خطف اكثر من مئة مدني في شمال غرب سوريا في عمليات يخشى ان تكون ذات طابع طائفي، في حين تتبادل القوات النظامية والمقاتلون المعارضون اليوم الجمعة القصف في محيط مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري (شمال) تمهيدا لشن هجوم متبادل. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان مجموعات مسلحة موالية لنظام الرئيس بشار الاسد خطفت ليل الخميس سبعين رجلا وامرأة متوجهين على متن اربع حافلات صغيرة الى مدينة ادلب (شمال غرب)، مشيرا الى ان الحادث وقع قرب حاجز للقوات النظامية. واوضح المرصد ان الخاطفين قدموا من قريتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية، بينما يتحدر معظم المخطوفين من قرى سراقب وسرمين وبنش السنية، بحسب المرصد. واتت العملية بعد ساعات من قيام مجموعة مسلحة بخطف اربعين مدنيا على الاقل غالبيتهم من النساء والاطفال، وهم شيعة من الفوعة وكفريا، كانوا على متن حافلة في طريقهم الى دمشق. وتخوف المرصد من ان تكون عمليات الخطف هذه "ذات طابع طائفي"، في بلد متنوع التركيبة الدينية. وتتألف سوريا البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، من غالبية سنية، واقليات علوية (التي ينتمي اليها الرئيس الاسد) ومسيحية ودرزية. وسبق للامم المتحدة ان حذرت من ان النزاع المستمر منذ 23 شهرا واودى بنحو 70 الف شخص، بات "طائفيا بشكل واضح". واليوم، تواصلت اعمال العنف لا سيما في شمال البلاد. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال ان القوات النظامية تقصف "محيط مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري، في حين يرد المقاتلون بقصف متقطع بصواريخ محلية الصنع على مطار النيرب". واوضح ان "النظام يتحضر لعملية واسعة لاستعادة السيطرة على اللواء 80" المكلف حماية المطارين، والذي سيطر عليه مقاتلو المعارضة الاربعاء بعد اشتباكات "ادت الى مقتل ما لا يقل عن 150 شخصا من الطرفين، بينهم ضباط كبار من القوات النظامية". واشار عبد الرحمن الى ان المقاتلين "يحاولون السيطرة على مطار النيرب وتدمير مدرجات مطار حلب الدولي التي يستخدمها النظام لاغراض عسكرية". ولفت المرصد الى ان اشتباكات تدور في محيط بلدة تلعرن في ريف مدينة السفيرة "مع رتل من القوات النظامية متجه من حماة (وسط) ويحاول التقدم الى محيط المطارين". وحقق مقاتلو المعارضة تقدما في الايام الماضية باتجاه المطارات العسكرية في حلب وسيطروا على مطار الجراح علما انهم يحاصرون مطار منغ، ضمن محاولتهم لتحييد المطارات التي يستخدمها سلاح الطيران، وهو نقطة تفوق للنظام في مواجهة السلاح المتواضع في ايدي المقاتلين. وادت اعمال العنف اليوم الجمعة الى مقتل 21 شخصا في حصيلة اولية، بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويقول انه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في مختلف المناطق السورية. ومن الضحايا 11 شخصا قتلوا جراء قصف على مدينة خان شيخون في محافظة ادلب (شمال غرب)، بحسب المرصد الذي تحدث عن اشتباكات في محيط معسكري وادي الضيف والحامدية، يرافقها قصف وتحليق للطيران الحربي في محاولة لايصال الامدادات الى المعسكرين. ويفرض المقاتلون حصارا على وادي الضيف منذ تشرين الاول/اكتوبر الماضي، بعد سيطرتهم على مدينة معرة النعمان، ما سمح لهم باعاقة امدادات القوات النظامية. وفي دمشق، قصفت القوات النظامية حي جوبر (شرق) الذي يضم جيوبا لمجموعات مقاتلة معارضة، مثله مثل بعض الاحياء الجنوبية المتاخمة لريف دمشق. وفي الريف، تعرضت احياء في مدينة حرستا (شمال شرق) للقصف من القوات النظامية التي ارسلت تعزيزات اضافية الى مدينة داريا (جنوب غرب)، والتي تحاول منذ فترة فرض كامل سيطرتها عليها. من جهة اخرى، ردت المدفعية التركية اليوم على قذيفة هاون اطلقت من سوريا وسقطت في اراضيها دون ان تؤدي الى اضرار، بحسب ما افادت وكالة الاناضول للانباء. ولم يعرف مصدر القذيفة التي سقطت في منطقة احراج في بلدة يايلاداغ بمحافظة هاتاي (جنوب شرق) الواقعة على الحدود. وشهدت الحدود التركية السورية مرارا سقوط قذائف من الجانب السوري، كان اخطرها مقتل خمسة مدنيين اتراك في تشرين الاول/اكتوبر. كما شهد مركز حدودي بين البلدين الاثنين اعتداء بسيارة مفخخة ادى الى مقتل 14 شخصا. وبناء لطلب تركيا الداعمة للمعارضة السورية، نشر حلف شمال الاطلسي ست بطاريات صواريخ "باتريوت" المضادة للصواريخ لحماية تركيا من اي هجوم سوري محتمل. وفي غياب اي افق للتوصل الى حل للنزاع الدامي، اعرب السفير البابوي في سوريا المونسينيور ماريو زيناري ليل الخميس عن حزنه العميق لوقوف العالم مكتوف اليدين ازاء ما يجري في هذا البلد حيث "نمشي فوق دماء الضحايا". وقال لاذاعة الفاتيكان "نحن نعيش جمعة عظيمة (ذكرى صلب السيد المسيح) تدوم وتدوم، ولا يمكن بعد رؤية نور الفصح منها (...) اخشى ان يتكرر ما حصل يوم الجمعة العظيمة: اي غسل اليدين (كما فعل الحاكم الروماني بيلاطس البنطي خلال محاكمة المسيح)"، منتقدا بشدة وقوف المجتمع الدولي في موقف المتفرج حيال ما يحصل في هذا البلد. وتنقسم الدول الكبرى في مجلس الامن الدولي حول الازمة السورية، بين الدول الغربية الداعمة للمعارضة، وروسيا والصين اللتين استخدمتا حق النقض ثلاث مرات لمنع صدور قرارات تدين النظام.