تصدر محكمة مصرية الاثنين حكما بحق ثلاثة من صحافي شبكة الجزيرة المحبوسين في مصر والذين يحاكمون بتهم تصل عقوبتها إلى السجن 15 عاما للأجانب و25 عاما للمصريين في قضية أثارت غضبا دوليا. ويمثل أمام المحكمة ثلاثة من صحافيي الجزيرة الإنجليزية هم المصري-الكندي محمد فاضل فهمي مدير مكتب الجزيرة في القاهرة والأسترالي بيتر غريست والمعد باهر محمد وهم محبوسون منذ أكثر من 160 يوما بتهمة نشر أخبار كاذبة ودعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها القاهرة ''تنظيما إرهابيا''. ويحاكم في هذه القضية 20 متهما منهم تسعة من العاملين في قناة الجزيرة بينهم خمسة صحافيين اثنان منهم هاربان. وفي الإجمالي يحاكم 9 متهمين حضوريا و11 غيابيا. والمتهمون هم 16 مصريا وأربعة اجانب. وبدأت المحاكمة في 20 فبراير الفائت برئاسة القاضي محمد ناجي شحاتة، وخلال 12 جلسة ندد محامون والمتهمون بالمحاكمة التي وصفوها بأنها ''سياسية''. ويواجه المتهمون المصريون اتهامات بالانضمام إلى جماعة غير مشروعة تستهدف قلب نظام الحكم بالقوة في إشارة الى جماعة الإخوان المسلمين وهو اتهام تصل عقوبته إلى السجن 25 عاما كما أنهم متهمون بنشر أخبار كاذبة و''الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي''. بينما يواجه المحبوس غريست والأجانب الثلاثة الهاربون اتهامات بنشر أخبار كاذبة ومساعدة المتهمين المصريين في ارتكاب جرائمهم ''من خلال إمدادهم بمواد إعلامية ونشرها، وهي اتهامات تصل عقوبتها إلى السجن 15 عاما''، بحسب محامين. وفهمي الذي عمل لحساب شبكة ''سي ان ان''، صحافي معروف في القاهرة لا تعرف عنه علاقة مع الإخوان المسلمين. أما غريست فعمل لحساب ''بي بي سي'' ونال جائزة بيبودي المرموقة في 2011 على تحقيق صحافي أجراه حول الصومال، ووصل للقاهرة أسبوعين فقط قبل القبض عليه برفقة زملائه في فندق مطل على نيل القاهرة في 29 ديسمبر الماضي. وطالبت النيابة بأقصى عقوبة للمتهمين وقال ممثل النيابة في مرافعته الختامية ان هدف الجزيرة هو ''اظهار البلاد بمظهر سيء.. وكيف يتم هذا إلا بالكذب والتضليل''. لكن الأدلة الخاصة بالصحافيين التي عرضتها النيابة في القضية لم تتضمن سوى فيديوهات من قنوات غير الجزيرة وتسجيلات صوتية رديئة الجودة وغير مفهومة. ولم تقدم النيابة أدلة تثبت أن المتهمين تلاعبوا في الفيديوهات أو بثوا أخبارا كاذبة معينة، بحسب مراسل فرانس برس الذي حضر جميع الجلسات. وخلال الجلسات قال المتهمون ان المحاكمة ''ظالمة وسياسية'' وأن القضية ''ملفقة لهم''. وقالت قناة الجزيرة في بيان حديث ''يوم 23 يونيو، العالم كله سيشاهد مصر ليرى هل ستدعم قيمة حرية الصحافة''. ورفضت المحكمة جميع طلبات المحامين بإخلاء سبيل المتهمين كما لم توافق على تلقي الصحافي فهمي علاجا طبيا لكتفه الأيمن خارج السجن إلا قبل أسبوع واحد فقط. وأثارت محاكمة صحافيي الجزيرة انتقادات دولية عدة ضد القاهرة واتهامات بقمع حرية التعبير. ووصفت منظمة العفو الدولية المحاكمة ب''الانتقامية'' معتبرة أنها ''انتكاسة كبرى لحرية الصحافة''، كما طالبت السلطات المصرية ''بإسقاط التهم فورا''. لكن مراقبين يقولون إن القضية مرتبطة بالتوتر السياسي بين مصر وقطر. ومنذ إطاحة الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي في الثالث من يوليو الفائت، توترت العلاقات بين مصر وقطر التي تعد من أبرز الداعمين الإقليميين لمرسي ولجماعة الإخوان المسلمين. ويؤكد مسؤولون مصريون أن قناة الجزيرة القطرية تعمل لصالح الدوحة ضد القاهرة، وأنها منحازة للإخوان المسلمين. وتستضيف القناة باستمرار أنصارا للإخوان ولمرسي من بينهم قيادات إسلامية مطلوبة في مصر. وخلال مرافعته قال المحامي شعبان سعيد محامي أربعة من المتهمين في القضية ''يبدو من الوهلة الأولى أن القضية جنائية لكنها في الحقيقة تفوح منها رائحة الانتقام السياسي''. من جانبه، قال الأسترالي بيتر غريست للصحافيين من قفصه أثناء محاكمته انه ''لا يوجد شيء مما رأيناه في الأدلة يمكن ان يديننا''، وتابع ''إذا ما جرت إدانتنا فسيكون هذا حكما سياسيا''. وبالإضافة للصحافيين الثلاثة، تتضمن المحاكمة ستة متهمين اخرين ليسوا من موظفي الجزيرة خمسة منهم طلاب بينهم ابن محمد البلتاجي القيادي بالإخوان. ويواجه المتهمون الستة الاتهامات نفسها التي يواجهها الصحافيون. وعرضت النيابة تسجيلا صوتيا تضمن أسماء ثلاثة من المتهمين يتفاوضون مع شخص يقول إه يعمل مع قناة الجزيرة على مقابل مادي لتصوير احتجاجات الطلاب في الجامعة، لكن المتهمين الطلاب ينفون التسجيل برمته. وتأتي المحاكمة بعد اسبوع من الإفراج عن مراسل الجزيرة الناطقة بالعربية المصري عبد الله الشامي الذي نفذ إضرابا عن الطعام منذ نحو خمسة اشهر احتجاجا على توقيفه. ووجهت النيابة للشامي اتهامات بالانضمام لجماعة ارهابية في اشارة للإخوان المسلمين وحيازة اسلحة واستخدام العنف بدون ان تحيله للمحاكمة، وهي اتهامات ينفيها الشامي. وفي 2 فبراير الفائت، برأت محكمة مصرية مصورا يعمل في محطة الجزيرة متهما في احداث عنف في القاهرة. ومنذ عزل مرسي، اعتقلت السلطات 15 ألفا من انصاره صدرت ضد مئات منهم احكام بالإعدام في محاكمات جماعية سريعة. ويقول خالد أبو بكر محامي الصحافي فهمي ان ''القضية لم تعد قضية (الصحافيين) المتهمين فقط بل قضية الصحافة والصحافيين'' مضيفا ''أريد حكما يقول إن الدولة تحترم الصحافة والصحافيين''.