باحث وقاص من أسيوط، إن المشكلة الحقيقية تكمن في إنتصار رجال الأعمال مع السلطة في هدم نشاط ثقافي وترفيهي، وقدر رجال الأعمال في تحويل رخصة السينما من نشاط ترفيهي إلي نشاط تجاري، وهذا لن يحدث بسهولة بكل تأكيد، ولكن بتأيد تام من قبل المسؤولين، وهذا عدم إدراك بأهيمة دور السينما في مقابل مكاسب مالية وعلي حساب الجماهير. ويضيف علي أن بداية الموت الحقيقي لهذا كانت في أواخر حكم مبارك، ببيع السينما الصيفي والشتوي، وبيع قطاع الإنتاج السينمائي المملوك من الدولة لرجال الأعمال، والموتة الثانية تحدث الآن وهي هدم سينما رينسانس أسيوط، والسؤال الحقيقي الذي يطرح نفسه هنا هو أين دور الآثار في ذلك؟ هل تكتفي فقط بتصنيف الآثار المتواجدة في أسيوط من قصور وتحف فنية من تصنيف آثري إلي تاريخي فقط، من أجل سهولة بيعها لرجال الأعمال الموضوع غاية في الخطورة، في ظل غياب الوعي بما يحدث في أسيوط. ويتابع علي أن القصور والأماكن الآثرية بأسيوط، كان من الممكن أن تكون متنفس حقيقي للمدينة ولجمهور أسيوط في وجود منظر جمالي حقيقي وسط المباني والعمارات التي تخنق المارة بوجودها، فقد أصبحت مسخ يشوه كل شئ، ولكن علي العكس تمامًا نري المباني تقوم علي حساب تاريخ حقيقي وإرث كان يتوجب علي الجميع الحفاظ عليه بدلًا من هدمه بكل سهوله دون أي تفكير في عواقب هذه الأمور. ويستكمل علي أنهم الآن قاموا بإغلاق المتنفس الترفيهي الوحيد المتواجد في أسيوط بالنسبة للشباب، فهل ننتظر أن تقوم داعش ببناء دور تابع لها وبإنتاج قوي ليكون النموذج الحقيقي أمام الشباب، بعد هدم دور السينما الجيد والهادف، فعلي سبيل المثال قصر الكسان كان من المقرر فتحه في2007، وحتي الآن لم يتم فتحه ودائما يقولوا في العيد القومي القادم، ولكن لا أحد يعلم متي حقًا، والمشكلة في النهاية تكمن في عدم إدراك المسؤول بمسؤوليته تجاه المكان الذي هو فيه ووجود رجال أعمال في مناصب لا يستحقونها بالتعاون مع السلطة. يقول سعد عبدالرحمن، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة السابق، لا بد أن يكون هناك للدولة ووزارة الثقافة والمثقفين دور لوقف المذبحة التي حدثت لدور السينما في أسيوط، فإذا كنا نريد محاربة الإرهاب في البلاد علينا حقًا الإهتمام بتطوير دور السينما وليس هدمها ليس فقط في أسيوط ولكن في كل المحافظات في مصر. ويتمني عبدالرحمن أنه يتم تحديث دور السينما في قصور الثقافة، وتطويرها إحلال وتجديد وهناك دور سينما تحف "تتحط في متحف لإنها تاريخ"، ففي الماضي كان الاهتمام أكبر بدور السينما، ورغم كل هذا التقدم نري تراجع ملحوظ في الاهتمام بالسينما، وأتذكر عربة البراجة التي كانت تعرض في كل المحافظات من قبل ما يسمي بالجامعة الشعبية، وهي الآن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وكانت تعرض في أسيوط في شارع الهلالي، وأيضا كانت هناك سينما في أبوتيج، والقوصية والسينما الشتوي والصيفي بأسيوط، جميعها أختفي وتم هدمه وطمسه بدلًا من تطويره لتوعية الشباب من الأفكار المتطرفة، وأيضا السينما كانت ومازالت متواجدة بالمعهد الأزهري بأسيوط، وهذه معلومة قد لا يعلمها الجميع، فجميع الدول المتقدمة تهتم بالسينما وليس بهدمها كما يحدث الآن لسينما رينسانس أسيوط. رئيس المعهد العالي للسينما بالقاهرة تقول دكتورة مني الصبان، رئيس المعهد العالي للسينما بالقاهرة، ورئيسة مهرجان أفلام سينما الديجيتال بأسيوط لعام 2015، وصاحبة فكرة إنشاء أول مدرسة عربية للسينما والتلفزيون علي شبكة الانترنت، ل"ولاد البلد"، إن ما يحدث من هدم لسينما رينسانس أسيوط كارثة حقيقية، فلماذا يتعمدون حرمان الشباب والأطفال من وجود هذا المتنفس الهام في قلب الصعيد، فالصعيد حقًا يحتاج إلي وجود دور السينما بشكل كبير، فأنا شخصيًا لم أذهب إلي