ما بين الرفض والتأييد.. الخوف والتشجيع، ينظر الشارع المصري للقرض الذي تسعي مصر للحصول عليه بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، في محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر وسد العجز في الميزانية والذي بلغ 11 % من قيمة الدخل القومي. والواقع يظهر إن تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً فهي لم تلجئ إلي صندوق النقد الدولي سوي ثلاث مرات فقط، مرة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ومرتين في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. قرض صندوق النقد 1987-1988 انضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر 1945، وتبلغ حصة مصر في الصندوق حوالي 1.5 مليار دولار، لجأت مصر للإقتراض من الخارج لأول مرة في تاريخها في عهد الرئيس الراحل أنور السادات حيث اتفقت مع صندوق النقد الدولي عام 1987- 1988 علي قرض بقيمة 185.7 مليون دولار من أجل حل مشكلة المدفوعات الخارجية المتأخرة وزيادة التضخم. وبعد الاتفاق علي القرض والموافقة علي شروط الصندوق خرج رئيس المجموعة الاقتصادية لحكومة السادات عبد المنعم القيسوني في 17 يناير 1977 ليعلن أمام مجلس الشعب عن قيام الحكومة باتخاذ مجموعة من القرارات الاقتصادية التي وصفها آنذاك ب''الضرورية والحاسمة''، والتي كانت نتيجتها زيادة في أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والبنزين والبوتجاز والسكر والأرز وغيرها من السلع بزيادة تتراوح من 30 إلي 50 %. وكان للشعب المصري موقفه من هذه القرارات حيث اشتعل فتيل الغضب في الشارع وخرج المواطنون في جميع المحافظات علي مدار يومين 18 – 19 يناير في حالة من الغضب الشديد جراء هذه القرارات مما عرف ب''انتفاضة 18-19 يناير''، وهو ما دفع السادات إلي فرض حالة حظر التجول وأمر الجيش بالنزول إلي الشارع للسيطرة علي التظاهرات. وسرعان ما تراجعت السلطة علي هذه القرارات لتفادي مزيد من التوتر والمظاهرات الشعبية في البلاد. قرض صندوق النقد 1991-1993 ولجأت لمصر للإقتراض للمرة الثانية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك مع حكومة عاطف صدقي حيث اقترضت مصر حينها 375.2 مليون دولار لسد عجز الميزان التجاري. واستطاع رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف صدقي استغلال هذا القرض لعمل إصلاح اقتصادي حقيقي في البلاد حي قام بتحرير سعر الصرف وإفساح المجال لمشاركة القطاع الخاص. وقام صدقي آنذاك بإنعاش سوق المال والبورصة وتعديل القوانين المنظمة للاقتصاد وتقليص دور القطاع العام، وفي تلك الحقبة الزمنية زاد الاحتياطي النقدي وانخفض معدل التضخم واستقرت أسعار السلع. قرض صندوق النقد 1996 – 1998 أما المرة الثالثة التي لجأت فيها مصر للإقتراض من صندوق النقد فكانت في عام 1996 حي طلبت قرضاً بقيمة 434.4 مليون دولار ولم تسحب مصر قيمة هذا القرض واعتبر لاغياً، ولكنه شكل إطاراً سمح لمصر بالحصول علي إلغاء ل50% من ديونه المستحقة لدي الدول الأعضاء في نادي باريس الاقتصادي- مجموعة غير رسمية تضم 19 دولة من أغنى دول العالم وتقدم خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون وتخفيف عبئها علي البلدان المدينة. ومنذ ذلك الحين لم تستعين مصر بأي قروض من صندوق النقد الدولي واقتصر دور الصندوق علي تقديم المشاورات والمساعدات الفنية فقط، حتي جاءت حكومة الدكتور كمال الجنزوري لتعلن عن نية مصر الاقتراض من الخارج وهو الأمر الذي رفضه مجلس الشعب السابق. وطالب المجلس علي إثره بسحب الثقة من حكومة الجنزوري، ولكن مع تولي الرئيس محمد مرسي رئاسة البلاد وقدوم حكومة الدكتور هشام قنديل تمت الموافقة علي القرض كما طالبت بزيادته من 3.2 إلي 4.7 مليار دولار، ومن المتوقع أن توقع مصر علي القرض في نوفمبر المقبل