هل هو القدر أم ''حب الوطن''؟.. أية صدفة تشاء أن يكون تاريخ استشهاد ''الأخوين'' هو نفس اليوم مع فارق ''ثمان سنوات''؟!.. حلم يوما بالتحليق في السماء، لم يستغل منصب ''أخيه نائب رئيس الجمهورية'' في الهروب من الواجب الوطني.. ليستمر ويقاتل ''كالنسر'' ويفوز بالشهادة فوق أرض سيناء الغالية، ويكون ''شهيد الطلعة الجوية الأولى'' الوحيد. ''محمد عاطف أنور السادات''.. الشاب الوسيم أبيض الوجه، الأخ الأصغر لرئيس الجمهورية، عاش واستشهد في الظل ولكنه استحق وزملائه ''نسور الجو'' منزلة الشهداء . ولد ''عاطف'' بالقاهرة في 13 مارس 1948 لأسرة من ''ميت أبو الكوم - المنوفية''، شاب كغيره من الشباب أنهى دراسته الثانوية وتخرج من الكلية الجوية عام 1966، وقتها كان أخيه الأكبر ''السادات'' نائبا للرئيس ''عبد الناصر''، سافر بعدها للاتحاد السوفيتي للتدريب على المقاتلات الجوية ''سوخوي''، ليرجع و يشارك في عمليات ''حرب الاستنزاف''، ويحلم ''النسر'' وزملاؤه بيوم العبور للشاطئ الشرقي للقناة واستعادة ''قلب مصر .. سيناء''. 5 أكتوبر 1973 .. حالة استنفار وجمع الطيارين المقاتلين في ''دُشم'' مطار بلبيس، إلا أنه كان ''تدريبا'' على تجميع الطيارين استعدادا لحرب، وفي 6 أكتوبر 73، جمع قائد التشكيلة الطيارين وانتظروا حتى ''الواحدة إلا الربع ظهرا''؛ حينها دخل عليهم اللواء طيار ''نبيه المسيري'' رئيس أركان القوات الجوية و أخبرهم أنها ''ساعة الصفر''، وحثهم على القتال بشرف لاستعادة الأرض و ''سمعة الطيار المقاتل'' بعد أن ''ضُربت على أرض المطار'' في النكسة. الساعة الآن الثانية إلا خمس دقائق ظهرا، سرب من 37 مقاتلة جوية طراز ''سوخوي'' يحرسها طائرات ''ميج 21'' من قاعدة ''المنصورة الجوية'' انطلقوا شرقا باتجاه منطقة ''أم مرجم'' و''مطار الميلز''، وكان بينهم ''النقيب عاطف'' . الآن فوق الهدف تماما .. يتلوا ''وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى''.. يلقي القنابل لينفجر ''رادار المطار'' .. دورتين كاملتين قام بهما ''عاطف'' للتأكد من تدمير صواريخ الدفاع الجوي الإسرائيلي ''هوك سكاي''، حاول الجنود الإسرائيليين من على ''مدفع اتوماتيكي مضاد للطائرات'' إرغامه على الارتفاع بطائرته إلى المدى الذي يمكن صواريخهم من إصابته، إلا أن ''النسر'' أصر على المناورة و ''اصطياد فريسته'' وأطلق الرصاص من مدفع الطائرة. ''طلقة النهاية'' جاءت من ''صاروخ محمول على الكتف'' أمريكي الصنع، أسقطت طائرة ''النقيب''.. يتساقط الحطام وتخرج جثته ''متفحمة''، ويأتي ''الصليب الأحمر'' لاستلامه، ويلقي الجنود الإسرائيليين ''التحية العسكرية لجثمان المقاتل''، ويروي أحد الأطباء الإسرائيليين المشاركين بالحرب ''لم نتخيل يوما أن يكون هذا مستوى الطيارين المصريين بعد أن شاهدناهم في حرب الأيام الست''، ويقول'' ازداد خوفنا من انتقام السادات لمقتل أخيه''. الطريق الآن مفتوحا أمام ''القوات المسلحة المصرية'' للعبور واستعادة الأرض، وُرفع ''علم مصر فوقها''، أنباء النصر تتوالى ولا أنباء عن ''عاطف''.. يسأل عنه ''السادات'' ويخبره اللواء ''فاروق أبو النصر'' خبر استشهاد ''عاطف'' فيبكي بشدة لافتقاده ''ابنه وليس أخاه الأصغر''. وفي تكريم المقاتلين يمنح وزير الحربية آنذاك ''أحمد إسماعيل علي'' وسام ''نجمة سيناء'' للشهيد نقيب طيار ''عاطف السادات''، ويتسلمه نيابة عنه ''أنور السادات'' أخوه الأكبر.. وبعد ثمان سنوات، وفي يوم الاحتفال بالنصر 6 أكتوبر 1981، يستشهد ''الأخ الأكبر'' ليلحق بأخيه وابنه وباقي ''النسور'' وأبطال روت دمائهم الطاهرة رمال سيناء.