نوادي أو خلافه عند طفولتي بل كنت دائمًا نمكث في السينما منذ الصباح"لدرجة كنا بنأكل ونشرب وإحنا بنتفرج علي الأفلام"، لأنها حقًا مكان حقيقي لتعلم وتوجيه الأطفال والشباب. وتضيف الصبان أن السينما هي أهم العناصر التي يجب تواجدها في كل مكان، حقُا لا علم الثقافة في مصر"رايحة لفين أنا حقيقي مش عارفه أيه اللي بيعملوه فينا وفي الشباب حرام اللي بيحصل"، الصعيد أصبح الآن خاليًا من كل دور السينما فبدلًا من زيادة دور السينما نقوم بهدمه! مسؤولين بثقافة أسيوط أشار ضياء مكاوي، مدير قصر ثقافة أسيوط أن دور عرض سينما رينسانس أسيوط، غير تابعة لقصور الثقافة، وأن ما يحدث الآن من هدم للسينما شئ غير طبيعي، فسينما ريسانس متواجدة منذ الثلاثينات، وهي من أعرق الأماكن المتواجدة بأسيوط، وأنا شخصيًا غير مقتنع بقرار هدمها فمصر كانت من رواد صناع السينما في الوطن، وصناعة السينما مهمة جدًا وهي الفن السابع وهي الصناعة الناعمة التي نحتاج لها جميعًا. ويوضح مكاوي أن شعب أسيوط شعب مثقف وواعي ويحتاج لدور العرض، ورينسانس هي دور العرض الوحيد المتواجد لهم، وعلي سبيل المثال سينما قصر ثقافة أسيوط يستقبل أسبوعيًا 500 فرد، وهذا دليل قاطع علي اهتمام الأسايطة، ووعيهم بدور السينما، وقد وصل عزاء نادي السينما بثقافة أسيوط إلي 480 عضو، كنت أتمني أن تظل سينما رينسانس قائمة وبكل تأكيد نرفض قرار الهدم الذي يهدم معه تاريخ والأمل الوحيد المتبقي لدور العرض في أسيوط. يقول عبدالعال زهران، مديرع فرع ثقافة أسيوط، إن هدم سينما رينسانس أسيوط خسارة كبيرة بالفعل لكل أسيوط، خاصة أن أسيوط بها ثلاثة جامعات وهي جامعة الأزهر وجامعة أسيوط، والجامعة العمالية وهي المتنفس الوحيد لهم في المحافظة، ومهما كان التقدم والتطور الذي يمر به العالم تبقي السينما لها نكهتها الخاصة وجمهورها الخاص. ويتابع زهران أن المهندس ياسر الدسوقي محافظ أسيوط، كان قد عرض علينا توفير دور سينما بديل في قصر الثقافة، وأرسل لنا مندوب من المحافظة بعد اتصال هاتفي من مدير مكتبه لتوفير المكان وجاء بالفعل المندوب وتم عرض السينما الصيفية، علي المحافظة لتكون بديل لسينما رينسانس بعد تجهيزها للجماهير في فصلي الشتاء والصيف، والثقافة لم تتأخر في ذلك وقد سافرت بشكل شخصي مع المندوب وهو تابع للشركة الهندسية التي تقوم بهدم السينما إلي القاهرة وتم اللقاء برئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الأسبق، ولم يعترض بل رحب بذلك. ويتابع زهران أنه بعد المعاينه للمكان أصبحت التكلفة لتجهيز السينما الصيفية بالقصر تقدر 2 مليون جنيه، وكان هذا منذ عام، وحتي الآن لم يتم أي اتصال من جانب المحافظ أو مكتبه، أو المندوب التابع للشركة الهندسية ولا نعليم لماذا، ولكن من جانبنا كمسؤولين في الثقافة لم نقصر علي الإطلاق، وبعيدًا عن كل هذا أنا أرفض هدم السينما. آراء محافظة وأحزاب أسيوط قال ياسر الدسوقي محافظ أسيوط في تصريحات سابقة، إن أرض السينما والمبنى ملكية خاصة لأحد الشركات، ولا يحق للمحافظة التدخل في الأمر، حتى وإن كان المبنى تحفة معمارية بجانب كونه مكان ثقافي للسينما والفن لسكان المدينة. بينما ترفض أحزاب أسيوط قرار هدم سينما ريسانس أسيوط، وتقول إيمان ثروت، مساعد أمين المرأة بأمانة جنوبأسيوط بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن هدم سنيما رينسانس يعتبر هدم لأهم منابر الثقافة والترفيه بأسيوط، حيث تعتبر المتنفس بالنسبة لأهالى المحافظة، ولابد قبل أخذ قرار الهدم أو التصريح بذلك أن توفر الجهات المعنية كالمحافظة ووزارة الثقافة بديلًا مناسبًا، بالإضافة إلى ذلك أن هدم هذا الصرح لبناء برج سكنى يخالف ما تسعى له الدولة من الحد من التكدس المرورى بالعواصم وزيادة الضغط بها وارتفاع أسعار العقارات.