نيودلهي (رويترز) - ربما تكون منطقة جنوب آسيا تحفل بالعديد من النساء اللائي يصلن للمناصب القيادية وربما تكون مركزا للثقافات التي تقدس الامومة الا أن كثيرات من النساء تتعرضن لعنف بالغ وتفتقرن للكثير من حقوقهن الاساسية. ويقول خبراء في اشارة الى الزواج القسري في أفغانستان وجرائم القتل من أجل الشرف في باكستان والتخلص من الاجنة الاناث في الهند والاتجار في النساء في نيبال ان المرأة تواجه في جنوب اسيا سلسلة من المخاطر الا أن زيادة الوعي وتحديث القوانين والتمكين الاقتصادي عناصر تحقق تغيرا بطيئا في السلوكيات. وتقول ميناكشي جانجولي مديرة منظمة هيومان رايتس ووتش لمنطقة جنوب اسيا "حقا ان سكان جنوب اسيا لا يقدرون بوجه عام بناتهم وهو ما يتضح على سبيل المثال في تراجع نسبة المواليد من الاناث في الهند." واستطردت "العنف الاسري شائع والكثير من أشكال الاعتداءات الجنسية يظل رعبا تتكتمه وتتحمله النساء. ويرجع هذا بشكل كبير الى الثقافات التي تنبع من تقاليد قديمة حين كان الابن هو الوريث ومن يوفر الرعاية في الكبر. ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا جزءا لا يتجزأ من السلوك حيث تأتي النساء في مرتبة أدنى." وتضرب جانجولي مثالا بقضية مختاران ماي الباكستانية التي اغتصبها 14 رجلا عام 2002 لتسوية قضية متعلقة بشرف قرية في مؤشر على عدم تغير السلوكيات منذ قديم العصور. وصدر حكم بالاعدام على ستة رجال في قضية اغتصاب ماي ولكن المحكمة العليا في باكستان أيدت في وقت سابق من العام الحالي حكما بتبرئة خمسة منهم وتخفيف الحكم على واحد بالسجن مدى الحياة. وتعيش ماي الان في خوف من أن يعود من اغتصبوها من جديد. ويقول خبراء أن مثل هذا الظلم للنساء في المنطقة أمر شائع. وفي أفغانستان قطعت حركة طالبان أنف بيبي عائشة (16 عاما) وأذنيها عقابا لها على فرارها من زيجة قسرية. أما في بنجلادش هاجمت مجموعة من الرجال نوران نهار في منزلها حيث قيدوها وألقوا على وجهها مادة حمضية لتعيش حياتها مشوهة. وما هي جريمتها.. رفض محاولة أحد المهاجمين التودد اليها. وأفغانستانوباكستان والهند من بين أكثر خمس دول خطورة على المرأة في العالم وفق استطلاع لاراء خبراء أجرته خدمة تراست لو وهي وحدة لتقديم الخدمات القانونية تابعة لمؤسسة تومسون رويترز الخيرية. ورغم ذلك تتمتع المنطقة بسجل مثير للاعجاب من وصول النساء الى أعلى المناصب السياسية. وفي الهند تعد رئيسة الوزراء الراحلة انديرا غاندي واحدة من أقوى الشخصيات في تاريخ البلاد السياسي. وترأس زوجة ابنها سونيا غاندي الحزب الرئيسي في الائتلاف الحاكم في حين تشغل النساء ثلاثة مناصب سياسية رفيعة أخرى وهي منصب رئيس البلاد ورئيس مجلس الشعب وزعيم المعارضة. وفي بنجلادش رئيسة الوزراء هي الشيخة حسينة وفي باكستان شغلت بينظير بوتو التي اغتيلت عام 2007 منصب رئيسة الوزراء. أما في سريلانكا كانت سيريمافو باندرنايكه أول رئيسة وزراء منتخبة في العالم عندما تولت المنصب عام 1960 . ولكن بوجه