يبدي المسؤولون عن السياسة المالية في الولاياتالمتحدة استعدادا للعمل على زيادة التضخم قليلا، الامر الذي يرفضه تماما حكام المصارف المركزية في الاوقات العادية، وذلك بهدف تفادي تكرار فشل اليابان في معركتها لكبح انهيار الاسعار. ومنذ تفاقم الازمة المالية بشكل مفاجىء في خريف 2008 اعتمد البنك المركزي الياباني بانتظام نهجا مغايرا للاحتياطي الفدرالي الاميركي. ويبدو ان ما اختبره اليابانيون اثناء "العقد الضائع" في التسعينات هو الذي يتوجب خصوصا العمل من اجل عدم تكراره. واكدت جانيت يلين التي اصبحت نائبة لرئيس الاحتياطي الفدرالي في كانون الثاني/يناير 2009 "ان بنك اليابان كان هدفه الوصول الى مستوى مرتفع للغاية للاحتياطات الفائضة في النظام المصرفي، على امل ان يحفز هذا التدفق الوفير القروض المصرفية الجديدة (...) لكن يبدو ان (هذه السياسة)، لوحدها، لم يكن لها سوى القليل من الانعكاسات على الوضع المالي". ولفت رئيس الاحتياطي الفدرالي في بوسطن (شمال شرق) اريك روزنغرين في 17 تشرين الاول/اكتوبر الى "ان اليابان ما زالت تكافح انهيار الاسعار"، مضيفا ان السياسة المالية التي تنتهجها طوكيو "منعت على الارجح ان يشكل تدهور الاسعار مشكلة اخطر بكثير" لكنها "غير كافية لمنع استمرار انهيار الاسعار وان بمعدل ضعيف". ويعد روزنغرين من كبار الخبراء الملمين بالسياسة المالية اليابانية في الولاياتالمتحدة مع رئيس الاحتياطي الفدرالي بن برنانكي. ويخفي الاخير اليوم ما يفكر به بشأن اليابان، خلافا لموقفه حين وقع عام 1999 حين كان جامعيا مقالة بعنوان "السياسة المالية اليابانية، حالة شلل تفرض نفسها؟". ويستعد برنانكي للقيام بالخطوة التي تنفر منها اليابان: اي التحرك باتجاه "هدف التضخم" من خلال ضخ سيولة في النظام المالي. ويتوقع ان يكون الهدف الذي يتم التعبير عنه عقب اجتماع السياسة المالية مطلع تشرين الثاني/نوفمبر هو تحفيز الاسعار الضعيفة التي لا تشجع على الاستهلاك والاستثمار. وفي الواقع فان الاسعار المستقرة جدا او في انخفاض تدفع الى تأجيل الانفاق. وفي هذا السياق قال برنانكي في خطابه الاخير في 15 تشرين الاول/اكتوبر"ان وضوح الاهداف والاستراتيجيات يمكن ان يساعد على ترسيخ التوقعات بشكل اكثر حزما في مجال التضخم على المدى الطويل وبالتالي تعزيز قدرة البنك المركزي على الرد بقوة على الصدمات". وقبل شهر من ذلك عبرت لجنة السياسة المالية في الاحتياطي الفدرالي عن اسفها لان يكون التضخم "في الوقت الراهن في مستويات ادنى قليلا من تلك التي تعتبرها اللجنة اكثر تطابقا على المدى الطويل مع مهمتها للتشجيع على رفع مستوى العمالة الى الحد الاقصى واستقرار الاسعار". ونادرا ما تقر مصارف مركزية بشكل صريح برغبتها بمزيد من التضخم. فبعد اثنتي عشرة سنة من مكافحة تدهور الاسعار يبدو ان بنك اليابان ما زال متحفظا ازاء استخدام هذا النهج. واوضح حاكمه ماساكي شيراكاوا لصحيفة اساهي شيبمبون الجمعة "ان الجدال في اليابان يتناول غالبا السؤال لمعرفة ما اذا كان يتوجب اعتماد هدف التضخم ام لا. لكننا نعتقد انه ينبغي اجراء مناقشة اكثر توجها نحو المستقبل بحثا عن اطار سياسي مالي اكثر فعالية". لكن الاسعار تتراجع في اليابان بنسبة 1% سنويا فيما ترتفع في الولاياتالمتحدة بنسبة 1,5%. الا ان الاميركيين يريدون استباق الامر. وكتبت نائبة رئيس الاحتياطي الفدرالي في سان فرنسيسكو ماري دالي مؤخرا "ان ما مرت به اليابان منذ بداية التسعينات يشير الى خطر الدخول في فترة من تراجع التضخم تمتد طويلا".