عام فان هذا الجزء من العالم ما زال محافظا والتقدم الذي أحرز لحماية النساء ضعيف. تقول هيئة الاممالمتحدة للمرأة المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ان كل ثلاث دقائق ترتكب جريمة عنف في حق امرأة في جنوب اسيا. ويضيف خبراء أن العنف الاسري والاغتصاب والتحرش الجنسي وزنا المحارم والهجمات بمواد حمضية "هي فقط قمة جبل الجليد". الا أن العنف ليس المشكلة الوحيدة. فالمرأة تتعرض للتميز وليس لها رأي في حياتها. وترتفع نسبة الوفيات بين نساء جنوب اسيا عند الولادة -500 من بين كل 100 ألف- أي أكثر من أي مكان اخر في العالم باستثناء منطقة افريقيا جنوب الصحراء. ووفقا للامم المتحدة فان أكثر من نصف النساء في المنطقة لا يمكنهن القراءة أو الكتابة. وهذه الاحصاءات وغيرها تشير الى عمليات تمييز أقل وضوحا مثل عدم حصولهن على موارد بما في ذلك المال والارض وحقوق الميراث وحق التعليم والعمل والرعاية الصحية والتغذية. تقول ماريا خواو رالا قائدة فريق جنوب اسيا بذراع المساعدات الانسانية بالمفوضية الاوروبية "أعتقد أن أكثر سلاح فتاك وصامت بالنسبة للنساء والفتيات هو مزيج من الفقر والوضع الادنى المقترن بالمرأة. "النساء والفتيات هن اخر من يتناول الطعام في المنزل. معظم الوقت لا يتوفر لهن طعام كاف. هن الاكثر عرضة للمرض وكثيرا ما يفتقرن للمال للذهاب لطبيب وهن الاكثر عرضة للوفاة في سن صغيرة." يقول خبراء ان هذه الممارسات تتغير ببطء ويرجع ذلك جزئيا الى زيادة النمو الاقتصادي في المنطقة ووصول القنوات التلفزيونية الفضائية حتى للمناطق النائية والتعرض للقيم الغربية ووصول المزايا الاجتماعية للريفيات اذ تحقق دول مثل الهند نموا يقترب من عشرة بالمئة. لكن المخاطر التي تتعرض لها النساء ما زالت واضحة بشكل صارخ بل أن في بعض الدول تبدأ المخاطر قبل الولادة. ومن القضايا الرئيسية التي تواجه المنطقة الاعداد غير المتوازنة للجنسين وتزايد عدد الفتيات "المفقودات" وهو تعبير يستخدم للاشارة الى قتل الاجنة اذا كانت من الاناث. وأوضحت دراسات في الاونة الاخيرة أنه تم اجهاض 12 مليون حالة بشكل متعمد خلال الثلاثين عاما الماضية في الهند بسبب تفضيل الفتيان في بعض المناطق بالبلاد. ويقول محللون ان العثور على تسعة أجنة لاناث ملقاة في مصرف في غرب الهند يوم السبت دليل اخر على أنه رغم وجود قوانين وسياسات في دول جنوب اسيا مثل الهند الا أن تنفيذها على الارض ضعيف للغاية. ولا توجد رغبة سياسية ولا مال ولا موارد بشرية لتنفيذ السياسات والقوانين المتعلقة بالمساواة بين الجنسين. وتقول منى ميهتا التي ترأس حملة "نستطيع" المناهضة للعنف ضد المرأة في جنوب اسيا والتابعة لمنظمة أوكسفام "لا يكفي أن يكون هناك قانون. يجب أن تتوفر موارد كافية لتنفيذه. "الكثير يعتمد أيضا على ممارسات المسؤولين المحليين المعنيين بتنفيذ التغيير فهم يأتون من نفس المناطق ولديهم نفس التحيز الموجود في المجتمع... لا يعتقدون أن هذا أمر مهم ولا يعتقدون أنه ذو صلة."